Sunday 25 April 2010

العالم 24-4-10

سحر الاسماء
خالد القشطيني
كثيرا ما نبهوني لهذه العادة المستأصلة في نفسي، وهي التباهي بالاسماء. يقولون انت عشت في الغرب كل هذا العمر والمفروض انك استوعبت كره الغربيين للتباهي بأسماء الشخصيات.يعتبرونها قلة ذوق ونقصاً في التربية وافتقاراً للجاه. لا ينزعجون من مخلوق كما ينزعجون ممن لا يفتح فمه الا وقال عندما التقيت بكيسنجر، وحدثني أنور السادات، واشار الي صديقي أبو عمار، وهلمجرا. نصحني اصحابي فقالوا عيب عليك يا خالد تقع بمثل هذا. قلت لهم هذا غير صحيح. انا لا اتباهى الا باسم واحد. اسمي انا. لا اكتب مقالة إلا واحشر اسمي فيها. واذكر اين رحت، وماذا أكلت، ومن غازلت.
قالوا، لا. هذا غير صحيح. في الشهر الماضي تحدثت عن زبال منطقتكم في الاعظمية، ابو داعوري. وقبلها استشهدت بحديثك مع المدلكجي يونس. ثم ذكرت بدون اي مناسبة تستدعي ذلك سوى المباهاة والتنابز بالاسماء، فرويت ما سمعته من حمودي فراش مدرستكم. لم اتمالك غير ان اعترف لهم بجريرتي هذه. واعتذر لهم بأنني كصحافي عربي معروف لا استطيع التخلص من عادة التباهي بأسماء الشخصيات المرموقة. هذا ركن مهم من اركان العمل في الصحافة العربية علمنا عليه الصحافي الكبير انيس منصور. وهو ما افعله اليوم ايضا مع الاعتذار.
كنت خارجا من البيت عندما اعترضني كنّاس محلتنا، جيمي، وبيده صحيفة وسخة ممزقة التقطها من الزبالة التي قام بكنسها. قال لي الكناس الفاضل، يا مستر قشطيني، قرأت هذا الخبر اليوم؟ عشرات من المسؤولين الأمريكان احيلوا الى المحاكم عن السرقات التي ارتكبوها في العراق. شيء عجيب ان يقوم كبار المسؤولين لدولة كبيرة ناهضة بمثل هذا العمل! هل تعتقد انهم تعلموا على السرقة من العراقيين؟
و قبل ان اجيب عليه ، انضم الينا كناس آخر، شارلي بوب. فلوّح بمكنسته و قال كلا، بل انا اعتقد ان المسؤولين العراقيين رأوا ما فعله المسؤولون الامريكان فتعلموا منهم. ففي هذه الأيام لا يفعل الأمريكيون شيئا الا و قلدهم الآخرون. زنى الرئيس كلنتن بسكرتيرته ، مونيكا، فراح جل رؤساء العالم و زعمائه يزنون بسكرتيراتهم و ينسون زوجاتهم. حتى هذا الرئيس الاسرائيلي السابق كصاب اغتصب سكرتيرته و اشتكت عليه في المحاكم. لم تكن لي سابق معرفة بكصاب هذا و لكنني عندما ذهبت لباريس قبل ايام ، قضيت ساعات طويلة اتناقش في سياسة اسرائيل مع شارون، الخدامة الاسرائيلية التي كانت تنظف غرفتي . قالت ها انت عربي و مسلم و مطهر مثل رجالنا و خدمتك. ماكو اي مشكلة. على ايش هالنزاع؟
والآن وقد رويت كل هذا الكلام، لماذا؟ سيقول القراء هذا كله لاتباهى بمعرفتي بالكناس جيمي وصاحبه الزبال شارلي بوب و الخدامة شارون. سيقولون ها هو صحافي عربي آخر يتباهى بمعرفته بالشخصيات المرموقة. سيقولون لقد اختلق الحكاية من اولها لآخرها لمجرد ان يذكر معرفته بكبار الكناسين والزبالين و الخدامات . ربما لا يوجد اي جيمي ولا أي شارلي بوب او شارون. كلها اختراع واختلاق ليظهر نفسه بأنه كاتب كبير ويجالس علياء القوم.

No comments: