Thursday 11 December 2008

بين الحلال و الحرام

فيروز

كانت فيروز فتاة مغربية فاتنة امامها مستقبل بارع يبشر بالخير. كان لها وجه جميل فاتح السمرة و قامة رشيقة و مديدة . اضف الى ذلك صوتها السحر و قدرتها على الغناء و العزف على العود. حاولت مساعدتها في امتهان حرفة الغناء و الموسيقى ولكن محاولاتي باءت بالفشل مع الاسف. لم تساعدني الاقدار على ما بذلت من جهد. عرفتها بشتى العاملين في ميادين التلفزيون والراديو والكباريهات ، ولكنهم جميعا اكتفوا بمضاجعتها والتمتع بجسمها ثم طردها من بيوتهم عند الصباح بدون اي شيء في يديها بعد كل ما قامتا بها ليلا في الفراش. توصلت اخيرا الى هذا الاستنتاج. اذا كان ذلك هوكل ما حظيت به ، فلم لا تقبض عليه اجرة على الأقل. و هكذا انظمت لجموع المومسات العربيات العاملات في شارع اجوير رود بلندن.
لم تتوقع اي مرود نقدي مني، فانقطعت عني وانتهت علاقتها بي. ولكنني تمنيت لها الموفقية في مهنتها الجديدة ونصحتها بالتوفير مما تكسبه من ايام شبابها وحفظه لأيام مشيبها. مرت الاشهر والسنوات وكسبت ووفرت فعلا الكثير وانا بدوري تقدمت في عملي الصحافي و اصبت شيئا من الشهرة والشعبية. بيد ان شيئا غريبا اخذ ينغص حياتي في مكالماتها المتأخرة ليلا ، غالبا بعد منتصف الليل، وانا بجانب زوجتي.
" آه خالد حبيبي، كيف احوالك؟ ما سمعت منك من مدة طويلة. نشرت شي كتب جديدة؟ ... اوه يا ملعون. عندك كتاب جديد و ما اهديتني نسخة! ح تخليني ابكي والله! نسيتني. ما بقيت تحبني."
و هكذا كانت فيروز تستمر لدقيقتين او ثلاث بهذه الكلمات الظريفة و المزعجة بعين الوقت قبل ان تسلم علي في الاخير وتدعو لي بليلة هانئة على طريقة المغاربة " بالسلامة". و بتكرر هذه الندائات الليلية المتأخرة ، رحت اتسائل في امرها واستغرب من شأنها. لماذا تخابرني دائما في مثل هذه الساعات المتأخرة ليلا، و كثيرا ما توقضني من النوم؟
لم استغرق كثيرا من الوقت حتى توصلت الى هذه النتيجة. اكتشفت انها كانت تعمل دائما هذه المكالمات عندما تكون في خدمة احد اغنياء وامراء الخليج. لقد نلت بعض الشهرة و الشعبية بينهم ولا سيما بفضل كل ما اكتبه عن النساء والجنس والحب والغرام.
" اوه حبيبتي، انت تعرفين خالد القشطيني؟ هذا الكاتب العظيم . تصوروا! شلون عرفتيه؟ منو عرفك به؟ " ما ان يقولوا ذلك حتى تهرع للتلفون وتعمل لي نداء وتكرر نفس الكلام عن اهمالي لها وعدم إهدائها كتابي الأخير. يسمعون ذلك منها وينبهرون بما سمعوا. و عندئذ يتغير سلوكهم معها و يبدأون بإحترامها كغانية من فئة عليا تختلط بالكتاب و علياء القوم. لا يلحون عليها بأن تعطيهم نيكة من الخلف. يتوقفون حالا عن دلك اعضائها اثناء تناولها عشاءها من كباب وكسكسي. يخاطبونها بست فيروز ، وحتى احيانا " استاذة فيروز، تسمحين تنزعين لباسك." و بدون شك ، تحصل منهم على اجرة اعلى كقحبة راقية تعرف خالد القشطيني.
شاع اسمها بين رواد الدعارة العربية في اجوير رود من مواطني الخليج . يعودون الى دويلاتهم ، قطر او الامارات او الكويت، ويعضون اخوانهم واصحابهم. " رايح للندن! اوه يا عيني على لندن، شلون مركز حضاري ، بس خلي بالك ابن عمي. لا تضيع وقتك مع هالشراميط الرخيصات في الشارع. روح رأسا الى قحبة القشطيني . شوية تكلفك اكثر ولكن اقعد واسمع كل ما تقول لك عن كاتبنا العزيز ابو نايل. تعرفه زين."
الحقيقة انني لا ابالي قط بما تفعله فيروز، (وهذا في الواقع اسمها المهني فقط) لتكسب المزيد من الفلوس من اهل النفط واثرياء المهربين. بيد انني اتسائل، ما هي حصتي من كل ما تكسبه بفضل استعمال اسمي ؟ اليس هذا شيئا معترفا به في منطق اقتصاديات السوق؟ انا عيش من قلمي كعامل كلمات. و فيروز تعيش من فرجها كعاملة جنس، رغم انني اميل الى وصفها بفنانة جنس بما عرفته وخبرته منها. اعتقد انني استحق جزء مما تكسبه من اجرة عن كل نيكة.
افكر الآن باستشارة احد المحامين ممن يتمتعون بخبرة كافية في هذا الموضوع. فلا اريد ان اوقع نفسي بالتورط بجريمة الكسب غير المشروع من مدخول النشاط المخل بالأدب. و لكن اسم الكاتب اسم مهني يحميه القانون. لا اريد ان اسمح لكل فطومة او سلومة او حلومة تمارس البغاء بإسمي و تسيء الى سمعتي مجانا و لوجه الله. هناك ايضا موضوع التعويضات عما اعانيه بفضل نشاطهن. فليس من اللطيف ان اجلس بين كتبي الثقيلة والكريهة، امحص بالوثائق و القواميس، واستلم مكالمة من امرأة غارقة بالشبق و النيك مع رجل اكثر حظا مني. هذا شيء ينطوي بدون شك على منتهى الارهاق والاضطهاد و يستحق التعويض.

قصة قصيرة

أحسن موته

في مقهى السرور اللبنانية الكائنة في شارع اجوير رود بلندن، وهي المنطقة التي اصبحت تعرف بين الناس باسم عربلاند، جلس ثلاثة مواطنين عرب اكثرهم شبابا و حيوية لم يقل عمره عن الثمانين سنة. جلسوا يدخنون النرجيلة و يزجون وقتهم بهذه الهواية المحببة لنفوس سائر بني قومهم ، وهي الكلام، الكلام مهما خلى من أي معنى او هدف او خبر، مفيد او غير مفيد. بيد ان حوارهؤلاء السادة الثلاثة اختلف عما كانت تضج به الطاولات الاخرى من كلام. فبينما تحدث الآخرون عن السياسة واسعارالعملة واجور العاهرات والغرام والجنس وتبادلوا النكات الوسخة ، انحصر كلام هؤلاء الثلاثة في موضوع واحد هو الموت، احسن ما يمكن من الموت و اسوء ما يمكن منه. اخذ الاول نفسا طويلا من نرجيلته بعث فيها فقاعات كبيرة سمعت قرقرتها في الرصيف المقابل ، و ربما في ساحة ماربل آرج ، ثم قال:
-" و مع ذلك ، فانا في رأيي ان احسن موتة يموتها انسان كانت موتة صاحبنا الاستاذ ابو عفيفة. هذي كانت موته … يا سلام ! سكرة".
وضع الرجل اصابعه على فمه كمن كان يتحلى بشيء لذيذ. التفت الأثنان الآخران لكلامه و كأنهم سمعوا توا نبأ من الراديو عن سقوط نظام صدام حسين او استقالة ياسر عرفات من رآسة منظمة التحرير الفلسطينية . شنف الرجلان اذنيهما ، او بالاحرى ثلاث آذانهما . فالاذن الرابعة لاحدهما فقدت وضيفتها منذ اعوام.
واصل الرجل كلامه فذكرهما كيف ان هذا الاستاذ الفاضل ابو عفيفة قضى معظم حياته في النضال الوطني و انتمى الى مختلف الاحزاب السياسية على مختلف ما عندها من برامج . و اعتقل مرتين او ثلاث من اجل المبدأ و الوطن دون ان يحظى بأي تقدير ملموس او اعتراف بفضله او رغبة في الاستفادة من مواهبه و خبرته.
-" و لكن الله رؤوف بالعباد . اذا ضاع الفضل بين الناس فلا يضيع عند الله تعالى."
قال المتحدث . فبعد كل تلك السنين الطويلة و اذ اوشك الرجل على الشيخوخة و فقد الامل في أي شيء، رن التلفون في بيته . مكالمة من مجلس الوزراء . لا ، بل هو رئيس الوزراء نفسه يعرض عليه تسلم وزارة الخارجية بعد استقالة المسؤول عنها، او بالأحرى طرده بسبب فضيحة علاقته مع مظيفة من مظيفات شركة طيران ال ـ عال الاسرائيلية.
تهللت اسارير الرجل و قبل المنصب شاكرا. اجابه رئيس الوزراء: " شكرا استاذ وحيد . راح ابعث لك كتاب التعيين حالا بيد المراسل ، و انشاء الله نشوفك بكره." وضع السماعة على الجهاز و خف راكضا او راقصا الى زوجته ام عفيفة ليخبرها بالنبأ الميمون. " نطلع اليوم نحتفل و نزور الناس و نشوّفهم. هذي حكومة تعرف اوادمها. و بلادنا ما تضيّع مواهب ابناءها."
لبس الزوجان خير ما عندهما من الثياب و خرجا مباشرة الى سوق الذهب.
" حبيبتي الغالية. كل الخير يجي من ورا وجهك الحلو. اختاري أي شي اللي يعجبك .
ولا تبالين بالثمن. احنا الآن وزراء. ولا زم تظهرين بمظهر زوجة وزير. " لم تخيب ام عفيفة ظن زوجها ، فلم يكن من طبعها معاكسته بشيء. دخلت دكان حمدي الصايغ و اشترت قلادة من اللؤلوء الثمين زينت بها جيدها و دفع الزوج المحب الفاتورة بطيبة خاطر. انصرفا لزيارة الأهل و الاصحاب. و ما كان الاستاذ ابو عفيفة يجلس في مكان الا و بدأ الحديث بقوله : " يعني اش اسوي؟ سيادة الرئيس يلح علي . و انا اعتذر و احاول و اقول له شوف لك واحد من الشباب احسن . و لكنه يصر. يقول ماكو احد يتولى شؤونا الخارجية غيري. يعني اش اسوي؟ و كل هالألحاح و الوطن يفرض علينا الخدمة.
-"لا ابو عفيفة يعني هذا واجب . و كل الناس تعرف وطنيتك و معرفتك بالشؤون العالمية."
اختتم الرجل جولته في فندق بغداد حيث تناول عشاءه المفضل من السمك المشوي و البطاطس و السلطة الافرنجية مع قنينة من الشمبانيا الفاخرة . مر بطريقه بمحلات حاجي جواد الشكرجي و استبضع منه كيلو من بقلاوته الفاخرة التهمها في السيارة .و قفل عائدا للبيت حيث وجد بانتظره كتاب مجلس الوزراء بتعيينه وزيرا للخارجية . تناوله بكلتا يديه و قبله كما لو كان بديلا شرعيا للحجر الاسود . سلمه الى زوجته : " شوفي ! شوفي ! عليه توقيع رئيس الوزراء." قبلها ثانية و قبلته زوجته للمرة العاشرة . مسكها من ثدييها ليشبع عينيه من منظر القلادة الثمينة على صدرها. عاد فقبلها . " و تسوين اكثر يا حبيبتي. كل هالخير من ورا وجهك الحلو. "
غيرا ملابسهما استعدادا للنوم و اندسا في السرير الوفير، القلادة مازالت على صدرها و يدها قابضة عليها طوال الليل . رأسها و شعرها الكستنائي المخطط بشعرا ت بيضاء هنا و هناك ، على ذراع زوجها الذي انطلق بالشخير.
اخذ المتحدث نفسا طويلا آخر من خرطوم النرجيلة ، مسح على لحيته البيضاء ثم واصل كلامه: " و لكنها لما صحت من نومها عند الصبح اكتشفت ان اليد اللي نامت على صدرها طول الليل كانت يد ميت. الاستاذ ابو عفيفة فارق الحياة في نومته خلال الليل. هذي يا جماعة ما اعتبرها احسن موتة. مرته حلاله حاضنته و نايمة ، ايده اليسرى على نهدها ، بطنه مليانة بالسمك و البقلاوة و الشمبانيا ، وايده اليمنى على كتاب رئيس الوزراء بتعيينه وزيرا للخارجية بجانبه على الطاولة . راح الى دار حقه بسلام و هو نايم. لا وجع ولا عمليات شق بطن ولا كاميو ثرابي ولا كل هالوجع الراس. ولا حتى فاتورة طبيب . بلاش ببلاش، يا حاج ابو كلاش! موته واحد يحسده عليها."
-" تمام والله. موته واحدنا يتحسر عليها."
فيما عاد ليستأنف الدخان من قارورته ، هاجمته نوبة من السعال الشديد. ظل يكح و يكح الى ان اسعفه الله تعالى ببلغمة كبيرة انتزعها من قصبات صدره و القى بها باصقا على رصيف الشارع و راء الطاولة التي جلس حولها الرجال الثلاثة. " الحمد لله!"
اكمل له زميله الثاني دعاءه بالحمد ، " الذي لا يحمد على مكروه سواه." ثم مد يده في جيبه و اخرج منديلا ورقيا كلينكس و ناوله لصاحبه، " امسح لحيتك من البلغم ابو سعيد ."
- " الله يديمك حجي . هالهوا مال انكلترا ما يلائمني . دائما تلتهب قصباتي هنا. الله الساتر."
- " جر كرسيك. جر كرسيك بعيد من الهوا. انت قاعد بوجه التيار. يا ابو سعيد و عندك ذات القصبات ."
سحب الرجل كرسيه نحو الداخل ليحتمي بحاجز المقهى بعيدا عن الريح فيما اخذ
عيسى بك يتنحنح ليصفي حنجرته و يأخذ بالكلام.
-" صحيح. هذي قصة طريفة . مسألة موتة الاستاذ وحيد العدلي . أكثر الناس يموتون في الليل. قسم و همّ نايمين. قسم وهمّ نازلين ملخ بنسوانهم. موتة مريحة .الانسان هو نايم و تطلع روحه بدون ما يعرف شلون طلعت و منين فاتت . احسن راحة. لا كتاب و لا عذاب. لا فلوس دوا ولا اجرة طبيب. لكن الواحد هنا في هالحالة وهو نايم يموت بدون أي حس او شعور. يعني شيء مثل اللاشيء. لكن آني اعرف موتات اللي فيها انس و سعادة. هذي في رأيي احسن من موتك ابو سعيد ، اقصد اللي رويتها ، موتة الاستاذ وحيد العدلي الله يرحمه. و انا احكي لكم منها موتة تنباس و تنحط على الراس."
وضع عيسى بك مسبحته الضخمة من الكهرب النقي على الطاولة و افرغ في جعبته ما بقي من ماء في السراحية . حمد الله و شكره ثم تنحنح قليلا و انطلق في الحديث.
كان حسنى الجلبي من المدمنين على القمار و كاد ذلك ان يقضي على ثروته و يحيله الى مجرد شحاذ معدم يستحق الصدقة من الرايح و الجاي لولا ان وارداته من شركات النفط كانت اكبر مما يمكن لأي روليت ان تبتلعه. و بهذا الهوس بالقمار اعتاد على الاجتماع بأصحابه كل يوم في قصره العامر قريبا من فونتنبلو ، جنوب باريس. كان منهم وديع بك الذي كسب من المخابرات عشرين او ثلاثين مليون دولار. ثم التاجر الأسكندراني الذي اشترى كل فنادق مدينة سان ستيفن السياحية من ثمن الاسلحة الفاسدة التي باعها للجيش المصري. بينهم ايضا المهرب الكبير الأديب و الشاعر المعروف عبد الصادق حلمي . كل من اشتغل بتهريب المخدرات تعلم الصنعة من عبد الصادق حلمي . كانت اخته متزوجة بوزير الداخلية. كانوا شلة من اكابر رجال المال . أي مشكلة عندك يحلوها بتلفون واحد بمجرد ان تدفع. عيونهم ما تشبع من الفلوس، ولا ايديهم من لعب القمار.
اجتمعت هذه الزمرة في بيت حسني الجلبي و نصبوا المائدة و بدأ البوكر. اعتاد القوم على لعب القمار بمسكوكات الكروكراند الذهب التي كانت تستورد من افريقيا الجنوبية و ملأوا بها سراديبهم تهربا من الضرائب و الحساب. كانت كل قطعة منها تساوي نحو اربعمائة دولار في تلك الايام. و كالعادة بدأوا بعشرة كروكرندات من الواحد في كل دور ثم ارتفع العرض الى عشرين ، فخمسين ، فمائة . غصت الطاولة حتى كادت تنهار تحت ثقل الاكوام الذهبية المطروحة فوقها ، تدور يمينا و شمالا ، اماما و وراء ، من الاستاذ عبد الصادق حلمي الى الجلبي ابو حسون ، ثم تدور الأعمدة الذهبية الى وديع بك ، و لكنها لا تلبث امامه غير لحظات حتى تنقسم ، يذهب البعض الى هذا ثم صاحبه الآخر مصحوبة بكثير من الضجيج و الانين يتخلله الكثير من اسماء الله الحسنى بالدعاء او الشكوى او الحمد و الشكر وهلمجرا. فقد كانوا قوما صالحين و يخافون ربهم و يقضون فرائض في مواقيتها. لم ينكروا قط فضل ربهم عليهم او ينسوا ذكره بأن كل ما اصابهم من خير كان من فضل الله تعالى.
ظلت الاوراق تتداول بين اناملهم و وجوههم الصماء كجرائدنا الوطنية ، لا تنضح بأي مؤشر او دليل او خبر. جاء دور حسن الجلبي ليكشف اوراقه على الطاولة : ستة كلب ، سبعة كلب ، ثمانية كلب ، تسعة كلب ، عشرة كلب .
- " ستريت فلوش ! "
صرخ الجلبي متهيجا . و مد كلتا يديه ليسوق اكوام الكروكراند الى جانبه في حين وقف الآخران اجلالا و احتراما للستريت فلوش الباهر. و لكن الفاضل حسن الجلبي لم يقف معهم . الواقع انه لم يستطع رفع رأسه الذي انهار بفعل نوبة قلبية قاصمة فسقط على اكوام القطع الذهبية التي راحت تتناثر حوله . لفظ انفاسه الاخيرة على اصوات رنين الذهب المتساقط الى الارض.
-" هذي يا سادة ما اعتبره احسن موته . شخص قضى حياته في حب الفلوس يموت محاطا بها و خده فوق مسكوكاتها . ثم يلفظ انفاسه الاخيرة على رنينها السحري ، و لسانه يلفظ بخشوع آخر كلماته في الحياة قبل لقاء وجه ربه : ستريت فلوش. ثم يغمض عينه."
-" ئي نعم عيسى بك . ستريت فلوش."
قال السيد ابو سعيد لزميليه . قال الآخر ،" الله يرحمه. موته تسوى، و احسن من موتة وحيد العدلي في رأيي." لكن السيد جاسم عبد الحق ، المفتش المتقاعد من ضريبة الدخل كان له رأي آخر. " بس يا جماعة الخير انا عندي موته ما تنافسها أي موته اخرى في الروعة. بس اسمحوا لي بالأول ابلع حبايتي ." اخرج السيد جاسم علبة صغيرة من جيبه و التقط قرصا من اقراص ضغط الدم . بلعه مع شيء من الماء رافعا رأسه كمن يتطلع الى السماء .
- " شلون ضغطك هالأيام ابو سليم؟ انشا الله زين."
- " أي زين؟ و كل يوم يخضون اعصابنا بقرار جديد من مجلس قيادة الثورة. "
- " تنقضي. المهم انت هنا و اكو حبوب لضغط الدم براس الشارع."
- " و فياغرا ايضا ."
اضاف السيد عيسى بك . و عاد مفتش الضريبة المتقاعد ليروي حكايته . " احسن موته ماتها انسان حسب رأيي كانت موتة الكمنجاتي ابو ساسون…" و قبل ان يكمل جملته
قاطعه ابو سعيد : " معلوم. و الله عرفت. اليهود حتى بالموت ياخذون احسن موته."
- " بدون شك . واحدهم محضوض حيا و ميتا."
كان ابو ساسون يكسب قوته من عزف الكمنجة في ملهى الجواهري القديم في شرع الرشيد ببغداد مع بقية الجوق . لم يكن من شأن العازفين ان يقعوا في حب احد ممن يعتلين المسرح ، او الشانو كما كانوا يسمونه، من راقصات او مغنيات ، و خاصة عندما يكون العازف من بني اسرائيل. الوقوع في هوى الفنانات شأن من شؤون شيوخ الاقطاع و كبار ضباط الجيش و الشرطة . بيد ان ابو ساسون شق عن الطريق و هام حبا بالرقاصة اللبنانية افتخار. و رغم كل ما جاد به عليها من هدايا و خدمات و مذلة فانها لم تستجب لعشقه. كانت رقاصة محترفة و تحترم اصول حرفتها . و لم تكن الاستجابة لهوى كمنجاتي او عواد او طبلجي مما يليق بأي رقاصة تحترم مهنتها. عبثا حاول الآخرون ثني الاخ ابو ساسون عن رغبته او تحويل هواه بعيدا عن افتخار.
-" يا عزيزي يا حسقيل ، انت يهودي ومن بني اسرائيل وتريد تورط نفسك ببنات الكوييم، هالاسلام و النصارى! صيرعاقل وشوف لك وحدة من بنات دينك واسترعلى حالك قبل ما يطلع لك واحد يحبها. يكسرظهرك و يتهمك بالتجسس لأسرائيل و يلعن حظك."
وكان هذا في الواقع ما حدث. وقع في حب الرقاصة افتخارأمير من امراء الخليج. ظلت تصده عن نفسها حتى جرته الى الزواج بها فحملها عروسا الى دياره . اما حسقيل ابو ساسون فترك البلاد وهاجر الى اسرائيل ثم ترك اسرائيل و هاجر الى لندن حيث تحول من دنيا الموسيقى الى دنيا المال و الاعمال ، كما يفعل أي يهودي عاقل يسمع نصائح امه. ولكن حب افتخار ظل ينهش في قلبه. لم ينسها ، و الظاهر انها هي ايضا لم تنسه. فعندما احتاج زوجهاالأمير الى وكيل لفلوسه وارصدته السرية في الخارج، رشحت له الكمنجاتي القديم. وقام بالمهمة خير قيام. كان يتسوق ويشحن لها حتى ملابسها الداخلية من الستيانات الى لباسات النايلون.
رن جرس التلفون في شقته البسيطة في ميدافيل واذا بالصوت من الطرف الآخر ، صوت افتخارالرقاصة زوجة سمو الامير. " حسقيل عيني، انا في هيثرو . وصلت قبل شويه. لا تطلع من البيت. انتظرني. عندي شغل مهم وياك. تسمع؟ … حبيبي انت."
ادرك السيد جاسم انه قد وصل مرحلة حاسمة من حكايته بعد ان لاحظ الملل يبدو في وجه صاحبيه ، وهما يتسائلان ، اين كل هذا الكلام من صدد ما كانوا يتحدثون عنه. و لكنه اخذ جرعة أخرى من الماء ، مسح شواربه و نادى على الخادم ان يأتيه بقدح جديد ، ثم واصل كلامه.
"ما اطوّل الكلام عليكم. الشغل المهم اللي جاب افتخارلأبو ساسون هوانها تريد منه أن يحبلها و يعطيها ولد. "
مضت مدة غير قليلة و لم تحمل افتخار من زوجها الامير فأدركت حراجة موقفها، لا بل و حراجة موقفه ، و الكل ينتظر منه وريثا للملك و السلالة الكريمة. لم يعد بيد افتخارغير ان تقوم باللازم وعلى مسؤوليتها ، وقبل ان يطلقها و يشوف له واحدة غيرها.
- " لكن يا اخونا جاسم ليش راحت على يهودي من دون الناس؟ يعني ماكو بين المسلمين واحد يقوم بالغرض؟ عيورتهم ماتت؟"
- " لا ما ماتت الحمد لله . لكن لسانهم ما مات. جماعتنا ما يحفظون سر. ثاني يوم كل الدنيا تعرف بالفضيحة. اليهود تقدر تأمنهم على اسرارك. ليش كل اغنياءنا وكلاءهم يهود و ما يتعاملون الا ويا يهود؟ لأن اليهود ما يفضحون اسرارهم."
-" اذا كانوا هالشكل ما يفضحون اسرار، انت شلون عرفت بالقصة؟"
- " اعطيني فرصة با ابو سعيد . اعطيني فرصة اكمل قصتي."
واصل مفتش الضريبة السابق حكايته . وصلت افتخار بسيارتها الليموزين الى بيت الكمنجاتي . افرغت حقائبها و انهالت بالقبل و العناق على ابو ساسون و كأنها قضت كل حياتها تتطلع الى ليلة هذا الوصال. و قام من جانبه بما يلزم و يليق بحفلة عرس طالما حلم بها منذ ان وطأت افتخاربقدميها شانو ملهى الجواهري ، و رقصت وهزهزت بطنها و وركيها امامه. نعم و يقال بحق. ظل حسقيل الكمنجاتي مخلصا طيلة حياته لحبها و ذكراها.
- " انا بخدمتك يا عيوني. أي شي تطلبين."
اكلا و شربا ما طاب من الطعام و الشراب ، ما حل وما حرم منه. اخرج كمنجته القديمة ، ضبط اوتارها و انطلق يعزف لها كل تلك الالحان القديمة ، في حين انطلقت هي فنضت عنها ثيابها و راحت ترقص له كما خلقها الله. تضحك و تغني و تهذرف بالكلام الحلو، حتى دنت ساعة العمل، الشغل المهم الذي جاءت من اجله. وكعادته في كل ما يكلف به، قام ابو ساسون باللازم .
-" و بعد ما فرغ ابو ساسون بزره فيها ، مسك صدره بألم شديد و فارق الحياة. فارق الحياة بين فخذي المرأة اللي حبها طيلة حياته . بطنه على بطنها ، صدره على صدرها ، لسانه في فمها، و ايره في فرجها . موته ملوكيه."
- " ما تصير موته مثل هالموته ابدا."
- " هذا اللي كنت اقوله. كل الزين يروح لليهود."
- " مات قرير العين ، مات و هو يعرف ان الولد اللي بزره من افتخار راح يصير شيخ الأمارة. "
____ 00000 ____


Wednesday 5 November 2008

انا و باراك اوباما

ربما كنت الشخص الوحيد الذي لم يبتهج بفوز باراك اوباما. ليس ذلك اعتراضا مني على لونه او برنامجه او شخصيته. كلا انه رجل طيب و سيسرني بدون شك شرب فنجان قهوة معه. . بيد ان الموضوع هو ان الرئيس بوش كشف عن الوجه الحقيقي للولايات المتحدة كدولة عدوانية تقود نظاما رأسماليا قائما على الظلم و الاستهتار و عبادة المال و خدمة مصالح الشركات و لا تتورع من دوس مصالح الشعوب الاخرى و سلامة حياة الآخرين و انتهاك حقوق الانسان حيثما امكنها. و تأتمر في الشرق الاوسط بما تأمر به اسرائيل و اللوبي الصهيوني. انكشف كل ذلك و فقدت واشنطن هيبتها و قيادتها و هيمنتها على العالم. كما ان انهيار نظامها الاقتصادي و سقوط دولارها شذب سيطرتها على الاقتصاد العالمي. و ترك الشعب الامريكي في حيرة من امره فراح يسترجع و ينقح حساباته و يفكر بمصيره
انتخاب اوباما سيكون بمثابة حزام النجاة للامبريالية الامريكية. . سيوحد الشعب الامريكي و يعطيه هذا الوهم بأنه على ابواب عصر جديد و يؤمل الشعوب الاخرى بأنتظار صفحة جديدة عادلة و منصفة من السياسة الامريكية. سيفوت على الجميع ادراك هذه الحقيقة وهي ان اوباما لم يفز بغير ملايين الدولارات(640 مليون دولار) التي انفقتها اللوبيات و الشركات و المصالح الكبرى من اجل فوزه وفي طليعتها بنك غولدمن ساكس. و هي طبعا ليست على ذلك الجهل الذي يجعلها تعتقد انه سيقوم بأي شيء ضد مصالحها و سياساتها في الداخل والخارج. هناك مثلا اربعون خبيرا اسرائيليا بعملون للبييت الابيض. هل سيجرؤ على طردهم؟ او موازنتهم بعدد مشابه من العرب و المسلمين؟ طبعا لا
ولهذا حزنت جدا على خسارة جون ماكين و شرموطته سارة بالن. كم كان جديرا ان نراها تمثل اولايات المتحدة في كل مجمع و تعطي خير صورة لبلدها
الفوز الوحيد في فوز اوباما هو انه اثبت للعالم ان البراعة و الذكاء و العقلانية ليست حكرا على الجنس الابيض و ان بإمكان رجل ملون ان يفوز برآسة اكبر دولة في العالم مما سيفتح المجال لغيره من الاقليات ان يحققوا مثل ما حقق و يكتسبوا الثقة بأنفسهم تدريجيا

Sunday 2 November 2008

مؤلفات الكاتب

في مكتبة دار الحكمة بلندن

تستطيع الحصول على بعض مؤلفات خالد القشطيني
من مكتبة دار الحكمة او مكتبة الساقي في لندن :
من جد لم يجد: رواية ساخرة تروي محاولة شيوعي
مفصول إعادة بناء حياته في عهد صدام حسين.
حكايات من بغداد القديمة – انا و جدتي : رواية
فكاهية تصور حياة طفل في بغداد الثلاثينات.
من شارع الرشيد الى اكسفورد ستريت: قصص
قصيرة فكاهية.
ما قيل و ما يقول: قصص قصيرة ممعنة بالجرأة
و السخرية.
تأملات في الديمقراطية، بحث يعالج مشاكل تطبيق
الديمقراطية.
على ضفاف بابل: رواية عاطفية ملحمية تعالج
ظاهرة غسل العار و تصور حياة الطائفة
اليهودية في العراق.
ايام عراقية: ذكريات عن الحياة في العراق
ايام فاتت : صفحات من تاريخ العراق الحديث
الشعراء في اخوانياتهم
Dar al-Hikma
88 Chalton St.
London, NW1 1HJ
Tel: 020 7383 4037

Saturday 1 November 2008

الخير في الطريق

درس في التنمية

كواحد ممن شغلتهم مشكلة الفقر و الجوع في افريقيا شعرت بألم و قلق خاص بالنسبة لتلك الدول التي ليس فيها اي مصادر ثروة طبيعية كالنفط او النحاس او الماس كالصومال و مالي و موريتانيا. ارضها صحراوية قاحلة ، امطارها قليلة و زراعتها محدودة. ليس فيها من الآثار التاريخية او المناظر الطبيعية ما يجلب السياح اليها. اي مستقبل كالح ينتظر ابناءها. لاحظت كهاو لكرة القدم ، ان الفرق الاوربية كثيرا ما اعتمدت على اللاعبين الافارقة و دفعت لهم اجورا مغرية. كتبت و قلت ان هذه الدول الافريقية الفقيرة تستطيع ان تكسب لنفسها بابا للرزق من تشجيع ابنائها على اتقان لعب الكرة بما يؤهلهم للعمل في الفرق العالمية و كسب دخل جيد لعوائلهم و اوطانهم. و لكنني منذ ان كتبت ذلك ، لفت نظري شيء آخر استرعى التفكير به.
رأيت قبل اسابيع برنامجا من تلفزيون القاهرة يتناول موضوع الشباب المصريين الذين اخذوا يكسبون دخلا جيدا من مضاجعة العجائز و النساء المحرومات من الجنس من الاوربيات و الامريكيات لقاء اجور عالية. انتشر هذا العمل بصورة خاصة في الاقصر و الاماكن السياحية حيث رأيت عددا منهم يقبضون اجرة بالدولار لقاء مناكحة هؤلاء النساء. هذه مهنة شائعة في الغرب يقوم بها الجيكولو ، اي الرجل البغي فمثلما توجد نساء بغايا يوجد رجال بغايا، يتقاضون اجرة عن نيك اي امرأة مشتاقة للجنس.
بعد ايام قليلة ، شاهدت على التلفزيون البريطاني برنامجا مشابها عن النساء اللواتي يذهبن لكينيا و زمبابوي و نحوها من الدول الافريقية التي اكتسب شبابها شهرة بالفحولة و الباه و كبر القضيب. يدفعن لهم اجرة مقطوعة لقاء كل عملية جنسية حسب نوعها من مص او لحس او ايلاج فرجي او دبري. هذه في الواقع عملية اقتصادية معقولة. فهؤلاء المطلقات و الارملات الامريكيات المليونيرات لا يعرفن ماذا يفعلن بفلوسهن و لا احد يعبأ او يرغب بنيكهن. من المعقول جدا ان ينفقن شيئا من ثروتهن المنهوبة من العالم الثالث على ضحاياهن من هؤلاء الشباب الافارقة الغارقين بالفقر و الحاجة.
سمعت اثناء ذلك ، ان كثيرا من الامريكيات اليهوديات المثريات يذهبن الى اسرائيل املا في الاستمتاع بشاب اسرائيلي لقاء مده بالدولار كجزء من المساعدات الامريكية للدولة اليهودية. تراهن يتجولن في القدس و شنطهن محشوة بالدولارات يبحثن عن هؤلاء الجيكولو و كلهم جيكلو كوشير. بيد ان ما يحدث غالبا كما سمعت ان الكثير من اخواننا الفلسطينيين اخذوا يتظاهرون و يتقمصون شخصية اليهود – وهم مطهرون مثلهم – فينيكون الامريكيات اليهوديات و يستحوذون على دولاراتهن. و الجميع فرحون و ممنونون. الامريكية تبتهج بأنها استمتعت بقضيب كوشير اسرائيلي و الفلسطيني ينتشي بأنه قد ناك عرض واحدة ممن مزقوا وطنه و شردوا اهله.
اوحى لي ذلك بأن هذه الممارسات الجنسية تشكل بابا واسعا من ابواب الاقتصاد الوطني للدول الافريقية الفقيرة. هذا ما يسمى بالسياحة الجنسية. وهي تشكل جزء كبيرا من اقتصاد تايلاند و لكنها هناك تقوم على زنى الغربيين بالصبيان و الصبايا التايلنديات. بالنسبة لأفريقيا ، تأخذ السياحة الجنسية شكل مواقعة الذكر الافريقي للانثى العجوز الامريكية. و هذه نقطة قلما التفت اليها الخبراء الاقتصاديون . الا وهي ان ان هذه الازمة التي تعرض لها النظام الرأسمالي و انهيار قيمة الدولار تعود لحد كبير الى ما انفقته السيدات الامريكيات من اموال على زبوبة الفحول الافارقة.
و كأي فرع من فروع السياحة ، يتطلب الأمر الكثيرمن التطوير و التحسين و التنمية. يأتي في مقدمة ذلك تنمية عضو الرجل الافريقي. و يتطلب هذا تشجيع التقاليد الافريقية القديمة في إطالة الذكر بشده من رأسه عند الطفولة بقطعة ثقيلة تجره و تمطيه و تزيد من طوله بمرور السنين فلا يبلغ الصبي العشرين من عمره الا و يكون ذكره لا يقل عن الثلاثين او الاربعين سنتمترا.
و لكن الأمر يتطلب طبعا تسويق الموضوع بإعلانات و تصاوير مغرية : " زوروا كينيا حيث لا يقل الحجم عن 12 بوصة! " او " تنزانيا
حيث تحصلين على ذروة مضمونة في كل عملية." و كذلك :" زوري بلد السنغال- بلد الحب الشفاهي- بلد المص و اللحس"
" نعم! الحجم مهم . جربي ذلك في الكونغو لتعرفي الفرق."
"زوري الصومال و ذوقي التجربة الفريدة : الاغتصاب بالجملة."
و من المهم تطوير دروس الرياضة في المدارس بحيث تتضمن تمارين رياضية تقوي عضلات الفتى و تمكنه من القيام بعشرات العمليات
الجنسية في اليوم الواحد. كما ان الكثير من المليونيرات الامريكيات قد بلغت سمنتهن حدا بحيث يحتاج الشاب الجيكولوالى قوة عضلية كبيرة لرفع سيقانهن فوق كتفيه. ومن الواضح ان ممارسات المص و اللحس على امتداد الليل و النهار تتطلب تقوية عضلات الرقبة و الفكين والفم واللسان.
يتحمل البنك الدولي و مؤسسات التنمية الامريكية مسؤولية في هذا الموضوع تتطلب تزويد هذه الدول النامية بفنادق مريحة مجهزة بأسرة و افرشة تتحمل اعنف الرهز و الدك و الطحن و بجدران سميكة كاتمة للصراخ و العياط. ومن المهم مدها بحبوب الفياغرا ليتمكن حتى الطاعنين في السن من كسب لقمة عيشهم بمواقعة العجائز الامريكيات و إطفاء شهواتهن العارمة. لقد ثبت ان كل ما قدمته الدول الغربية من مساعدات قد ضاع او سرق . و كانت كلها مضيعة وقت و اموال. الفياغرا تعوض عن كل ذلك. فهذا باب مضمون النتائج طالما كانت هناك عجائز امريكيات يرفلن بملايينهن دون ان يجدن من ينيكهن، وازواجهن مشغولون بنهب ثروات الشعوب الفقيرة و تدمير الاقتصاد العالمي. حبة فياغرا واحدة افضل من مئة دبابة يتبرع بها البنتاغون للشعوب الصديقة لواشنطن فتستعملها في قتل شعوبها و إبادة ابنائها.

على اليمين و على الشمال

يمينا ام يسارا والحب واحد

فيما كنت اعاني من إصابة في ذراعي اليمنى إثر حادثة وقعت لي في احد الباصات العمومية، دعتني السيدة فيرونيكا لحفلة عشاء اقامتها في بيتها بمدينة غيلفورد بجنوب انكلترا. اعتذرت و اشرت الى إصابتي و تعطل يدي بما يمنعني من قيادة السيارة من لندن الى بيتها هناك.
" ولا يهمك. انا آخذك بسيارتي من بيتك في لندن و اعيدك اليه بعد الحفلة. لابد من مجيئك فهناك كثيرمن الاصحاب يريدون التعرف بك."
لم يبق لي اي عذر فشكرتها و اطعت. اجلستني بجانبها في سيارتها الفوكسول و انطلقنا على بركة الله. و في الطريق خطرت لي خاطرة فقلت: " فيرونيكا، هذه اول مرة تأخذينني فيها جالسا بجانبك في سيارتك." ضحكت و اضفت فقلت: " انا اعرف السر! تعرفين ان يدي مكسورة اليوم فتستطيعين ان تطمئني على نفسك منها!"
انفجرنا ضاحكين. بيد ان وجه السيدة الفاضلة عاد فتهجهم. قطبت حاجبيها و قالت: " هذا اخطر. فبيدك الجريحة، لن استطيع دفعها و اردها مغلولة الى عنقك بدون ان اوجعها و ربما اتسبب بكسرها ثانية!" انفجرنا ضاحكين مرة اخرى و السيارة تعدو بنا. " و لن انسى ان عندك يد اخرى صحيحة على شمالك!"
وصلنا مدينة غيلفورد اخيرا دون ان نتوقف في الطريق غير مرة واحدة في غابات ساري. فتحت لي باب السيارة و اقتادتني الى حمام البيت مباشرة.
" يا الله ادخل يا ملعون! اغسل يديك بالصابون جيدا قبل مصافحة الضيوف!"

-------------
قرأ الشاعر السلامي هذه الخاطرة فبعث الي بهذه المقطوهة من شعره و قال: أعذب الشعر أكذبه و الكثير منه توارد خواطر!
لم أدر مافعلت يداي
تركتها في الحب ترتع
هذي تعاليم هواي
انظر إذا ما الحب يبدع
فبدأت أعبث بالخفاياب
الصدر !! عند الصدر أركع
لكنني جزل العطايا
فأردت غيرالصدر ألسع
أمسكت فتان الثنايا
فخدوده أشهى وأمتع
ذاك الذي تهدي الصبايا
لحبيبها والناس هجع
ثم استدرت إلى القفايا
ولبابها الخلفي أصفع
لكنه يخفي النوايا
إذا ما جسته راغ !! تمنع
وأردت أكمال الهدايا
فوقفت وسط الغاب أبدع
أكملت مافعلت يداي
وضممتها مثنى وأربع
وتركت جلاب الخطايا
في جسمها يمضي وينزع
يا من يلمني في هواي
هذا الهوى هيا فأقلع
===================

الفنانون في اخوانياتهم

الفنانون في اخوانياتهم

كنت مع رهط من الشباب و التلامذة العراقيين في مقهى دينوس بلندن عندما وقع نظري في ايام دراسة الرسم على فتاة حسناء من ويلز. استهوتني بجمالها و تقاطيع وجهها . كانت لها عينان ليست زرقاوين كعيون الافرنج ولا سوادوين كعيون المشرق. كانت عيناها على خضرة فاتحة كخضرة الدولار ، يهيم بها المفلس و المثري. لاحظت نظراتي الشرهة نحوها فافترت عن ابتسامة باهتة حالمة ذكرتني فورا بابتسامة الموناليزة الشهيرة. حييت ابتسامتها بمثلها ثم استأذنت للإنضمام اليهاحول مائدتها الصغيرة و الفقيرة. ناديت النادل ليأتينا بفنجاني قهوة و كعكة كروسان . ثم اعربت لها عن شدة إعجابي بجمالها و هيئتها. انتهزت الفرصة فدعوتها الى البيت لأرسمها. يظهر انها تخوفت مما وراء الأكمة فاعتذرت و قالت ، يمكنك ان ترسمني هنا في المقهى اذا شئت. و عجزت من جانبي في إقناعها بحسن النية وشرف الاسلام و العروبة. نفضت يدي اخيرا من الموضوع. دفعت عنها فاتورة القهوة و الكرسان وانصرفت. بعد بضعة ايام استلمت هذه القصيدة من احد الحاضرين لم اعد اتذكر اسمه . دونت القصيدة واهملت تدوين اسم القائل. وقد ارخ فيها الزميل تاريخ الواقعة ، إذ قال:

لفاتنة من البيض الحســـان
من الولش الغواني لست تدري
بهن المحصنات من الزواني
"هلمي ارسمنك غدا." فقالت :
غداة غد ، وفي المقهى الفلاني
فقال: بمرسمي حيث اسـتتمت
زيوت الرسم و الورق الثخان
فقالت لا و من اعطـاك عقلا
و علمك التحايل في البيان ،
اداة الرسـم تجعلها سـلاحا
تدك به فرج الحســان
و اعرف كل ما تبغيه مني
نزول لباسي عن ذاك المكان

و كان يوما من ايام خلت و فاتت

قرأ فنان شاعر آخر القصيدة اعلاه فأوحت له بالابيات التالية انقلها منه شاكرا:

رأيت مليحة وقفت ببابي
وطار لها من الحسن صوابي
وقفت مرحبا أهلا وسهلا
وفز الوغد من بين الثياب
تعالي فاشربي خمرا و بيرة
فردت بابتسام باقتضاب
فقلت لها وقد هاجت أموري
أنا بيكاسو وهذا الفن بابي
سأرسمك شبيهة موناليزا
بألون وألواح عجاب
سأدعوك لبيتي باحترام
لأرسم كاعبا هزت شبابي
فردت يافتى اللوحات مهلا
لتبدي عينها كل ارتياب
طريقك قاصدا رسمي لجسمي
وذاك الوغد يسري وسط بابي!
============

Sunday 5 October 2008

من مكر النساء

من مكر النساء

شكرا يا عزيزتي سامية على تزويدي بهذه الحكاية الطريفة عن مكر النساء. و لكنني اعتقد ان اروع ما كتب في هذا الخصوص كانت القصة التي كتبها الكاتب الايطالي بوكاشيو.

امرأة عثرت على عشيق لها فاحتالت على زوجها و ارسلته في مهمة كاذبة الى بلد آخر. ثم جاءت بعشيقها . و بينما كان العشيق يمارس الجنس معها . سمعت طرقا على الباب. نظرت من الشباك و اذا به زوجها عاد لشيء نساه. بادرت الى إشغاله خارج البيت حتى يفرغ العشيق من عمله و يخرج. فقالت لزوجها من الشباك : حبيبي ها قد سقط مني خاتمي وانا افتح الشباك. ها هو ذاك هاتني به. سألها اين هو فراحت تعطيه التعليمات بيبنما كان عشيقها يواصل مهمته معها. راحت تقول :شوية الى الوراء ... بعد... بعد ...على مهلك ... على مهلك...شويه لليمين ... اصعد شوية لفوق... جيد جيد
... و هكذا الى آخره.
و راح زوجها يتبع توجيهاتها في البحث عن الخاتم الوهمي بينما راح العشيق يتبع نفس التوجيهات في نيك الزوجة الفاضلة و إرضاء رغباتها كاملة
و لا اشك في ان التوريات في الكلمات الايطالية تثير الضحك بشكل رهيب. اعجز عنه.

فتوى

مطلوب فتوى

انني اسكن في ومبلدن، تلك الضاحية البعيدة من وسط لندن. و عندما اعود بالقطار متأخرا في الليل و انا متعب من مشاغل الحياة، كثيرا ما كنت استسلم للنوم. و ما انطبق علي انطبق على كثير من الآخرين. يصل القطار محطة ومبلدن ، المحطة النهائية للخط، و نحن غارقون في النوم و يضطر الصاحي منا الى افاقتنا.
لم اكن نائما عندما لاحظت فتاة مسلمة محجبة وقد استغرقت في نوم عميق وقد توقف القطار نهائيا من سفرته. نزل الركاب دون ان يجرؤ احد منهم على ايقاضها. رأوها فتاة مسلمة محجبة و لم يشأ الانجليز ان يقحموا انفسهم في شؤونها. لم يبق غيري في العربة. خطر لي ان اسأل نفسي، هل سيعتبر الفقهاء وجودنا نحن الاثنين لوحدنا في هذه العربة خلوة صحيحة، ولا سيما بعد ان اطفأ سائق القطار انوار العربة و انصرف الى بيته؟ و مقولتهم تقول ، ما اختلى رجل بإمرأة الا و كان الشيطان ثالثهما.
و ما الذي كانت تفعله هذه الفتاة الشابة في سوهو ، منطقة الملاهي و المراقص و المباذل؟ ولكن بعض الظن إثم . لربما كانت تعمل خادمة في مطعم، او تبيع بطاقات اليانصيب في ساحة الطرف الأغر، او تحضر اجتماعا عن تحرير فلسطين.
اصبحت امام هذا الواجب وهو ان اوقض الفتاة من نومها قبل ان يأتي سائق آخر و يأخذ القطار لكراج القطارات و يقفل عليه. و لكنني تحيرت كيف اوقض هذه المرأة المسلمة؟ ذهبت اليها و ناديتها بالانجليزية. ولم تستجب. ناديتها بالعربية و لم تنفع. افترضت ان اسمها فاطمة فناديتها :" يا فاطمة ، بنتي فاطمة!" لم تستجب يظهر ان اسمها لم يكن فاطمة.
لم يبق غير ان اوقضها جسديا فأهزها من كتفها او ذراعها او اوكزها من صدرها. و لكن ماذا اذا استفاقت و راحت تصرخ " هلب! هلب!" و تتهمني بمحاولة اغتصابها و نحن في هذه الخلوة الصحيحة و هذه العربة المظلمة؟ وفي احسن الاحوال، هل ستفسر عملي ملامسة توجب الإثم؟ خطر لي ان اهز محفظتها التي مسكت بها. ماذا اذا استفاقت و نادت الشرطة واتهمتني بمحاولة سرقة مجوهراتها؟
الحقيقة انني وقفت مشدوها لا ادري ماذا افعل؟ مر بي كناس المحطة فقال : " دعها و شأنها ولا تتعب نفسك. هذي سكرانة. يا ما و يا ما!" اجبته : " لا يا رجل. هذه امرأة مسلمة لا تشرب الخمرة." هز كتفيه و مضى في طريقه و تركني في حيرتي.
اخيرا هداني الرحمن لهذه الوسيلة الحميدة. ان استعمل مظلتي في و كزها على كتفها حتى تستفيق. لا اعتقد ان لمس امرأة مسلمة بالشمسية او العصا يشكل إثم الملامسة. و نساؤنا على اي حال معتادات على العصا. فعلت ذلك واستفاقت الفتاة . فركت عينيها الكحيلتين وتمتمت بلهجة عراقية اصيلة: " الله يرضى عليك . و الله النوم اخذني و آني تعبانة."
حمدت الله على ما فعلت و قد هداني لاستعمال المظلة. فتذكرت حكمة الانجيز: " الجنتلمان المضبوط لا يخرج من بيته بدون شمسية." و لكن هل فكروا بهذا الاستعمال لها ؟
مشيت في طريقي الى البيت و انا يتملكني هذا السوآل . هل يعتبر الفقهاء مس امرأة مسلمة بطارف شمسية ملامسة توجب الحد و غسل الجنابة وتتطلب الاستغفار. وهذا سوآل سأكون شاكرا لمن يعطيني فتوى به. فأنا واثق بأنني سأواجه تكرارا لهذه المحنة و قد امتلأت ومبلدن بالمسلمين و المسلمات.

Monday 1 September 2008

ليلة مع ابن الفارض

لم تكن لهما أي معرفة سابقة قبل تلك الليلة ، ليلة عيد الاضحى ، عندما ذهبا لزيارة نجيب محفوظ في فندق شبرد في القاهرة، ولا عندما خرجا من الفندق . كانت كأي فتاة افريقية سمراء ، لفت رأسها بالفوطة و جسمها بثوب حتى الكعبين ، مخلوقا غريبا بعيدا بالنسبة له. قرأ و سمع عنه الكثير كما قرأ و سمع عن الديناسور و السمور وجاموس البحر، مخلوقات موجدودة و لكن لم يسبق له اتصال مباشر بها. كان هو كذلك مخلوقا غريبا عليها ، عربي مسلم ترك وراءه عروبته و اسلاميته. بهرته حضارة الغرب
و ذاب فيها و عاش ثورتها الجنسية الستينية ، وصاغ تفكيره بماركسيتها ولبراليتها.
سألته عند الخروج من الفندق الى اين انت ذاهب؟ قال تعالي نتعشى معا. انها ليلة عيد. حرام ان يقضيها انسان لوحده. سارا معا لمطعم فلفلة فطلبت صحنا بسيطا من الرز و الخضارثم سألته ، و انت عاوز ايه؟ قال زيك. طلبت صحنا من المهلبي و سألته ، عاوز ايه؟ قال زيك. طلب كأسا من النبيذ ثم سألها ، وانت عاوزة ايه؟ قالت ، لأ ، مش زيك.
- " دي ليلة العيد. الناس هنا يحتفلون بها بشكل رهيب. خلينا نروح للحسين."
اشار على احد التكسيات و لكنها اعطت السائق اشارة مختلفة. خلينا نمشي. المشي اجمل. سارا معا من مطعم فلفلة في طلعت حرب الى سيدنا الحسين. و عندما وصلا هنأ نفسه على ما فعل. فلم تكن المسافة من المسافات التي اعتاد قطعها على قدميه. لم يؤلمه ظهره ولا خدرت ساقه و لا انقطع نفسه، ولا شعر بمرور الزمن. وجد المقاهي و المطاعم مكتضة بالمحتفلين، من يعزف منهم على العود او الطبلة او القيثار . من يغني و يقرأ. من ينكت و من يضحك. من يستعطي و من يعطي. الفقر و الحاجة في كل مكان و معهما روح الرضى و الأمل. معلهش ‍! ربنا يفتح!
جلسا يشربان شاي النعنع فانطلقت تحدثه عن حياتها ، مأساة حبها الاول . لم يحدثها عن حياته ولا عن حكايات حبه فلم يكن يعرف اين يبدأ او اين ينتهي. هل كن ثمانين او خمسة و ثمانين؟ تركها تسترسل في احاديثها و هواجسها حتى قاطعها صوت المؤذن من منارة الازهر. " يا الله نقوم نصلي الفجر. تعرف تصلي؟" امال؟ يعني انا مش مسلم؟ ابويه كان شيخ و معلم دين.
-" طب يالله ! قوم صلي معايا في الأزهر. "
-" لا . مش اليوم. اصلي بكره."
-" ما ينفعش! كل صلا في ميقاتها. مالكش عذر. يا الله قوم."
-" اصل الدنيا برد. اصلي بدون وضو."
-" ما ينفعش! صلا بدون وضو؟ يا سلام عليك!"
التقت عيناه بعينيها ، و منهما شعر بفيض يمتد اليه و يجتاح كيانه و يجرده من كل سلاح او دفاع . مدت يدها الى يديه لتقيمه من كرسيه . لم يقاوم. لم يس
أل . لم ينطق بشيء. وجد نفسه منقادا بيدها. عبرا الشارع الى المسجد. قادته الى حيث نزع حذائه ، ثم الى حيث توضأ مع الآخرين. شعر بنفسه مشمئزا. كل هؤلاء القوم ، هؤلاء البسطاء السذج. كل هذه البرك من الماء العكر المراق على الارض ، وهذا الرشاش و الوسخ. لم يصل معهم. لم ينظم الى صفوفهم. لم يعبأ بندائهم ، " ضموا الصفوف يرحمنا و يرحمكم الله." وقف في آخر المصلى و ادى صلاة الفجر على طريقته. جلس قليلا متربعا و تلى دعاءه الذي اعتاد عليه في سنواته الاخيرة كلما توجه الى ربه بالدعاء. " اللهم اغرس الأيمان في قلبي ، و اجعلني في خدمة الايمان و اربطني بالمؤمنين و المؤمنات." ابتسم قليلا مع نفسه. " يظهر ان سبحانه و تعالى لم يحقق من طلباتي هذه غير الكلمة الاخيرة!"
قام من مكانه ليلتحق بهذه المؤمنة السمراء . وجدها خارج المسجد و على شفتيها الممتلئتين ، المضمختين بشيء من الحمرة، ابتسامة مشحونة بالسعادة ، سعادة كما لو انها لم تذق مثلها من قبل. شع من عينيها نور عجيب تحسبه و قد بدد كل ما حولها من ظلمة الليل. لابد ان شعر بمثل ما شعرت به من زخم عاطفي و تألق نفسي، فلم تكن غير ثوان حتى وجد الاثنان نفسيهما في عناق رهيب . القت برأسها على كتفه و القى برأسه على كتفها . شعر بنعومة نهديها تضرم النار في صدره . رفعت رأسها قليلا لتهمس بشيء في اذنه. " آي لف يو!" . لم يسمع.
-" تقولين ايه؟"
-" آي لف يو!"
شد ذراعيه حولها وشدت صدرها على صدره ، ساقيهاعلى ساقيه ، واصبحا
جسدا واحدا. " اريد ابوسك لكن هنا البوس ممنوع. اعوذ بالله من هالبلد. كل شي مباح الا الحب."
مات الزمن و اختفى المكان وقد انطلق العاشقان يهيمان على وجهيهما متعانقين من شارع الى شارع ، من زقاق الى زقاق ، بدون هدف ولا فكرة ولا احساس بالمكان. "غني معايه. ما تعرفشي اغاني عربية؟ و لا حتى ام كلثوم؟ انا ح اغني . انت اسمع.
ح اعلمك تغني بعدين." راحت تغني كأمرأة سكرى تتشبث بذراع الرجل خوفا من السقوط ، وان لم يكن هو اقل سكرا منها. فيما كانت تغني و تمسك به، تداعت و توالت الكلمات و الأشعار في ذهنه ، الغنيات و الأزجال القديمة ، و قادته في الاخير الى كلمات من ابن الفارض تعلمها في صباه :
شربنا على ذكر الحبيب مدامة
سكرنا بها من قبل ان يخلق الكرم
كانت قصيدة حفظها الرجل من ايام المدرسة . لم خطرت له الآن؟ من اوحى بها اليه؟ لماذا لا يستطيع ان يتذكر منها غير هذا البيت؟ ما الذي قاله الشاعر في ابياتها الاخرى؟ عبثا حاول ان يستخرج من اعماق ذاكرته المتعبة أي شيء آخر ، و لكنه ظل يشعر بنشوة خاصة وهو يكرر و يعيد … شربنا على ذكر الحبيب مدامة…
- " بنفسي حاجة. بنفسي نبوس بعض بوسة العيد."
"و ليه لا؟" مسك بها بين ذراعيه و مسكت به بين ذراعيها . وفي هذا الاتحاد الجسماني ، التصقت شفاههما بقبلة سريعة ، ما فتئت أن شجعتهما على تثنيتها بأخرى، احفل عاطفة و اطول نفسا. شعر كل منهما وقد التحمت الشفاه ان يد القدر قد شبكتهما بحبكة لا فكاك منها. لم تفك عن شفتيه الا لتفتح فمها و تعيد على اسماعه:" آي لف يو." أجابها بالعربية " و انا برضه! آه يا رب!"
كانت هناك حركة غير اعتيادية حولهما تكشفت عن رجلين في ملابس مدنية ، دارا حولهما كحيوان مفترس يدور حول فريسته. " مين انتو؟" قال الاول و قال الثاني:
"تعملوا ايه هنا في الساعة دي؟ و تتباوسوا في الشارع؟"
-" انتو متجوزين? فين اوراقكم؟"
" و انتو فين اوراقكم؟ اذا كنتوا شرطة سرية و الا شرطة آداب شوفونا اوراقكم. فين رئيسكم؟ "
استمر النقاش كل طرف يحاول ان يلتف على الآخر و يباغته في هجوم مفاجيء من نقطة جديدة. الموضوع : هل كانت القبلة عملا منافيا للدين الاسلامي و سيرة السلف الصالح تستوجب الاعتقال و السجن و الجلد و ربما القتل. أكان لهما الحق حقا في ان يسيرا هكذا متعانقين كالسكارى بدون خمرة؟ انفجر الرجل الزائرفي الاخير:" ده انتو والله يا ناس شاغلين بالكم بالحكايات دي و بلدكم من اوله لآخره خراب في خراب؟ ده انتو مش شايفين كل هالأوساخ و الزبالة اللي حولكم ، و كل هالخراب اللي في الشارع و الحاجات اللي مخلعة و خسرانه . و كلها ولا تلفت نظركم ، و لا حتى الشحاذين اللي مالين الرصيف بسيدنا الحسين ، و خالين عيونكم و شاغلين بالكم على مين باس مين في الشارع ، و يمكن بكره مين نام مع مين في بيته؟ الله يعينكم و يعين مصر عليكم."
قال في كثير من الغضب و الاستياء، و اقتاد صاحبته من ذراعها ، " يا الله بينا." سارا بعيدا عن ذينك الشبحين و حثا الخطى في اتجاه مسجد الغوريه.
"الله اكبر! الله اكبر! الله اكبر!" دوى النداء من عشرات المنائر في هذه المدينة القديمة ، المدينة المؤمنة و الكافرة. لقد اوشك الصبح على الطلوع و حلت صلاة العيد. الوف الرجال و النساء و الاطفال ، يحملون صغارهم ، يقودون عجائزهم ، يدعمون مقعديهم ، عميان بعصاهم ، عرجى بعكازاتهم ، فقراء باسمالهم ، اغنياء بثيابهم الجديدة ، خضراء و زرقاء ، بنية و رصاصية و كحلية. الجميع ينطلقون من بيوتهم و دكاكينهم و مقاهيهم في زحف واحد ، كتل من البشر ، تسعى رافعة رؤوسها نحوالسماء و نحو المساجد ، تسير على وقع الدفوف و الطبول و تحت الرايات و الاعلام ، رايات الاسلام و اعلام الخلفاء و الفاتحين. يسيرون و يهتفون :
لبيك اللهم لبيك
لبيك لا شريك لك لبيك
لبيك الملك و الحكم لك لبيك
تدفقت الجموع و احاطت بهذين العاشقين . لم يكن لهما غير ان يندفعا معها ، كأغصان الشجر و كسرات الحجر في مجرى سيل عارم لا يذر. اصبحا جزء من هذه الكتلة التي صهرتها حرارة الايمان . و معها ، انطلقت حنجرة الرجل تنشد مع المنشدين بقوة لا ارادية ، قوة اقوى من أي قوة في نفسه : "لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك." بدأها بتردد و استحياء و لكن نداء السماء ما لبث ان سيطر على لسانه و كيانه . راح يهتف بأعالي صوته . شعر بنار تتأجج في وجهه و رأسه . احتقنت عيناه فاختلطت فيهما الالوان و الانوار ثم تفجرت بدموع انسابت على خديه في حمأة و نشوة لم يعرفها من قبل. فيما كان لسانه يردد لبيك ، كان فوآده الذي تألق بالنور يشع في داخله و يهمس
"رباه الحمد و الشكر لك."
" أمسكني قوي احسن نضيع بعضنا." كان قد نسي وجود هذه الافريقية السمراء بجانبه . احاطها بذراعه و جرها اليه . مسكت هي بيده فتشابكت الأصابع و راحت تجاذب و تعانق بعضها البعض بأحساس رغيد وديع. لمح دموعا تتألق في عينيها السوداوين فسرت في عروقه موجة من الكهرباء انسابت هوينا من رقبته عبر فقرات ظهره و ضلوعه حتى عمت كل كيانه. انتفض كطير ينفض من جناحيه قطرات من الندى البارد. دخلا المسجد مع الداخلين .
-" نتوضى فين هنا؟"
- "ما نحن توضينا قبل شوية. عاوز تتوضى كمان تاني؟ حبيت الوضو؟ الله!؟"
قالت ضاحكة ساخرة ، ضحكة شاركها فيها راضيا. " اقول لك حاجة و ما تزعليش . ده شيء ما يعجبنيش في صلاة الجماعة. يفرقوا النساء عن الرجال. يعني اللي عاوز يعمل حاجة بطالة ح يعملها في المسجد قدام كل الناس؟ الحب يا حبيبتي يزيد الايمان. ووجود المرأة يزيد الحب في القلوب. و الا انا غلطان؟"
- " ايوه غلطان . و بلاش كلام."
دخل المصلى . بدلا من الوقوف بعيدا في آخر القاعة ، راح يتدافع ليكون اقرب ما يكون الى المحراب. أنضم الى صفوف المتعبدين. شعر برغبة في ان يحتضن الرجل الواقف الى يمينه بجلابيته الجديدة ، و الآخر الى يساره، و لكنه اكتفى بأن وقف بينهما كتفا لكتف. صافح كلا منهما بابتسامة راضية ،" عيدك مبارك." و خرج مسرعا يبحث عنها…
الاواني و المعاني… المعاني و الاواني… ظلت كلمات ابن الفارض تلح عليه، تدق على ابواب مخه، و لكنه عبث حاول تذكر البيت. الصفاء بدون ماء … النور بدون نار… يا الله ! ماذا قال شيخ العاشقين و ختام الوامقين؟
كانت تجربة فريدة لهما ، وله بصورة خاصة . فراحت الافكار و الكلمات تتدافع في ذهنه و تتدفق من لسانه، لم يستطع ان يتوقف عن تشريحها و تحليلها حتى وصلا غرفته في الفندق. كانت اقدامهما و ارجلهما و كل جارحة من جوارحهما قد وصلت حدها من التعب و الاعياء. نزعت حذاءها و رمته تحت السرير فكت الفوطة عن شعرها الفاحم و نثرته على كتفيها ثم القت بنفسها على الفراش . القى نظرة جائعة على جسمها المدد امامه ، على خصلات شعرها الاسود المجعد المنثور على المخدة البيضاء، شعرها الذي رآه لأول مرة امامه حرا طليقا فأذهل عينيه .
"ح اعمل زيك." نزع هو الآخر حذاءه و استلقى بجانبها بسترته و بنطلونه . مسك يدها و سحبها الى صدره و تشابكت الاصابع ثانية في حوارها و غرامها حتى اعياها هي الاخرى التعب و السهاد فنامت مع اصحابها على صدره. لم يشعر بثقلها . كانت بدون وزن، بدون جسم ، بدون ابعاد… بدون اناء. مرت الساعات ولم يفق العاشقان من النوم حتى سمعت اذان الظهر يدوي من مكبرات الصوت. وكزته من جانبه بطارف مرفقها.
- " اقعد!…قوم…!…يا الله اصح ‍!"
- " خلينا نايمين يا حبيبتي. دي احلى نومة بحياتي."
- " اصح ! ده وقت الصلا."
- " ما صلينا مرتين."
- " دي صلاة الظهر يا اهبل. و الا مش عارف؟"
فرك عينيه و طرد النوم من اجفانه كارها متكاسلا . تثائب مرة او مرتين قبل ان يقف على قدميه بجهد جهيد و يمطي ظهره المتعب، رافعا كلتا ذراعيه الى الاعلى. عادت عليه ، " ياالله معاي نتوضى."
- " كمان؟ …ايه ده؟ ما توضينا امبارح بالليل؟ "
- " يا مصيبتي معاك! ده انت مش عارف دينك يا راجل؟ مش عارف النوم يبطل الوضو؟ يا الله بينا امشي قبل ما يفوت الوقت."
احس الرجل بشيء من الهلع و الجزع ، و بشيء من الضياع ، ضياع حرية اصبحت مهددة بالضياع، و لكنه توضأ معها وتلقى دروسا جديدة دقيقة في الوضوء، كيف تغسل اليدين حتى المرفقين ، كيف تستنشق الماء و تمسح القدمين. كل شيء و له اصوله و قواعده. مجلدات من الكتب كتبت عن المناقشة بشأن مسح القدمين او غسلهما . و لكنه فعل ما كانت تقوله له ، فلا فائدة من النقاش في مثل هذه المواضيع. و ما من حجة فيها و ادرى بها كمن تهواه و تحبه. فعل ما كانت تقول ثم وقف بجانبها لصلاة الظهر . " عندي طلب واحد. كوني انت الامام واوممي بي في الصلاة. و خليني اسمع صوتك. و انا اتبعك."
- " ده مش ممكن. الراجل هو الامام. مش ممكن يكون ست."
- " يعني حتى لما تكون الست تعرف عن الدين زيك اكثر من الراجل اللي ما يعرفشي الدين زيي؟ يالله كوني امام والا انا حأرجع اروح انام."
- " لأ خليك. يا الله بقى اوقف ورايه و اعمل اللي اعمله زيي."
سحرته بصوتها الموسيقي مثلما سحرته بسمرتها الأستوائية. و فيما كانت تتلو و تقرأ بذلك الصوت النسوي العذب ، شعر بنفس ذلك التجلي الروحي الذي غمره في الشارع قبل سويعات فتألقت روحه و انتشت اوصاله. راحت كلماتها تتضارب و تتداخل في اسماعه بتنغيم بوليفوني ذي انسجام وتوقيت عجيب. تمنى لو ان صلاة الظهر كانت من اربع و اربعين ركعة و ليس من اربع ركع فقط. كلما وردت على لسانها و بلهجتها الوطنية الخاصة تلك الكلمتان الخالدتان اللتان اعطيتا الأمل و غرستا العزة في نفوس الملايين من فقراء البشر ، المستضعفين و المحرومين ، عبر مئات السنين " الله اكبر" ، شعربفيض يجتاح وجدانه ووجوده، نور يتألق امامه و حوله، وفي هذه الاشراقة التي غمرت نفسه سمع صوت ابن الفارض ، ذلك الشيخ العاشق بدون جسد، السكران بدون خمرة، يردد في اذنيه … صفاء بدون ماء ، انوار بدون نار ، ارواح بدون اجسام …. توالت الكلمات ، تداخلت و تشابكت ، سالت كسيح هاديء ما فتيء ان صب في معين رقراق فأخذت قوالبها في الأخير بتلك الاوزان التي فاتت و استعصت على ذاكرته…و تأبت على وعيه :
و لو عبقت في الشرق انفاس طيبها
و في الغرب مزكوم لعاد له الشم
يقولون لي صفها فأنت بوصفــها
خبير، اجل عندي بأوصافها علم
صفاء ولا ماء، و لطف ولا هوا،
و نور ولا نار، و روح ولا جسم
و لطف الاواني في الحقيقة تابع
للطف المعاني ، والمعاني بها تنمو
وقد وقع التفريق و الكل واحـد
فأرواحنا خمر ، و اشباحنا كرم
اختلط الصوت بصوتها الهاديء الرخيم و هي تردد :
…الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم … مالك يوم الدين…

كان وقت الرحيل قد اقترب، الوقت الذي حدده الانسان بلا روح ، للروح بلا انسان . نشر الطائر الغريب جناحيه من مطار القاهرة وهب و انطلق من حيث اتى ، ساهما حالما …تتضارب الأصوات و الكلمات و الرؤا في ظميره.


ـــللللللللللـــ

علاج لآلام الظهر

آلام الظهر شيء شائع في هذه الايام دون ان نعرف سبب انتشاره. و لكن الاطباء كثيرا ما ينصحون في علاجه ممارسة التمارين الرياضية. و هو ما اشاروا به على هذه السيدة الزميلة في المهنة. قلت لها الرقص الشرقي المتمثل في هز البطن احسن هذه التمارين لعضلات الحوض و الظهر و احسن من ذلك العملية الجنسية. قالت هذا ما سمعته. قلت لها هيا بنا إذن! سأزورك هذا المساء و اعطيك شيئا من ذلك. قالت لا تتعب نفسك و لا فائدة من هذا . فأنا لا استطيع ان انام على ظهري. قلت لها النوم على الظهر ليس الوضعية الوحيدة لممارسة الجنس. سآتيك بكتاب مصور فيه 48 وضعية مختلفة للعملية الجنسية. اختاري منها ما يناسبك ويعيد الصحة لظهرك
قالت :لا . بل اختار انت العملية التي يمكن ان تعيد الحيوية لزبك
Fairuz

Fairuz was a very promising young woman from Morocco, beautiful brown face, tall, slim figure and an enchanting voice with a singing ability to match. I tried unsuccessfully to promote her. But fate wouldn’t have it. All TV producers and song promoters simply ravished her and threw her out in the morning empty handed, so to speak. She eventually came to the conclusion that she might as well go the whole hog and earn some money out of it. She joined the hordes of Arab hookers in Edgware Road, London.
No money to be earned out of me, we parted ways for a good many years as I wished her luck in her new career. In the mean time she made some good money, whilst I achieved some prominence in my writing career. As it were, I was puzzled and rather annoyed by her late telephone calls at night, some times past midnight.
‘ Hi Khalid, how are you? Haven’t seen you for a long time. Any new books you published? Oh, how thoughtless of you! Not sending me a copy! I shall cry. You don’t love me any more!’
All these niceties would go on for a minute or two and then she would bid me good night and ring off. This repeated rigmarole puzzled me. Why did she always ring me at those late hours, often waking me up from my deep sleep?
It didn’t take me long to discover that she did so whenever she was with some rich Arab Gulf client. I had attained some popularity as a columnist among the Gulf peoples. ‘ Oh, you know Khalid Kishtainy , that great writer! Fancy that! How do you know him, tell us.’ She would then pick up the telephone and repeat that conversation about neglecting her and not sending her my latest book. They would immediately change their tone and their manners with her. They stop mauling her private parts whilst she was eating her kebab. They certainly topped up her fees as a high class mistress who knew Khalid Kishtainy. Even more to the point, they would go back to their country, Kuwait or Dubai or Qatar, and recommend her to their relatives and business colleagues, ‘ Going to London? Oh London! Take my advice! Don’t mess about with low class street walkers. Go to the Kishtainy whore. A bit more expensive, but , oh my man! She will tell you so much about our beloved Khalid. She knows him well.’
I don’t mind Fairuz( her professional name), earning more money and having more oil rich clientele, but am I not entitled to some of her earnings out of her use of my name? Isn’t that part of free market ethics? I live by my pen as a word worker and she lives by her vagina as a sex worker, albeit I prefer calling her, as I know her well, a sex artist rather than a mere sex worker. I think I should be entitled to a certain proportion of every fee she receives per intercourse.
I am thinking now of seeking the advice of a good solicitor with enough experience in such matters. I don’t want to be prosecuted for living off the immoral earnings of a woman. But an author’s name is a commodity protected by law. I don’t want any silly Salma or tubby Fatma to play around with it whilst another man is impregnating her. I should also be entitled to compensations for the stress I had to endure whilst sitting in my gloomy study surrounded by my heavy books and hateful dictionaries and receive a call to tell me that another luckier man is having a glorious time on top of my beloved Fairuz. Surely a British English court would take cognisance under English Law of this mental suffering and emotional frustration I have to endure and allow me a portion of her fees as compensations.

Sunday 27 July 2008


السادات يفتح الباب للظرفاء
يرجى ملاحظة ان هذا الموقع مجلة شهرية تضاف اليها مادة جديدة في اول كل شهر)
من مساويء السخرية السياسية العربية التعرض للحكام و الساسة عن طريق التعرض لنسائهم. إنه جزء من هوسنا
بالجنس و شرف المرأة. وهو في الواقع ما نسمعه باستمرار في ممارسات الشتم الشخصي ، فلان ابن القحبة... او اخ الشرموطة... وهو ما لم يسلم منه حتى المتنبي عندما هجا ضبة العتبي بالتعرض لشرف امه
ما انصف القوم ضبة
و امه الطرطبـــــة
و ما عليك من العا
...ر أن امك قحبة
ما ضرها من اتاها
و إنما ضر صلبه
و في العصر الحديث عمد الظرفاء الساخرون الى حبك النكات السياسية عن هذا الطريق. وهو ما فعله بيرم التونسي في التعرض لملك مصر عندما هاجم الملكة نازلي بأنهم زوجوها سترا عليها بعد فقدان بكارتها
الوزة من قبل الفرح مذبوحة
و السكة من قبل النظام مفتوحة
و لما قالوا تزوجت المفضوحة
قلت اسكتوا، خلوا البنات تتستر!
مما ينبغي ملاحظته في هذا الصدد، ان اي احد من الظرفاء لم يجرؤ على التعرض للرئيس عبد الناصر من هذا الطريق المشين ، رغم كل النكات و التقليعات التي رووها عنه. وهذا مؤشر بدون شك الى مدى الاحترام و التقدير الذي كنه القوم له في قلوبهم.
و بالطبع تحاشى سائر مؤرخي النكتة السياسية العربية الخوض في هذا المستنقع
، وهو ما سيفعله هذا الكاتب ايضا.
بوفاة رائد القومية العربية، وارتقاء انور السادات لدست الحكم، انفتح الطريق للمنكتين ليقولوا ما يقولوا. صدق ذلك بصورة خاصة على مرحلة الركود التي سبقت حرب عبور القناة و تحرير سيناء. لاحظ الظرفاء ذلك الركود و الجمود فقالوا ان ام كلثوم و عبد الحليم حافظ و نجوى فوآد و انور السادات ذهبوا لحضور حفلة كبيرة. بالطبع لم يأت اي منهم ببطاقة دعوة. فطلب البواب منهم اثبات هويتهم و دعوتهم. قالت سيدة الطرب العربي انا ام كلثوم. قال لها اثبتي ذلك. فغنت له قفلا من البردة. قال نعم . هذا يكفي. انت ام كلثوم، تفضلي. جاء دور عبد الحليم حافظ ففعل مثلها و غنى "ظلموني". فقال له، ايوه. ده انت لازم تكون عبد الحليم حافظ، تفضل. جاء دور نجوى فوآد. قال لها اثبتي انك كده. فهزت له بطنها راقصة ، فقال ، ايوه . انت لازم تكونين نجوى فوآد. مفيش مصرية تهز بطنها زيك. تفضلي. اخيرا جاء دور انور السادات. قال له اعمل حاجة تثبت انك انور السادات. فحك سيادة الرئيس رأسه مفكرا و قال: اعمل ايه؟ مش عارف اعمل حاجة. فقال له الشاويش، " آه. ده انت صحيح لازم تكون انور السادات."
عزوا ذلك لجهله فقالوا : العلم نور و الجهل انور.
حاول الرئيس السادات ان يحترم التراث الناصري و يدعي مرارا بأن حكمه استمرار للناصرية الاشتراكية. قال انه ماشي على خط اخويه في النضال عبد الناصر. فعلق الظرفاء و قالوا : " ايوه! ماشي على خط عبد الناصر باللاستيكة( المحاية)." و لكنه في الواقع كان يحفر تحتها و يقلم اظفارها شيئا فشيئا. وصل بسيارته الى مفترق طرق، فسأله السائق ، يا سيادة الرئيس امشي من فين؟ اروح عاليسار او عاليمين؟ فسأله السادات ، لو كان صديقي عبد الناصر الله يرحمه كان هنا ، كان يأمرك تمشي بأي اتجاه؟ اجابه السائق ، مفيش سوآل. كان يأمرني افوت عاليسار طوالي. فقال السادات:
" طب خلاص، حط الاشارة عاليسار و فوت عاليمين!"
و كالعادة لم تسلم زوجته من لسان الساخرين. قالوا انها رأته يوما حزينا كئيبا فحاولت ان تخفف عنه. و راح هو من جانبه ينعى تلك الايام الحلوة ، ايام الغرام و الشباب ، يوم كان يغازلها و يراودها على شواطيء النيل. قالت له " خلينا يا حبيبي نستعيد تلك الايام. خلينا نروح عالنيل متسترين و نعيد ايامنا. "
فعلا ذلك و جلسا في السيارة يتبادلان الغرام على نهج تلك الايام. مرت دقائق و اذا بعسكري يفاجؤهما و يحاول اعتقالهما بمخالفة الآداب العامة. توسل به السادات ان يعفو عنهما خوف الفضيحة. " ده نحن ناس معروفين في البلد." فقال له العسكري: " معلهش! انت باين عليك انسان ابن حلال و شريف. انت روح. لكن البنت دي لازم اسجل عليها مخالفة. اهي تجي كل ليلة هنا و تعمل كده مع راجل ثاني
00000000000000

Saturday 26 July 2008

THE LOVE OF GOD AND THE LOVE OF MAN

(Please note that this blog is a monthly magazine with new material added every new month)

St. Ethelburga’s is a small church which managed to thrust itself in the midst of all these international banks, multi-national corporations and giant finance companies of the City of London. At night the back streets are teeming with hookers. The Church was bombed by Irish terrorists and was rebuilt to become a centre for reconciliation, peace, non-violence, religious co-existence, inter-faith dialogue and spiritual meditation. Courses, conferences, and sessions on faith, meditation, and religions are constantly held there. The programmes include concerts, ethnic music of all nations and story-telling of folklore literature. This is the secret behind my frequent visits to this church. They consider music and singing as means for dialogue and understanding between communities. There, I heard Sufi and Quali music and Islamic chant. In April, there was a session for a story teller from Syria, a hakawati.
The Church has also a well furnished kind of tent in its well looked after garden, constructed specifically for spiritual meditation. It contained most of the main holy books like the Old and New Testaments, the Quran , the Vida. Zuradisht, etc. There are also facilities for listening to religious music of any sect. The Church has also a clock which keeps striking at the hour. I found it abominable to hear it striking at the time when some one was talking, singing or playing music. I was going to mention it to the administration but I was reminded that it was a good means to keep reminding us of old TIME. Son of man, remember: Your days are numbered. The clock is ticking and with it is your time on earth.
I went to Ethelburga’s to listen to Turkish, old Ottoman music of Sufi origin. As I arrived too early for the concert, I went into the tent, sat in a corner and let my thoughts take their course. No sooner did I do that than a couple of young people walked in and sat on the carpeted floor opposite to me. In a few seconds they started to touch each other, embrace and kiss. They went into a loving session. Somehow, I found it objectionable to indulge in such activities in this place dedicated to the world of the spirit, religious worship and meditation. This is not a love nest. I was on the verge of speaking to the young couple and ask them to respect the place. But another thought struck my mind. Isn’t this a place of love? Their Christianity tells them that God is love. The preachers tell them from the pulpit that loving one another is part of the faith. This is what is repeated all the time. I worship God in my own Muslim way and these two young people are worshipping Him in their own way. Perhaps, they are only performing what they are instructed. Oh, God , give us the power to love and not the need to be loved( St. Christopher).
Who knows? This is London and not Basra where lovers had to hide away and act furtively. An English young man can kiss and hug his girl publicly in the street or any where he likes. Why did these two young lovers come to this religious place of all places to indulge in love? Is it that the spiritual atmosphere of the church moved them into this state of love, emotion and desire to exchange tokens of innocent affection and relationship? I have often heard that faith involves mutual affection and desire to belong. It is the love of the Creater in the love of his creatures and the love of his creature in the love of Him. But why in front of me? Why should I , myself , encounter this demonstration of romance and dwell on its significance? Shouldn’t I have the right to tell off these two young people and ask them to go and have their sexy exhibitionism somewhere else and not in front of those deprived of their passion? I was pondering this question and hesitating when the church clock struck the hour of seven. Oh, son of man, remember old time. And it was the time to hear the Sufi singers, singing the love of God and the love of man. I took my way to the main body of the church, followed by the two young lovers holding each other's hand.

Friday 25 July 2008

GOD SAVE SHEIKH BUSH !

The Iraqis have a proverb which says: “ The lament does not know what to say about the deceased.” The saying is quite applicable to the American policy in Iraq. Middle East experts compiled so many different lists about its mistakes and follies, intentional or accidental. I leave this matter to every body’s opinion. The way I see it reminds me of the local folktale of Sheikh Hammad. He was well known in the area for his wisdom and sagacity. The villagers had always consulted him in whatever problem they had encountered. The more they had done so the more they sank in misery and poverty. There was the day in which the village bull had his head stuck in the village earthenware butt. No one could get it free from it. The village head went to consult the Sheikh. ”Cut of his head,” Sheikh Hammad advised. They followed his advice, but the head remained firmly stuck in the precious butt. They went back to the Sheikh and he gave them his second opinion. “ Smash the butt!”
A few days later, the Sheikh fell ill with typhoid. The village head raised his eyes to heaven, “ Oh God, please save him. We wouldn’t know where to go with our problems without him.”
The saying , however went from mouth to mouth:” Killing the bull and smashing the butt!”
I said that American policies remind me of that story of sheikh Hammad, but the story itself reminds me also of what the Americans did in Iraq. They reported to George Bush , who was also as famous for his wisdom and sagacity as sheikh Hammad, of what was happening in Iraq under the Ba’th Party and the incurable rule of Saddam Hussein. He gave his advice: Cut off his head. They did so but things went from bad to worse. The Pentagon reported to him that the problem of Iraq was not solved at all. George Bush gave his second advice: Smash the structure of the Iraqi State. They did and the country fell to pieces.
A few days later the American democracy was hit by a crippling recession bringing the US dollar to its lowest rate. The news reached the Arab League in Cairo. Amr Musa, its Secretary General, woke up from his deep and seemingly eternal sleep, rushed out of the building, raised both hands to heaven and preyed: “God save America. For without President Bush, we wouldn’t know where to taken our problems!”

BY THE RIVERS OF BABYLON

ENJOYED READING THIS ARTICLE?

Are you a Kishtainy fan?

Then read his latest novel:

BY THE RIVERS OF BABYLON

Published by Quartet Books, London

The Cemetary of Israel

TheCemetry of Israel


Israeli and Arab scholars and politicians have often dwelt on the possibility of the Arab population in Israel exceeding the number of the Jews as a result of the higher Arab rate of birth. This is a subject which is causing a great deal of concern among the Israelis and Zionists, compelling them to embrace the idea of giving the Palestinians their own state, lest they should join the population of Israel in the event of annexing the Occupied Territories. This is also a factor which makes Israel concede any concessions except the return of the refugees to their homes in the Jewish state.

It is for this reason that some Arabs entertain the hope that the Palestinians may indeed become eventually a majority as result of their higher population increase. This will destroy, in time, the concept of the Jewish state. That is why we find the Zionist activists working hard on urging the Jews to settle and increase in Israel.
In this vehement preoccupation with the subject of births, people are completely forgetting the subject of deaths. According to the 2004 statistics, 6.18 persons die every year in Israel out of every thousand people. The burial of the dead is a government responsibility. Like Muslims, the Jews love their graves and don’t accept any alternative to burial in proper tombs. They often encounter formidable problems when the deceased has lost one of his legs or arms in all these wars or acts of terrorism, or as a result of surgery, without leaving a trace of the missing limb. They don’t know where to find it. On the day of resurrection, the dead would wake up and find himself walking out of his grave and entering paradise limping on one foot, not a very pleasing sight for the angels, the prophets and the huriat, the enchanting virgins of paradise. The Talmud does not mention whether there would be enough crutches available there. But I don’t find it a satisfying life to spend eternity on crutches, however good and divine they may be.
Interment requires at least four square meters per dead, two for the dug up pit and two to separate one Jew from another, lest they should start quarrelling again. The population of Israel is now almost seven million, which means that the authorities will have to find 28,000,000 square meters to burry all the existing citizens. As the total area of Israel in square meters amounts to some 200,256,250, and noting the rabbinical ruling that only one dead may be buried in a single grave, the whole land of Israel will be consumed by the dead Israelis in seven generations ( or 7.15 generations to be exact). There will be no land left to burry anybody. There will be certainly no space left for the living. Indeed all these magnificent towns, shopping moles, supermarkets, night clubs and nuclear centres will have to be pulled down to make room for graveyards. Thus, the State of Israel will surely become the Cemetery of Israel. Zionist agents will do their best to urge Jews everywhere to visit Eretzisrael and see the endless rows of orderly Jewish graves, the final achievement of the Zionist Movement. Alas, the rich American Jewesses will no longer find their coveted kosher gigolos to serve them there.

I fail to understand all these top scholars who spend their time watching the birth rates of the two communities and overlook entirely the prospects of death. But this is what I say to the Palestinians. Don’t waste your time, your money and your lives on firing these rockets and on suicide missions. All you need is to wait for seven generations when you will see the entire land of Israel turned into a great graveyard. Arabs and Jews will be left with nothing to fight about.
I was discussing this prospect with a friend of mine, a scholar and expert on the Palestine question.He said, ‘ Oh, that explains it. The obsession of the Israelis to expand. People think they do it to seize the oil resources of the Arabs. No. They do it because they need Arab land for the burial of their dead.’

oooooooooooooo
WRITE A PAPER AND F..k THE WORLD (X Catigory)

The saying goes among the global community of scholars, scientists and academics, ‘ Write a paper and see the world’. The implication is that once you write any paper on any subject, you can find a venue for it in some international conference or academic meeting, provided that it upsets nobody and that you are a scientist stupid enough as to waste your time in writing papers. You can then present it to so many other useless venues in so many different places and on so many diverse occasions that no other scholar would notice it. Thus you would be able to enjoy visiting so many places , all in five stars hotels and beautiful locations. They may even pay you generously for your repeated pleasures.
As a casual member of this much respected fraternity, I happened to notice something else coming out of its activities, which prompted me to modify that epigram to make it read: ‘ Write a paper and fuck the world!’ To the female academics, doctors and scientists of many Muslim countries, like some of the Gulf states, or dictatorial regimes, like Burma, an international gathering to discuss the latest developments in cancer treatment or latest archaeological discoveries in Africa, far away from their home countries, is the only chance for meeting a male partner and slipping into bed with a worthy lover without getting too involved or committed or compromised. The five star luxury atmosphere and free vintage drinks help in washing every thing down. Frustrated lovers, inhibited men and women, disappointed spouses, shy young scientists and all those endowed with the curiosity of science and belief in the experiments of trial and error find excellent opportunities in these seasonal respectable meetings, secure enough from the suspicious eyes of their jealous spouses and watchful kinsmen.
What is more to the point, I found that the more you f..k the more invitations and commissions you get. Contemporary academics have become like the old mariners, with mistresses dotting the world in every centre of learning. In Heidelberg, they may have a blond Germanic female giant for a one night stand. In Venice, a voluptuous, sun-tanned waitress. In Beirut, a Phoenician Goddess. In Tokyo, a well groomed geisha. What is Soho, Montmartre or al-Ahram Street in comparison to all these great centres of learning, to Oxford , Cambridge or Harvard?
Soon after reading his paper, a colleague of mine had two great intercourses during the two weekend courses organised by the Gulf Studies Centre in Exeter. It was in that same seminar on peace in the Middle East that Dr. Sabiha al-Fadhli lost her virginity to a fair looking, blue eyed professor from Sweden, an expert in Arabic etching.
I remember well a history professor from Tajikistan, a lovely creature with red cheeks, the colour of pomegranate. She was almost half undressed when she suddenly sobered up and changed her mind. She pulled up her trousers and fastened its zip. ‘ Oh, no. Not now,’ said she, ‘ Not in this conference. We’ll do it next time. In the next conference in Rome. I promise. Dictoor Kistani, I need to know you a bit more. I want to learn more of your opinions on Islamphobia.’ She got up and fixed her blouse buttons firmly. ‘ There will be plenty of time for this in Rome. We’ll be spending five nights there’
As it happened, I was not invited to the Rome Conference on Christian –Muslim Dialogue and I lost my chance of exploring the art of love making in Tajikistan.
But the problem of the Middle East has remained and shall remain the most promising field for mating scholars. One wanders how many high IQ babies it has produced so far. But we can understand why it has remained insoluble despite all these well publicised and generously funded international conferences. It is just that the participants spend all their time in copulating and thinking of copulating. ‘Do you know what I am feeling now?’ said an Arab delegate attending an Arab reform forum in Washington whilst ravishing a young American waiter in his hotel, ‘ I feel that I am f..king the whole of American imperialism.’
‘ Yes, Sir,’ said the young waiter, firmly clutching his one hundred dollar note in his hand, ‘ But do you know what I feel, Sir? I feel the whole case of your Arab Reform is in my backside.’

-----------------------

اعز جائزة


اعز جائزة

زارني صحافي شاب قبل سنوات على هامش كتابة نقد لرواية صدرت لي في حينها. سألني الاسئلة التقليدية ، اين درست ، ماذا احمل من شهادات، اي جوائز تقديرية قد نلت. قلت له يا سيدي احمل شهادات كثيرة و لكنني مع الاسف لم انل اي جائزة . بيد انني احمل جائزة تقديرية لا اعتقد ان كثيرا من زملائي قد نالوا مثيلا لها. تألق وجه الرجل و نظر الي متسائلا بفضولية كبيرة. كيف ذلك؟ و اي جائزة هذه؟ و من قد تفضل بمنحها عليك؟ و كم كان مبلغها؟ لم اتركه في الظلمة طويلا فأسعفته بالجواب. كانت جائزة تقديرية حظيت بها من امرأة حسناء. ابتسم الصحفي الشاب كمن ادرك الموضوع. لابد انها كانت ساعة رولكس او قلم حبر ماونت بلانش و نحو ذلك. مضيت في تنويره فقلت:
كانت امرأة زارتني في مكتبي في صحيفة الشرق الاوسط. هاتفني البواب قائلا ان امرأة في بهو الاستقبال تريد مقابلتك. قلت له و ماذا تريد؟ كلمها و سألها ثم اجابني. انها من قرائك المعجبات و تود التعرف بك.
اهلا و سهلا. دعها تدخل.
استقبلتها بما تستحق من ادب و احترام. كانت امرأة متوسطة القامة ، يتوجها شعرفاحم مسترسل يطوق جيدها الرقيق ووجهها الابيض المائل للسمرة كقطعة من الشهد. كانت لها عينان متألقتان تبدوان للناظر و كإنهما مغرورقتان بالدمع. انفها دقيق و مختزل. اما صدرها الناهد فقد كان يوحي بولادات و رضاعات سالفة لم تخرب شيئا من حسن قوامها. اجلستها بجانبي فراحت تداعبني بتعليقاتها الذكية على مقالاتي. كانت تتذكر من مقالاتي اكثر مما اتذكره انا. قلت لها شكرا و لكن يبدو ان لديك الكثير مما علق بذهنك. دعينا نخرج الى المقهى المجاورة و نتقهوي.
طال الحديث في المقهى و تشعب فراحت تروي لي الكثير عن حياتها الخاصة. قلت لها لقد حل المساء دعيني ادعوك لتناول العشاء. قالت لا. بل تعال معي الى البيت و انا اطبخ لك العشاء. سيكون شرفا لي و متعة.
اخذنا التكسي الى بيتها. بادرت لتسريح خادمتها السيرلنكية التي نظرت في وجهي شاكرة لي هذا المعروف. جلسنا و اكلنا و شربنا و سمعت منها كل احلامها عن الحياة و الكثير من تجاربها المرة و الحلوة. لا اتذكر شيئا مما قلناه، او اكلناه، او شربناه. لم تتسع ذاكرتي لسوى شيء واحد: وجهها الباسم و عيناها المتألقتان. كقطعين كبيرتين من الماس. كانت لوحة عجيبة جمعت بين المسرة و الحزن ، المتعة و المعاناة. المرأة الشبقة في اوج ذروتها. طاف بي الخيال و راحت الافكار تتقاذفني من شاطيء الى شاطيء.
قامت بقامتها الممتلئة ، و جائت من رف الكتب بنسخة من روايتي " حكايات من بغداد القديمة". كانت قد اشرت على صفحة منها هزتها و اعجبتها. قالت: "لي طلب". ثم ضحكت و اضافت: "عملت لك العشا، اعمل لي هالمعروف! احب اسمعك و انت تقرأ لي هذه الفقرة." اشارت ببنانها الرقيق كشمعة رقيقة من شموع يوم زكريا، الى اعلى الصحيفة. ما انتهيت من قراءة الفقرة بأناة و عاطفية حتى مدت يدها و غطت عليها و اغلقت الكتاب. نظرت في وجهها فرأيت عينيها وقد ازداد بريقهما و احتقن الدمع فيهما حتى تدفق شيء منه و انساب كخيط من الشيرة الرقيقة على حنية جفنيها . كانت في حالة تهيج و انفعال ظاهر. طأطأت برأسها نحوي و قبلتني من جبيني بشيء من التردد و الحيرة.
سحبت رأسها ثم عادت ، و طبعت قبلة ثانية على فمي و التحمت الشفاه و استعرت نارا. شعرت بها وقد القت برأسها على صدري.

مسكتني من يدي. " هيا بنا!" اقتادتني الى داخل البيت و قد لفت ذراعها حولي.
يا سيدي، قلت للصحافي الشاب، من في عالم العروبة و الاسلام يستطيع ان يعطيني مثل هذا الجائزة التقديرية عن اعمالي؟
==============

على ضفاف بابل



على ضفاف بابل
تمتعت بما قرأت ؟

اذن فاطلب رواية المؤلف الجديدة
" على ضفاف بابل"
من من منشورات رياض الريس،
بيروت ، او من دار الحكمة في لندن

Thursday 24 July 2008

موضةالصدقة

الشائع ان الصدقة حسنة. و لكن الغربيين لم يعودوا يعبأون بالحسنات او مرضاة الله. اخذت تشيع بينهم الآن فكرة ان الصدقة موضة. و قد اصبحت الموضات المحرك الكبير لصناعتهم واقتصادياتهم ونمط حياتهم.
المباهاة طبيعة في الانسان، ولاسيما المرأة. تراها تتباهى بجمالها و ثيابها و مجوهراتها ، بسيارتها وثروتها و أولادها. تأتي الثروة في مقدمة عناصر التباهي. و لكن لمعانها اخذ يتلاشى في الغرب مؤخرا، بل و اصبحوا ينظرون اليها نظرة سيئة. اخذت تقترن بالفساد والدعارة وتجارة السلاح والمخدرات وغسل الأموال و التهرب. ولم يعد الحصول عليها دليلا على الحسب والنسب او الذكاء ومقدرة الكسب. أي عارضة ازياء تكسب الملايين من مجرد استعراض جسمها. اي لاعب كرة غبي يحصل على مثل ذلك من مجرد رفسة كرة. المضاربات بالاسهم و السندات و العقارات اصبحت مجرد حظ و صدفة.
لم تعد مظاهرالثروة شيئا يتباهي به المرء، ولاسيما بعد تكدس الفلوس في حسابات كل من هب و دب. راحت عشيقات ابطال الرياضة المتخلفات يتباهين بشراء احذية او شنط بمئات اليورات ، ثم ارتقين الى الوف اليورات فعشرات الوف اليورات حتى لم تعد الأرقام تلفت النظر او تدل على شيء. راح القوم يبحثون عن قنوات اخرى ، اجدى و اروع للتباهي.
اكتشفوا ان احسن شيء يفعلونه بهذه الثروات الخيالية التي لا يعرفون ماذا يفعلون بها او كيف يتباهون بها هو ان يتصدقوا بها. تجد ابنة ملياردير في اسمال بالية تشتغل خادمة في مطعم. تتباهى فتقول، والدي تبرع بكل ثروته لأبحاث السرطان. او الجياع في اثيوبيا. تشير اخرى الى سيارتهم الصغيرة فتقول " هذه كل ما استطعنا ان ندبر. زوجي اعطى كل فلوسه للفلاحين في كينيا." ترد عليها صاحبتها: " انت محظوظة. زوجي فرض علينا نستعمل البايسكل. تبرع بسيارتنا الرولز رويز للمعاقين."
ظهر ادب جديد بوحي ذلك. قالوا " من يرث ثروته فهو رجل محظوظ. من يصنع ثروته فهورجل بارع. من يترك ثروته لأولاده فهو رجل احمق." و قال حكيم آخر: " الثروة عيب." وقيل "اترك لولدك ما يسد حاجاته و لا تترك ما يفيض عنها فيفسد حياته."
التبرع لما يسمونه في الغرب بالصالح العام او " الأمة" له تراث مديد. فحيثما تذهب تجد متاحف و مستشفيات و مدارس و مؤسسات تبرع بها محسنون. و لكن هذا التراث اكتسب زخما جديدا منذ ان تبرع بيل غيتس ، بكل ثروته البليغة (نحو مائة ملياردولار) للخيرات. تلاه الملياردير جون فأعطى 466 مليون باوند للتنمية في افريقيا ثم البريطاني كرس جون فتبرع بخمسمائة مليون. و تبرع سامي اوفر بعشرين مليون لمجرد ترميم متحف البحرية البريطاني. هكذا ظهر الآن ما يسمونه بالمليونيرية الجدد. يقضون حياتهم في الكد و الجهد ويكدسون الملايين في حساباتهم ثم يجودون بها لوجوه الخير حالما يتقاعدون . تلتقي بنسائهم و بناتهم فتسمعهن كيف يتباهين بحرمانهن من الثروة. " و الله يا حبيبتي، زوجي ما ترك لي غير البيت الذي اسكن فيه و طقم الاسنان الذي في حلقي." هذه موضة الموسم. صرعة الجيل الجديد. الاشتراكية الجديدة.
نحن نقلد الغربيين كالقردة في كل ما يظهر عندهم من موضة. هل سنقلدهم في هذه الموضة الحميدة ايضا ، ام ترانا لا نقتبس منهم غير الموضات الرقيعة و المؤذية؟
كنت اتكلم عن ذلك لصديقي المصري د. عبد الصمد فقال :" و إيه يعني ؟ يا ابو نايل ، انت مبهور بالاوربيين. نحن في بلادنا عندنا ما هو احسن و اكرم. نحن في مصر كانت عندنا الملكة نازلي رحمها الله، ام المغفور له الملك فاروق. تصدقت بأعز ما عندها. اعطت فرجهاا لكل من احتاج لنيكة . اصبحت صدقاتها موضة لسيدات كل كبار القوم. راحوا يجودون بأجسامهم لكل المكبوتين و المحرومين من الجنس، الشوفير، و الطباخ و البواب و الحارس وهات ما عندك. دي موضة الصدقة عندنا
*********