Monday 12 April 2010

العالم 12-4-10

لا ارجوك! انا احترمك!

خالد القشطيني

ما من شيء ازعج و اكثر ايلاما من كلمة " احترمك" عندما يسمعها العاشق ممن يحب جوابا على فتح قلبه لها. يقول لها انا اموت في حبك وتقول له ، لا ، أنا احترمك كثيرا و خليني احافظ على هذا الأحترام. كأنها بذلك تقول ان الحب قلة احترام.
كم عانى من ذلك سائر من تولوا تدريس امرأة و كشفوا لها عن غرامهم ثم تلقوا منها هذا الجواب. لا ، ارجوك خلينا على الأحترام . حتى هذا العبقري لودفيك بتهوفن واجه هذا الموقف عندما كان يعلم العزف للكونتيسة جوزفينا ديم.
كان بتهوفن متعطشا للحب عند تعرضه للصمم. و كانت الكونتيسة قد فقدت زوجها. و كأي ارملة شابة حاولت ان تجد سلوى لها من وحدتها . وجدت ذلك في الموسيقى. و لم تجد افضل من هذا الموسيقار الخالد معلما لها. غير ان سلطان الحب سرعان ما استولى على قلب هذا الأستاذ و لم يتمالك نفسه من الكشف عن حبه لها ورغبته بالزواج بها.
واجه بذلك المشكلة الطبقية الأبدية بين البنت المدللة والمعلم الغلبان. اجابته بنفس ذلك الجواب. إنني اكن لك اعظم الأحترام و استمتع بقربك ولكن علي ان افكر بمكانة اولادي. يعني كيف يجوز ان ابن الكونت فون ديم يشير اليه الناس بأنه ابن المزيقجي! فضلا عن كل ذلك ، كانت جوزفينا ديم امرأة حريصة على مستقبل ابنائها و مستوى معيشتهم. مهما كسب بتهوفن من الموسيقى فإنه لن يعطيها المستوى اللائق بأميرة و اولاد امراء.
رغم هذه الصدمة التي تلقاها فأنه لم يحد عن ايمانه بالمرأة و تحرر المرأة. طالما وصفوا بتهوفن بأنه رائد المدرسة الرومانطيقية و مؤسسها . و لكنه في رأيي كان ايضا من رواد حركة تحرر المرأة و سبق بذلك ماركس و ابسن و توماس هاردي. و بوحيها كتب اوبرا " اليانورا" التي تمجد دور المرأة و قدرتها على البطولة. فقد كان العرف يقتضي تسمية الاعمال الفنية بأسم رجل ، اوديب، ماكبث ، هملت ، وهلمجرا. و لكن بتهوفن تجاوز ذلك ولأول مرة في تاريخ الفن و الأدب اعطيت المرأة الدور الرئيسي في العمل و سمي العمل بأسمها . . كان المعتاد ايضا في دنيا الموسيقى ان تعطى الأناث الأنغام الناعمة ، كما نجد في شهرزاد لكورساغوف. عزف رقيق على الأوتار و الفلوت و نحو ذلك. و لكن بتهوفن جاء بالطبول والأبواق و بقية الآلات النحاسية و جعلها تصرخ وتصاحب برنينها و زعيقها غناء البطلة و تعطيه وقعا عسكريا ثائرا، اصبح فيما بعد مثالا يحتذيه الموسيقار الألماني الآخر ، فاغنر. و لكن العلماء قبح الله سرهم، اكشفوا مؤخرا أن بتهوفن لم يمت موتا طبيعيا و انما مات بالسم. و السوآل الآن ، من الذي سمم هذا الموسيقار الفذ؟ أكانت امرأة اخرى تحترمه؟ اذا تحقق ذلك ، فسيكون موت رائد تحرر المرأة على يد امرأة من اكبر سخريات القدر.

No comments: