Sunday 25 April 2010

الشرق الأوسط 24-4-10

يهودي في هوى مسلمة

خالد القشطيني

اشرت في مقالتي السابقة الى ما يواجهه الشاب المسلم من صعوبات في الوقوع في هوى يهودية. اكثر من ذلك صعوبة ما يواجهه اليهودي في حب امرأة مسلمة. و كان ذلك مصيبة الموسيقار صالح الكويتي. وهو شخصية معروفة في عالم الطرب العراقي ، بل و ربما يعتبر واضع اسس الغناء العراقي الحديث. كان ممن لحّن لهن المطربة زكية جورج . من المعتاد في دنيا الطرب ان تحصل علاقة حب بين الملحن او المؤلف و المغنية. وهو ما حصل لصالح الكويتي في الثلاثينات. بيد ان المشكلة هي ان زكية جورج لم تكن نصرانية كما يوحي اسمها. كانت مسلمة من حلب قصدت بغداد لتكسب لقمة عيش. ادركت فورا ان اسمها فاطمة لن يسمح لها بأن تظهرعلى الشانو و ترقص و تغني بإسم فاطمة الزهراء. فغيرته الى زكية جورج و تظاهرت بأنها مسيحية. التظاهر بغير هويتك شيء مألوف في العراق. انظروا لكل هؤلاء الذين تولوا المسؤولية الآن و في جيوبهم باسبورتات بريطانية.
تطورت العلاقة العاطفية بينهما حتى حل شهر رمضان المبارك عندما اغلقت البلدية كل الملاهي و الحانات في بغداد احتراما للشهر المجيد. لابأس بأن يفسق العراقيون 11 شهرا و يصوموا عن الفسق لشهر واحد. بيد ان ذلك لم يرق لزكية جورج في كسب رزقها. سمعت بأن البصرة التي تعتبر الآن مركزا للتعصب كانت متساهلة في هذا الموضوع عندئذ. بقيت ملاهيها و حاناتها تعج بالزبائن. فرحلت اليها زكية و ودعت حبيبها . " شهر واحد و ارجع لك".
لكن ذلك لم يحصل. لم ترجع اليه. وقعت هناك في حب شاب صيدلاني و آثرت البقاء معه على العودة لعشيقها اليهودي. استعرت نيران الغيرة و الشوق و الفراق في قلبه. عبثا حاول ان يقنعها بالعودة الى بغداد. فتدفقت مشاعره في سلسلة من الأغاني العاطفية التي اصبحت كنزا من كنوز الغناء العراقي ، تسمعونها في اي حفلة طرب عراقية:
مليان كل قلبي حجي( حكي)
المن اقولن و اشتجي
ما ينفع قليبي الندم
ما ينفع عيوني البجي.
ليزيد من وقع هذه الأغاني على زكية جورج ، كلف غريمتها في المهنة ، المطربة اليهودية الشهيرة سليمة مراد، ان تغنيها من اذاعة بغداد :
الهجر مو عادة غريبة لا ولا منك عجيبة
عرفت من هذا فعلكم كل من يسوقه حليبه
هذا مو انصاف منك غيبتك عني تطول
الناس لو سألوني عنك شأرد اجاوبهم شأقول؟
لم تعد زكية اليه و تزوج الموسيقار ابنة عمه كما يفعل كل الفاشلين منا في حبهم. التقيت بأبنه مؤخرا و سألته عن ذلك فقال انه مازال يحمل ذلك الجرح في قلبه.

No comments: