Sunday 30 May 2010

العالم 30-5-10

الأيمان الكروي

خالد القشطيني

اخذ الغربيون يعتبرون الايمان بالله مؤشرا على اختلال عقل الانسان و ابتلائه بعاهة نفسية. شككت في ذلك فقلت لأحد الزملاء ، هذا مبالغ فيه. انظر لقوة الايمان في امريكا و انتشار الأصولية ( فندمنتالزم) بينهم. فقال ، الم اقل؟ الأمريكان قصار العقول و يصدقون اي شيء، حتى ما يقوله نتنياهو و ساسة العراق.
في بريطانيا لا يؤمن بالدين غير ثلاثة بالمائة. قلما تجد كنيسة مفتوحة للجمهورالآن . و عندما تجد واحدة مفتوحة و تدخل لا تجد غالبا احدا يتعبد فيها. تنظر فترى القس جالسا في مكتبه يتفرج على صور العاريات في جريدة بيبل. راحوا يتوسلون بالجمهور للدخول و المشاركة في العبادة، او على الأقل الإنشاد و الترتيل. رأيت لوحة على احدى الكنائس تقول: تفضل معنا حتى و لو كنت لاتؤمن بالله."
الأدارة الدينية حائرة فيما يمكن عمله بهذه الكنائس التاريخية الجميلة. اخذوا يستعملون بعضها للحفلات الموسيقية و المسرحية. راح الشيوعيون العراقيون يستأجرون كنيسة رفرسايد لعقد مؤتمراتهم الماركسية. اخذت الأدارة تبيع بعض كنائسها. احتج بعض المؤمنين على بيع كنيسة للمسلمين ليمسحوا الصليب منها ويحولوها الى مسجد. اجاب الاسقف قائلا، و لكن اليس ذلك احسن من ان تتحول الى كباريه او كرخانة؟
بيد انني اكتشفت مؤخرا ميدانا واحدا ما زال الدين يتألق و يتعالي فيه بين الغربيين، وهو سباقات كرة القدم. فهذه لعبة كثيرا ما تتعرض لحكم القدر ولا يستطيع اللاعب او المتفرج ان يحسب فيها ما سيقع. يرفس الكرة فتصطدم بظهر الحكم و تدخل الهدف، و هلمجرا. و كله – كما يحسب المتفرجون – بمشيئة الله. جعل ذلك معظم اللاعبين يهتدون لوجود القادر. ترى اللاعب البرازيلي ينزل للساحة فيسرع و يرسم الصليب على صدره. و يهم لاعب سعودي بضربة جزاء فيرفع يديه اولا للسماء و يتلوا آية الكرسي ثم يضرب. تذهب بعض فرق امريكا اللاتينية الى الكنيسة اولا ليبارك القس على اقدامهم قبل الذهاب للملعب. و سمعت بأن احدهم لا يلعب بلابجين جديد الا بعد ان يدور به سبع مرات حول تمثال مريم العذراء. وهذه من اسرار تفوق الفريق البرازيلي باستمرار. فالفضل لا يعود الى مدربه الجيد، كما يتصو البعض، و انما الى الكاهن الجيد الذي يبارك عليهم.
حسم النتيجة عند التعادل بضربات الجزاء من احرج حلقات اي مسابقة عالمية . تتوقف كل ضربة منها على القدر. فتتوتر الأعصاب و يرتفع ضغط الدم و يتسارع النبض. بعض ضعاف القلوب يغمضون اعينهم و الفتاة تشد على ذراع عشيقها. و الجميع يتذكرون الله ، يصلون و يرتلون و يدعون. اصيب بعضهم بنوبة قلبية و نقلوه للمستشفى. مات غيرهم بالجلطة و دفنوه مع شهداء كرة القدم.
فطنت الكنيسة الانكليزية لكل ذلك فأصدرت في الاسبوع الماضي ثلاثة نصوص مختلفة لصلوات خاصة يتلوها المتفرجون و اللاعبون اثناء ازمة ضربات الجزاء تساعد فريقهم على النصر و تداوي اعصاب ضارب الكرة. لا داعي لأيراد نصوصها فنحن عندنا آية الكرسي و سورة قل هو الله احد.
هكذا انتقل الأيمان من المعبد الى الملعب. و لكن بقيت نقطة تحيرني. فكل فريق سيدعو الرب ان ينصره. كيف سيقرر الخالق لمن يعطي النصر؟

No comments: