Monday 5 January 2009

بداية الزحف الاسلامي

الصاروخ بدر 10

اضطرت حكومة دبي الى الغاء احتفالات العام الجديد حدادا على الارواح البريئة التي زهقت في غزة. و اذا كان دهاقنة دبي يلغون احتفالاتهم و يخسرون الملايين مما وظفوه فيها، فما اجدر بصاحب هذا الموقع ان يلغي ايضا نشر ما اعده من الطرائف و التقاليع بمناسبة العام الجديد و حلول شهر يناير. هذا شهر سيكون مخصصا للدموع و تبادل الشجون. و لكن شيئا آخر يتألق على الافق البعيد.
في عنف هذه المجزرة الجارية في غزة و الازمة السياسية الي صحبتها في ارجاء العالم العربي لمعت بارقة تبشر بالخير بعيدا عن ساحة الدماء و الدمار. لم تكن هذه البارقة في ساحة القتال ولا على طاولة المحادثات او صالات الامم المتحدة او مناقشات الفضائيات العربية ، و إنما على ورقة جريدة، الصفحة الاخيرة التي حملتها جريدة الغارديان البريطانية في 31 ديسمبر، آخر يوم من ايام 2008. و كانت رسالة وجهتها 18 منظمة اسلامية بريطانية و خمس منظمات علمانية نصيرة بريطانية ايضا ، الى رئيس الحكومة غوردن براون تعيره فيها على سكوته عما يجري في غزة و تناشده بعبارات قوية بالتحرك لوقف هذه المجزرة الجارية على رقاب مسلمين ابرياء.
طالما تساءل الناس عن دور المسلمين في الحياة العامة في اوربا. هناك نقد كبير لسكوتهم وسلبيتهم. و لكنه امر مفهوم. فاللاجيء و المغترب يحتاج وقتا للتأقلم و كسب الثقة و المعرفة. و لكن جيلا جديدا منهم قد ولد ونشأ في الغرب و اكتسب صفة المواطنة الكاملة. و معهم راح جيل الأمس يشعر بالثقة و المواصلة مع اخوانه من المسلمين الآخرين. العدد آخذ في التزايد باستمرار. و اختفت مضاعفات الشعور بالنقص و القلق على المستقبل. آن لهم ان يتحركوا . و قد تحركوا.
و بحركتهم ستواجه اسرائيل و الحركة الصهيونية صاروخا لم يسبق لهم ان فكروا بوجوده و تطوره و تشحينه. هذا ، و ليس غير هذا، هو الصاروخ الفعال الذي لا حدود لمداه ولا يخطأ في تهديفه و اصابته. لقد بدأ الزحف الاسلامي. الارقام لابد ان تبعث القشعريرة في ضلوع قادة اسرائيل. هناك مؤشرات قوية تدعمها الوثائق و الارقام باحتمالات تحول اوربا برمتها في نهاية هذا القرن الى كيان اسلامي تقطنه اكثرية من المسلمين، او فلنقل بتواضع تقطنه اقلية مسلمة كبيرة لها نفوذها و ثرواتها و رجالاتها و التزاماتها نحو اخوانها من المسلمين في المشرق و كل مكان.
اعتاد رؤساء الحكومات الغربية و ساسة الغرب على ملاحظة الضغوط و المؤثرات و اللوبيات الصهيونية و اخذها في الحساب. سيكون عليهم الآن ان ينظروا وراء كتفهم الآخر و يحسبوا للمسلمين حساباتهم ايضا. وهذه حسابات مهمة طالما كانت محاربة الارهاب من مهماتهم الاساسية التي اخذت تنغص عليهم نومهم بل و تؤثر على اقتصادياتهم و برامجهم السياسية. لا امل في دحر الارهاب بدون تحقيق العدالة ورفع الحيف عن المعذبين و المهضومة حقوقهم.
قال الكثير من المعلقين ، ان العملية الاسرائيلية في غزة سترتد على مخططيها ، على نحوما ارتدت في لبنان. وهذا في رأيي سيكون وجه الارتداد. ستعبيء ظمير المسلمين في صاروخ لا دروع ضده. و عندئذ سيتذكر اليهود ما حذرهم منه عقلاؤهم و حكماؤهم في اوائل القرن العشرين عن اخطار الحركة الصهيونية و فكرة اقامة وطن يهودي في قلب العالم العربي و الاسلامي. و عندئذ سيصبون اللعنة على آرثر بلفور الذي زج اليهود في هذا الآتون خدمة لمصالح الامبراطورية البريطانية و روح العداء ضد السامية.

يالقندرة و النعال


سلاح القنادر

لكل شعب طريقته في التعبير عن سخطه و غضبه. نحن نفعل ذلك بالقنادر و لنا فيها سجل طويل من المعارك كالمعركة التي جرت بين بلند الحيدري والاديب نجيب المانع عندما اتهم بلند بالكذب و المداهنة. و كان آخرها ما فعله الصحافي منتظر الزيدي بهجومه بقندرتيه على الرئيس بوش. نجى منها بوش و لكن المسكين منتظر تلقى عدة كسور في اضلاعه و اطرافه. وقد سبق لعبود الكرخي ان حثنا على استعمال هذات السلاح بقوله:
النذل بالك تقربــه لذعته لذع العقربـة
شيل قندرتك واضربه بهذي اقجتها الجديدة
الهجمة الحذائية تجري شفهيا كقولنا للخصم " ابن القندرة." و هذه صيغة خفيفة من الشتم. اقساها ان تقول" احط قندرتي هذي بـ.... أمك!" . وهو ما قاله النحات خالد الرحال لفنان آخر ارتقى بالمعركة الى القنادر الحقيقية و تلقى خالد عدة ضربات على رأسه سال منها الدم جزافا.
لا يعرف الغربيون هذا الجانب من الاحذية. كثيرا ما يعتزون بها بل و يحبونها، حتى ان بعض السيدات الفرنسيات يستعملن احذيتهن السكاربيل لأغراض العادة السرية. و لكننا نحتقر الحذاء و لم اسمع قط بإمرأة عربية تستعمل نعالها لأغراض جنسية رغم كل ما تعانيه من كبت. والسبب هو ان احذيتنا قذررة و كثيرا ما تكون ملوثة بالنجس و الغائط بسبب البيئة التي نمشي عليها. و لهذا اقتضى نزع الحذاء عند الصلاة و تركه خارج المسجد رغم كل ما يتعرض له من الخطف و السرقة. و الواقع ان كل الشعوب السامية تحتقر الحذاء. عند اليهود و بعض العرب ايضا يتم الطلاق بضرب المرأة او الرجل بالحذاء. وهذه قضية كبيرة واجهها القضاء العراقي في الاربعينات. توفي تاجر نمساوي في بغداد و خلف ارملة يهودية شرموطة ساقطة. عرفت بأن لزوجها اخ غني في فينا فكتبت له تدعي انها الآن زوجته بحكم الشريعة الموسوية التي تقضي بأن ارملة المتوفى تنتقل زوجة لأخيه الحي. اذا رفض ذلك فتقوم بضربه على رأسه بحذائها امام الناس ليصبح مطلقا منها. جن جنون الرجل عندما ادرك بأن عليه ان يسافر من فينا لبغداد لتضربه امرأة شرموطة بقندرتها على رأسه امام المحكمة.
هكذا نولي هذه الاهمية للقنادربحيث اننا نعتبر توجيه القندرة ، ولاسيما نعلها، في وجه الآخرين منتهى الاحتقار و الاستخفاف. وهذه معركة شهيرة في تاريخ القنادر توقف عليها استقلال العراق و سيادته. جرى ذلك لعمي احمد القشطيني عندما اقتضى عليه النظر في قضية تتعلق بالجيش البريطاني في زمن الانتداب. طلب من الضابط البريطاني ان يتأدب ولا يوجه قندرته في وجه المحكمة. اجابه بأنه يجلس في ادب فالتقاليد البريطانية لا تعتبر الجلوس رجلا على رجل و توجيه الحذاء عيبا. فأجابه عمي بأن ذلك عيب في التقاليد العراقية وعليه ان يحترم ذلك. قال هذا بلد تابع لبريطانيا و يخضع لتقاليدها. اجابه بأن العراق ليس مستعمرة وقضاؤه مستقل. واحتدم النقاش. هل العراق مستعمرة ام دولة منتدبة ذات سيادة؟ اضطر ابو محمود لرفع الدعوى. تلاقفتها الصحف والاحزاب الوطنية وتعالى الصياح والنقاش بين البلدين. وفيه توقف مستقبل العراق السياسي على فردة قندرة.
جرى مثل ذلك لصدام حسين عندما استقبل رجلا اجنبيا جلس امامه و قندرته في وجه القائد المنتصر. لم يعد بيده غير ان يبارح القاعة وترك الرجل بقندرته وحيدا. اسرع القوم لأعلامه بالخطأ فصححه وعاد القائد المنتصر اليه. واصلا المفاوضات وخرج الرجل محملا ببضعة ملايين من الدولارات. ثمن صغير لوضع قندرة على الارض.
من الآن وصاعدا علينا ان نفتح سجلا للقنادر بأرقام قياسية يومية. كم تسوى امريكا هذا اليوم ، عشرين قندرة؟ يقولون ستنخفض في عهد اوباما الى عشر قنادر! نعيش و نشوف! و لكن كلمة واحدة منه في تأييد ما تقوم به اسرائيل في غزة سيرفع قيمته الى ثلاثين قندرة و قيمة امريكا الى خمسين نعال.