Thursday 15 April 2010

العالم 15-4-10

عين العراق على سوريا

خالد القشطيني

منذ تنصيب فيصل ابن الحسين ملكا على سوريا ثم طرده منها من قبل الفرنسيين ، ظلت اعين الاسرة الهاشمية تصبو الى ذلك البلد . و لكن لهذا الميل و الحنين بعد جيوفيزيائي. اهل الحجاز يتعلقون ببلاد الشام و اهل نجد يتعلقون ببلاد الرافدين. الحجازي يحلم بالزواج بسورية شقراء و النجدي يحلم بالزواج بعراقية سمراء.
ظل حنين الملك فيصل منصبا على دمشق التي دخلها فاتحا على رأس الجيش العربي ، بما اثار معروف الرصافي الى السخرية من ادعائه هذا بذلك البيت الشهير و البذيء:
بسيفك ام بسيف الانكليزي فتحت دمشق الشام يا ط ....
حاول فيصل ابن الحسين ان يضم بندا للدستور العراقي يتضمن دمج سوريا بالعراق. و لكن القوم ، بمن فيهم المندوب السامي البريطاني، حذروه من ذلك و من تجاوز الاعراف الدولية و إزعاج الفرنسيين. تعاظمت هذه الآمال بعد خروج الفرنسيين من سوريا في نهاية الحرب العالمية الثانية. فطمح الأمير عبد الآله بصورة خاصة الى تولي العرش فيها. تزامن ذلك مع المد الوحدوي و المطامح القومية لتوحيد البلاد العربية. فبذلك يصبح العراق و الاردن وسوريا تحت حكم احفاد الشريف الحسين بن علي.
تعاظمت الموآمرات و التحركات في هذا الاتجاه ، و معها تدفقت الأموال و الرشوات الى جيوب الزعماء و رجال الأعلام و حملة الاقلام . يروي صديقي الدبلوماسي المتقاعد عبد المنعم الخطيب، احد رجال ذلك العهد بأن السفارة العراقية في دمشق استلمت برقية من الخارجية في بغداد بدفع مكافآت لعدد من الزعماء السوريين المعروفين بميولهم القومية و مساعيهم الوحدوية. كان بين المذكورين في القائمة المفكر و الزعيم السياسي المعروف صبري العسلي . فتحوا التلفون معه.
" استاذ اذا تتفضل و تشرفنا بزيارتك. عندنا شغلة صغيرة معك."
هرع الاستاذ العسلي الى مبنى السفارة و التقي بالملحق الصحافي الذي سلمه المظروف الاسمر المتعارف عليه في ميادين الصداقة و الغرام السياسي. لم يصبر و يتريث حتى يعود للبيت و يفتح المظروف هناك. فتحه امام السيد الدبلوماسي العراقي . نظر فوجد فيه شيكا بمبلغ متواضع يساوي نحو خمسمائة دينار ، في ايام عز الدينار العراقي. و مع ذلك فقد امتقع وجهه مما رأى . طوى الشيك و التفت صوب الملحق الصحافي:
" شو هيده خيي؟ أحنا بنبيعكم بطيخ؟ إحنا بنسلمكم بلد!"
و انا شخصيا اتعاطف مع امتعاضه العميق. يعني هي الوحدة العربية وصلت الى هذا الحضيض؟ خمسمائة دينار ثمنها لا اكثر!

No comments: