Monday 12 April 2010

الشرق الأوسط 11-4-10

شجون المرأة العربية

خالد القشطيني

تعليقا على ما اوردته من اشعار الدارمي الشعبية المحملة بهموم المرأة العراقية و سخطها على مجتمعها ، بعث الي الدكتور كاظم حبيب من المانيا بالابيات التالية من قصيدة محمد صالح بحر العلوم الشهيرة " اين حقي؟" التي شاطر فيها هموم العراقيات و عبر عنها قائلا:
و فتاة ما لها غير غبار الريح سترا
تخدم الحي و لا تملك من دنياه شبرا
و تود الموت كي تملك بعد الموت قبرا
و اذا الحفار فوق القبر يدعو :
اين حقي؟
غير ان زميلا آخر كتب لي يقول ان اشعار الدارمي ليست حقا من كلمات المرأة و انما كتبها رجال عن لسانها. وهذا منتهى ما يمكن ان تقع فيه المرأة من حضيض: ان يستولي الرجال حتى على حقها في التعبير عن همومها.
تعرض لهذا الموضوع ، موضوع الذكورة و الانوثة، السيد علي التميمي من الرياض. فقال عن لسان زوجته، الجامعية و خريجة هارفرد، انها ترى من المعقول و الواجب ان تمشي المرأة دائما وراء الرجل و تكون خلفه. من المؤسف ان الأخ التميمي لم يعطنا رأيها بالكامل بكل ما حداها لهذا الاعتقاد. و لكن من الظريف ان الرجل هنا ايضا يتقدم و يتكلم بأسم المرأة و عن لسانها.
بيد ان لي رأيي في الموضوع، كعادتي في اي موضوع. اعتقد ان الأمر يرتبط بالحرب و القتال. فحتى الحرب العالمية الأخيرة، لم تكن المرأة الاوربية تشارك الرجل في السير للقتال. كانت تقاليد الفروسية عندهم تقضي بأن يلبس الفارس دروعه و يسير الى القتال بأسم امرأته و يعود ليتغنى بجمالها فيقدمها لأصحابه. و كثيرا ما كانت تجري المبارزة وهي تطل عليها من شرفتها. و ربما لم تشارك المرأة في القتال لأنها لا تستطيع حمل هذه الدروع الثقيلة ، و إن استطاعت جان دارك لبسها.
و على العكس، عرف عن المرأة العربية مصاحبة الجيش في مسيرته، و اشتراكها معه احيانا في القتال كما فعلت خولة بنت الأزور. و كان تكتيك القتال عند العرب يقوم على تواجد النساء في المؤخرة ، يقمن بتشجيع الرجال بأهازيجهن و اشعارهن، و يسعفن الجرحى. و كلفهن خالد بن الوليد في معركة اليرموك ان يحملن السلاح و الهراوات ليرددن الهاربين من القتال . و بهذا الترتيب يدرك المقاتل العربي ان امرأته ورائه ستخزيه اذا هرب و ستقع في يد العدو إن لم يحمها. و هكذا اعتاد العراقي ان ينادي باسمها عندما يقاتل. يضرب و يهتف: " انا اخوك يا فاطمة" او "انا ابنك يا حسنة" و الفولكلور العراقي يضم صفحات مجيدة عن دور المرأة في هذه المواجهات. فعندما فرض الأنجليز على الثوار تسليم بنادقهم بعد استسلامهم و فعلوا ذلك. خرجت احدى بنات شيوخ آل السعدون ، القت بفوطتها على الارض و و نثرت شعرها على وجهها و راحت تضرب على صدرها وتنشد هذه الهوسة تخزي بها الرجال: " يا مجاري الهيبة و يا الهيبة!" ما ان سمع الثوار هوستها حتى هجموا ثانية على الانجليز و استعادوا اسلحتهم و هيبتهم.
اعتقد ان هذا الدور القتالي للمرأة العربية كخط ثان للمعركة هو من عوامل تقاليد المرأة في السير وراء الرجل.

No comments: