Monday 26 April 2010

الشرق الأوسط 27-4-10

بابل الجامعة العربية

خالد القشطيني

بابل معروفة في الأدب العالمي كرمز لتجمع الشعوب . و الظاهر ان السيد وليم يوسف ، صاحب شركة آرتشيز للمأكولات العربية ، قد عقد العزم على تحقيق ما فشل زعماء العراق عن تحقيقه في برلمانهم الجديد في توحيد الطوائف و القوميات . حقق السيد يوسف ذلك و لكن في مطعمه الفريد في ومبلي بلندن الذي اطلق عليه اسم بابل ، او بابلونيا. حضرت حفلة من حفلاته العراقية فاذا بي اجد نفسي محاطا بممثلي كل الطوائف العراقية من سنتها و شيعتها ، يهودها و نصاراها ، عربها و اكرادها. السيدة نيران تمن، ابنة الصحافي العراقي الكبير سليم بصون قادت الدبكة العراقية و السيدة اندرا فتنتنا برقصها الشرقي. و السيدة هناء يوسف حببت لنا الموت بالتخحمة بكبتها الموصلية و كبابها السليماني و سمكها المسقوف.
اذا كان الأكل و الغناء و الرقص هو ما يوحد العراقيين و يمحو ما بينهم من حزازات و عنصريات و طائفيات ، فلماذا لا يحولون البرلمان العراقي الى كبابخانة تعج بالأكل و الطرب و الرقص بدلا من تضييع وقت الناس بكل هذه المناقشات العقيمة؟ انا واثق تمام الثقة ان سائر النواب سيفضلون التفرج على اندرا ترقص و ميسون الدملوجي تشوي السمك المسقوف بدلا من شوائها المعتاد لسخافاتهم و انانياتهم وكل مهاتراتهم الطائفية و السلفية والنفعية.
طالما شكى العراقيون و معظم العرب الآخرين من الروح القطرية التي كثيرا ما تجاهل بها اخواننا المصريون منجزات الشعوب العربية الأخرى و تراثها و رجالاتها . كنت اتصفح كتاب جلال امين "شخصيات لها تاريخ". القيت نظرة على المحتويات فقط فلم اجد بين القائمة الطويلة التي بلغت نحو ثلاثين اسما من اهل الفكر و الأدب المعاصرين احدا غير المصريين باستثناء نزار قباني و ادوارد سعيد. كل من انجبتهم البلدان العربية الأخرى من شعراء و ادباء و مفكرين لم يحظوا بنظرة من المؤلف. تذكرت ما فعله في هذا الكتاب بعد ان فرغ المطرب العراقي طاهر بركات من عزفه على الكمنجة و غناء البستات العراقية التي يجيدها و يبدع في تنويعها و تطويرها ، استلمت المكرفون من بعده، المطربة المصرية حنان و انطلقت بغناء روائع الطرب المصري الخالدة في نفوسنا. و لكنها كانت حفلة عراقية في مطعم عراقي لمواطن مسيحي عراقي و لجمهور من زبائنه العراقيين و حول موائد مثقلة بالأكلات العراقية ، افلا يستحق الحاضرون من المطربة الفاضلة ان تنشد لنا شيئا من تراثنا ؟ فما احلى الأغاني الشعبية عندما يغنيها مطرب من بلد عربي آخر لا تقل في رأيي طراوة و حلاوة من سماع خطيب سلفي يلقي وعظا على جمهوره و يستشهد بكارل ماركس. أكان من الصعب حقا عليك يا حنان ، و انت تلك المطربة المتمكنة من ان تتعلمي اغنية واحدة من اغاني العراق ، مثلا غنوة العراقيين الشعبية :
خدري الشاي خدريه! عيني المن اخدره؟
راح اللي احبهم لولاية البصرة
راح هواي ياناس، ما ادري لمن اصبه؟
ما احد بعد عيناه يستاهل يشربه!

No comments: