Thursday 1 April 2010

الشرق الاوسط 31-3-10

فرصة جديدة للمرتزقة السويسرية

خالد القشطيني

اصبح هذا البلد المترف ، سويسرا، مهددا بالفقر الآن. تصوروا مواطنا سويسريا ينضم عن قريب للشحاذين على كورنيش النيل و يستعطي لقمة عيش من المارة. ولكن من يدري ، ربما يحصل ذلك اذا استمرت هذه التحولات. يقوم الاقتصاد السويسري على ما يجنيه من السرية المصرفية و صناعة الساعات و السياحة. و غدت كلها مهددة. يجري ضغط دولي للقضاء على سرية البنوك. اذعنت سويسرا مؤخرا فقبلت بمبدأ كشف حسابات اي شخصية معينة عند مطالبة البنك بذلك. و المحتمل الآن ان تذعن لكشف كل اسماء المودعين لديه. اذا تم ذلك فستزول أغراءات البنوك السويسرية و تهرب الاموال منها.
و تواجه صناعة الساعات المنافسة الحادة من اليابان التي اخذت تنتج ساعات لا تقل جودة عن الساعات السويسرية ولكن بعشر اعشار ثمنها.
بقيت السياحة ، و لكن هنا ايضا اخذ الزبائن يفضلون الشمس على الثلج و البلاجات على الجبال و يسعون جريا وراء ما يدعى بالأسّات الثلاثة sun, sand, sex(الشمس و الرمل و الجنس). لم تعد سويسرا المنتجع المحبوب بين الاوربين. حلت محلها تايلاند و الفلبين و افريقيا. و هناك شواطيء عمان لمن يبحث عن منتجعات مهذبة و محتشمة.
ما الذي سيفعله السويسريون الحكماء للمحافظة على مستوى معيشتهم؟ اشير عليهم بالرجوع الى ما كانوا يعيشون عليه في القرون الوسطى عندما كانت سويسرا دولة فقيرة، وهو الارتزاق العسكري. كانوا يعيشون من التطوع لحراسة الملوك و الأمراء و القتال دفاعا عن حكمهم. و تهالك القوم على خدماتهم فقد وجدوهم اخلص تماما من مواطنيهم في مهمتهم. رأيت نصبا تذكاريا في لوزان في تحية المائتين و الخمسين مرتزقا سويسريا ابيدوا عن بكرة ابيهم في القتال دفاعا عن لويس السادس عشر. آثروا الموت على كسر تعاقدهم و تعهدهم في الدفاع عنه. وهو ما يحرك في نفسي ذلك السوآل الذي طالما حيرني. اين كان فوج الحراسة الملكي العراقي عندما حاصرت شرذمة من الانقلابيين قصر الرحاب و نسفوه و ابادوا الاسرة المالكة؟
عبرقبل اسابيع نوري المالكي ، رئيس الحكومة العراقية عن يأسه من السيطرة على الأمن نظرا لضلوع المسؤولين عن الأمن انفسهم في عمليات خرق الأمن. وهو ما عانى منه الأمريكان ايضا في افغانستان. يدربون الأفغاني على القتال ثم يدير بندقيته عليهم و يهرب. و في الجزائر، اغتيل المدير العام للأمن الوطني علي تونسي . من قام باغتياله؟ اطلق الرصاص عليه معاونه الخاص. لم تعد السلطات في العالم الثالث تثق بحراسها.
جل هذه الانفجارات الحادثة في العراق ترجع للتواطيء بين المفجرين و المؤتمنين على الأمن. اذا كان الفوق يسرق و يرتشي فلماذا لا يحتذي به التحت فيقبض و يفتح الباب للمتفجرت؟ و ما الذي تستطيع السلطات ان تفعله في مثل هذا المأزق، أذا كان حاميها حراميها – كما يقول المثل؟
الجواب هو ان يسمعوا لما اقوله. استوردوا كتيبة من الحرس السويسري. ستكلف كثيرا و لكن النتيجة ارخص و اضمن. سيشتغلون مثل ما تشتغل ساعاتهم ، مضبوطة و مضمونة لعشر سنوات و لا تحتاج للنصب.

No comments: