Wednesday 2 December 2009

ايام لم تفت


التقويم القندري



إنني لست من عشاق التلفزيون و قلما اشاهد برامجه او نشراته. لا اشارك فيها ولا اتتبعها. ولهذا كثيرا ما اجد نفسي ضائعا بين مفرداتها. ومن ذلك أن زميلي الفنان نوري مجيد ذكرا لي شيئا عما يجري في منطقتنا . قلت له واين سمعت بذلك قال في القنوات. قلت ماذا تعني بالقنوات؟ أي قنوات؟ قنوات المجاري؟ تدخلت الزميلة صديقة قالت ما سامع ؟ يعني الفضائيات مثل البغدادية .
- البغدادية؟ هل هذه مسلسلة غرامية؟
عاد الزميل لينير لي طريقي فقال: هذي هي المحطة التلفزيونية التي كان ،
اومازال يشتغل فيها منتظر الزيدي.
- آسف ! لكن منو هو هذا ، الزيدي والا الزبيدي.."
- هذا التلفزيوني الشاب الذي ضرب بقندرته الرئيس بوش في بغداد.
- اوه! الآن ابتدأت افهم.
اصبح قذف جورج بوش بقندرة الزبيدي من الأحداث التي تذكرنا و تنير لنا طريقنا في فهم كثير من الأحداث الاخرى. وهذا ما جرى لي عندما رحت أعاتب احد اصدقائي على عدم جوابه على رسالة لي. قال بل اجبتك عليها. و اتذكر تماما ذلك، لأنني وضعت الجواب في صندوق البريد في اليوم الذي ضرب فيه منتظر الزيدي جورج بوش بالقندرة. اتذكر ذلك تماما. وكيف انساه.
و الظاهر الآن ان كثيرا من الناس اخذوا يؤرخون اعمالهم و مواعيدهم بقندرة الزيدي و قذفها على جورج بوش. اسمعهم يقولون ابن عمي محمود تزوج بعد اسبوعين من يوم ما ضرب منتظر جورج بوش بالقندرة. و تسأل صبيا يبيع فلافل في دمياط عن عمره فيقول و الله يا استاذ ما اعرفشي و لكن امي تقول اني ولدت بعد سنتين من يوم ما ضرب الواد العراقي منتظر الخواجة الامريكي بالكندرة. و يتجادل القوم و يتصايحون عن مجزرة غزة ، هل وقعت قبل او بعد ضربة بوش بالقندرة.
ويوحي لي ذلك بأنه سيأتي زمن يؤرخ فيه الباحثون و المؤرخون احداث البلاد العربية و الاسلامية برمتها بالإشارة الى ذلك اليوم. يقولون مثلا انه تم إطلاق سراح المزرحي بعد سنتين من ضرب جورج بوش بالقندرة . و يذكرون ان كاظم الساهر غنى "عبرت الشط عالمودك" قبل عشرين سنة من ضربة بوش بالقندرة.
و تمر الأيام و تمضي الأعوام و القرون و يفتح احفادنا كتب التاريخ والآثار فيقرؤن ان بغداد كانت مدينة مزدهرة ذات مجد تليد حتى اساء القوم إدارتها فغضب الله عليها و سلط عليها عواصف ترابية عرفت بالعجة فاندثرت تحت التراب و انمحى ذكرها حتى جاء منقبون يهود من اسرائيل و اكتشفوا موقعها بعد تسعمائة سنة من ضربة بوش بالقندرة. وجدوها بجانب نهر جاف كان يدعى نهر دجلة . وهي تسمية اطلقتها عليه اقوام انقرضت بعد مائتي سنة من ضربة القندرة عرفت انثروبولوجيا بالعرب. انقرضت لعجزها عن التطور كبقية الاحياء.
و هكذا سيظهر تقويم جديد لا شمي ولا قمري و إنما قندراتي، ينسب كل شيء الى قندرة الزيدي. فيقال انه تم اكتشاف قارة استراليا قبل مائتي سنة من ضربة بوش بالقندرة، و تسأل زميلك عن سقوط غرناطة فيقول و الله لا اعرف ذلك بالتاريخ الميلادي ولكن بالتاريخ القندري جرى ذلك قبل 1516 قندرة .

ايام فاتت