Wednesday 21 April 2010

العالم 21-4-10

زاهد غير الزاهد

خالد القشطيني

كان صديقي الشاعر زاهد محمد زهدي ، رحمه الله، مغرما بالسفر. و لا عجب فقد كان يكسب قوت يومه من ادارة شركة سفريات، تماما كما يفعل زعماؤنا من ادعاآتهم بالوطنيات. لم احاول الاتصال به الا ووجدته قد غادر لمصر او اليمن او اوربا. انه من غواة السفر واعترف بذلك فقال:
يطوي بأضلعه الأسى وعلى لظى الحرمان صابر
ابدا يجوب موانيء الـــــــــــــدنيا و يعشق ان يســـــــافر
لا يســتقر بموضع فكأنه الطير المهاجــــــــر
له مقابلات و مناظرات جوية طريفة في اسفاره على ارتفاع 30 الف قدم من الأرض. قلما خلت سفرة له من بعض المداعبات و الحركشات الشعرية، او نزل من طائرة جمبو دون ان يترك شيئا فيها من معلقاته. حدث في احد اسفاره ان طلب فنجانا من الشاي . جائته به المظيفة بدون سكر. اشار اليها عن ذلك و سألها عن جنسيتها فقالت له انها من تونس. فأجابها على الفور:
اني احب السكر الوفيرا كما احب " تونسا " كثيرا
اما حسان تونس فإنها تثير في قلبي صدى مثيرا
ضحكت المضيفة الظريفة من اشعاره الطريفة و اسرعت الى جلب صحن مليء بالسكر. ثم اعربت عن هواها في الشعر العربي . كانت فرصة موآتية لها جمعتها مع شاعر محترف و عاشق مجيد فتعاقدت معه ، ليس على الزواج بالمتعة و انما عى الشعر: ان تعمل له فنجانا "مخصوص" من القهوة المحلاة بسكر زيادة مقابل اشعار اخرى ينشدها اياها زيادة. قال لها ، هاتي قلما و ورقا لأملي عليك. اسرعت و جائته بذلك فأنشدها هذه الاشعار بسرعة الطائرة الجمبو:
ما اجمل القهوة في مجلس
تزينه حسناء من تونس
و الله لو اعرف عنوانها
كان رسولي باقة النرجس
و كان للشعر على صدرها
قلادة من حسنها تكتسي
والشعر إن غنى الصبا والجمال
انطق شعرا من فم الأخرس
عاد الى لندن فسألته، هل ينظم الشعر حسب جمال المضيفة او حسب ارتفاع الطائرة من سطح الأرض. فقال: كلاهما ، أنا لا اقول الشعر اذا كانت الطائرة قد هبطت الى ما دون العشرة آلاف قدم و دخلت في المطبات الجوية . اذا حدث ذلك و رأيت شفتي تتمتمان بشيء في مثل هذا الارتفاع، فأعلم انني اقرأ آية الكرسي و اتلو قل هو الله احد.

No comments: