Thursday 15 April 2010

الشرق الأوسط 15-4-10

هموم العراقي في عبوذيته

خالد القشطيني

العبوذية من اكثر الاغاني العراقية الشعبية شيوعا بين اهل الجنوب. تعبر عن آلامهم و ضيقهم و هموم معيشتهم. وهي من بيتين من بحر الوافر، الأشطر الثلاثة الاولى منهما تنتهي بجناس من نفس الكلمة و لكن بمعان و توريات مختلفة و الشطر الرابع ينتهي بالياء المفتوحة. و لهذا تتطلب حذقا ادبيا من الشاعر و المغني. اختلف الباحثون في اصل الكلمة . رأى البعض انها مشتقة من " ابو اذية" ، اي من يعاني من اذى الحياة. و لربما جائت من العبودية التي يعيشها الفلاح العراقي ، و الله اعلم.
مما علق في ذهني منها كان ما غناه محمد القبانجي ، و مما يصلح ان يكون نشيدا لكل المغتربين العرب من امثالي:
حبيبي لا تقول الدهر سرنا هجرنا ديارنا و للغرب سرنا
وحياتك ما ظهر للناس سرنا لكن دمعي فضحني وعم عليّ
و كما قلت، تعبر العبوذية عن سخط العراقي ولا سيما قرفه من السلطة. روى لي الدكتور ليث الكندي ان رجلا من اهل الناصرية قصد بغداد و خطر له ان يزور صديقه صالح جبر، وكان من سكان الناصرية ايضا و ربطته علاقة صداقة بالرجل، قبل ان يصبح وزيرا للداخلية. توجه الرجل الى مكتبه في السراي و طلب السماح له بزيارته و السلام عليه. ابقوه في غرفة الانتظار حتى انصرم النهار فعاد الى الفندق . كرر المحاولة في اليوم التالي و مرت يومان دون ان يحظى بهذه الزيارة. اخذ وريقة و خط عليها هذه العبوذية و طلب من الفراش ان يسلمها لمعالي الوزير:
الخلق لو مرة يشوف الحق يومن(يؤمن) و عيون الناس عالغلطات يومن (يومئن )
ترضى انت تضل عالباب يومين لو آنا كنت وزير الداخليـــة؟
و تعين السيد معد عامر قائمقاما لأحد اقضية المنتفق في ديار آل السعدون . و حاول السيد معد ان يثبت كفائته في منصبه الجديد في التشدد بتحصيل الضرائب. عانى من تشدده احد وجهاء المدينة عندما امر القائمقام بمصادرة كل ما في بيته من اثاث و حصائر و بيعها بالمزاد لاستيفاء حقوق الحكومة. لم يملك الرجل غير ان يخضع لأوامره ففتح باب الدار للمحصل و الحمالين ليأخذوا ما يأخذون و تركوا الرجل جالسا على الارض لا حول له و لاقوة. و لكنه اخرج هو الآخر ورقة و كتب هذه العبوذية و سلمها لمحصل الضريبة و قال له اعطها للسيد الفاضل القائمقام معد عامر:
ضوا (اشتعل) قلبي و صرت مجنون عامر (مجنون ليلى)
و عســـــــــــى بيتك يا معد لا كان عامر
لو ان يدري من صلبه تصير عامر
عاف امك و عاشــــر له مطيه

No comments: