Sunday 16 May 2010

الشرق الأوسط 17-5-10

ابن آوى و الدجاجة

خالد القشطيني

تردني بين يوم و آخر على الانترنت شتى الفتاوى و اخبار الفتاوى التي يصدرها مشايخ من مشارق ديار الأسلام و مغاربها دون ان تكون لي و لا للكثيرين من غيري اي معرفة عن اهلية الرجل في اصدار مثل هذه الفتوى. لا بأس في الفتاوى العقلانية و الشرعية فهي تدل على حيوية دين محمد و مقدرته على مواكبة الأحداث و تطورات الزمن. بيد ان بعض هذه الفتاوى التي اخذت تدور بين الناس لم تعد تثير في قلوبنا غير الضحك و العجب و الاستنكار. لا اريد ان آتي بعينات منها فأكون بمثابة ناقل الكذب و الزور، بل و الكفر، لاسيما و ان بعضها راح يمس طهارة صحابة رسول الله ، صلى الله عليه و سلم و خلفائه الراشدين.
بيد انني تذكرت و انا افكر في الأمر ، الحكاية الفولكلورية التي شاعات بين اهل العراق عن ذلك الثعلب العجوز و الحكيم. قالوا ان زوجته الثعلبة المصون لاحظت ما بدا على زوجها الثعلب الحكيم من معالم الكبر و الشيخوخة فقالت له ، يا حبيبي ابو ثعلبون ، لقد بلغت من الكبر عتيا و آن لك ان تسلم مهمات الصيد لأولادك ، كما يفعل كل هؤلاء الوزراء الفاسدون في هذا البلد. علمهم على الصيد و القنص و خلهم يجربون حظهم و يتعلمون. هز ابو ثعلبون رأسه استحسانا لكلمات زوجته ، وهو ما لا يفعله الكثير من رجالنا.
نادى على اولاده ، الثعيلبات الصغيرة، و خاطبهم بذلك و وعظهم في كيفية الصيد و التربص للفريسة. ثم اطلقهم ليجربوا حظهم. عادوا بعد سويعات و قد مسك كل منهم بفريسته ، و كانت كلها من توافه ما يؤكل ، هذا جاء بفرخ عصفور لايكبر عن اصبع و ذاك جاء بخنفسة يابسة و الثالث جاء بفأر عليل و هلمجرا. بيد ان واحدا منهم احضر دجاجة كبيرة محمصة محمرة و مطيبة بالتوابل تسر الناظرين . تعجب الوالد من امرها فسأل ابنه عنها، كيف يا ولدي حصلت على هذه الغنيمة؟ فقال:
"رأيتهم يحملون هذه الدجاجة لأمام المسجد. و ما كاد يجلس ليتعشى بها حتى دوى صوت المؤذن من المنارة . فلم يعد بيديه غير ان يترك الدجاجة و يذهب ليتوضأ و يأم المصلين في المسجد. و فيما كان بعيدا عنها ، غافلته و سرقت هذه الدجاجة و جئت بها. وها هي امامنا طعامنا هذا المساء."
استمع الثعلب الكبير لهذا الكلام ثم التفت الى ولده و قال:
" احسنت في صيدك ، و لكن هيا بك و اسرع و اعد الدجاجة لصاحبها."
" و لم ذلك؟" قال الثعيلب الصغير متعجبا.
" سيعود هذا الأمام ليتعشى فلا يجد الدجاجة حيث تركها فيسأل عن مصيرها فيقولون له ان ثعلبا جاء و خطفها. فيخرج و يصعد المنبر و يصدر فتوى بقتل كل الثعالب في البلاد و يقول ان قتل ابن آوى ركن من اركان الاسلام. فيعمل المسلمون سيوفهم فينا... اسرع با ولدي و اعد الدجاجة اليه و لا توقعنا، نحن معشر الثعالب، في محنة هذه الفتوى."

No comments: