Monday 26 April 2010

العالم 26-4-10

في مسيرة الديمقراطية(7)

لا صلاح بدون المعرفة

خالد القشطيني

اكد سقراط و افلاطون ، كما رأينا على ان الفضيلة و العدالة و الحكمة تتوقف على المعرفة و يتوقف الحكم السليم على حاكم مفكر. لم يحصل ذلك على المستوى العملي. و اخفقت الفكرة الافلاطونية عند تجربتها. وفشل كثير من الحكام المثقفين ، وعلى رأسهم لويس السادس عشر، في ادارة الدولة. كذا حصل لعبد الرحمن البزاز في العراق.
بيد ان المعرفة لعبت دورها الخطير على المستوى الشعبي ، وهو ما لم يخطر لأفلاطون. فمن المتفق عليه ان الثورة الفرنسية لم تحصل لولا تزود الجمهور بأفكار الحرية و العدالة و المساواة التي روج لها روسو و مونتسكيو و فولتير و توم بين. الحقيقة هي ان الشعب الفرنسي كان احسن حالا و رفاهية من بقية الشعوب الاوربية القارية الاخرى. و لكن الروس و الالمان و الطليان و سواهم لم يثوروا لأن عقولهم لم تتغذى بالافكار المتنورة التي تغذى بها الفرنسيون. و ارتكبت حكومتهم غلطة في ارسال عساكرها لأمريكا تأييدا للثورة الأمريكية ضد خصومهم الانكليز. تضمنت رسالتهم ترويج افكار الحرية و الثورة بين الأمريكان و عندما عادوا لبلدهم ، فرنسا ، عادوا و قد امتصوا شيئا مما بشروا به.
اعتاد المفكرون الفرنسيون ، و منهم فولتير و روسو، على الهروب من بلدهم و الالتجاء الى انكلترا فلمسوا فيها الحياة الديمقراطية التي عاشها الانكليز. تأثروا بها و ظلت ترواد احلامهم. حصل مثل ذلك للمثقفين و التلامذة العرب الذين درسوا او عاشوا في الغرب. معظم من بشروا بالحياة الديمقراطية في الشرق كانوا منهم كسعد زغلول و عبد الرحمن البزازو محمد حديد و ميسون الدملوجي و الكثير من دعاة الحياة البرلمانية في العراق.
رأى الخبراء العسكريون الانكليز ان حكومتهم ارتكبت نفس الغلطة التي ارتكبتها فرنسا في امريكا بتشجيع العرب على الثورة ضد العثمانيين بدعوى الاستقلال و الحرية و الوحدة العربية. ما ان تزودوا بهذه الأفكار حتى وجهوا اسلحتهم ضد معلميهم، الانكليز.
يرى الدكتور الوردي ان هذا ما جرى في الثورة العراقية. فعندما دخل الانكليز العراق قالوا للجمهور، كما في بيان الجنرال مود، انهم ما جاؤا كفاتحين و انما كمحررين. الواقع ان العراقيين اعتادوا على الحكم الاجنبي . يتبادل الفرس و الترك و المغول حكم بغداد و العراقيون يتفرجون راضخين دون ان تخطر لهم اي فكرة عن الثورة ضد هؤلاء الاعجام. جاء الانكليز و ادخلوا فكرة الحرية و الاستقلال في عقلهم. وهكذا قال علوان الياسري لهم: عشنا مئات السنين دون ان نفكر بالاستقلال. و لكنكم جئتم و اعطيتمونا وعودا به... و الآن كلما طالبناكم بالاستقلال تسجنوننا!
المعرفة نور. و جل ما جرى و يجري في العالم وقع بنتيجة احاطة الانسان بالمعلومات. لا يمكن لأي حياة ديمقراطية ان تزدهر و تتطور بدون نشر المعرفة و المعلومات بين الجمهور بكل وسائل الأعلام. و لربما نجد ان حرية الفكر و النشر اهم بكثير من حق الانتخابات و وجود برلمان او اجراء استفتائات.

No comments: