Wednesday 12 May 2010

العالم 12-5-10

عركة على الجنة

خالد القشطيني

نسمع الكثير في هذه الأيام عن العركة على الكعكة فيما يجري الآن في العراق و لا سيما بعد الانتخابات الأخيرة. و لكن لهذه العركات العراقية تايخ طويل على ما يظهر يحدوني للتفكير بتأليف كتاب موسوعي جديد بعنوان " تاريخ العركات على الكعكات في العراق". فهو موضوع ملذ و مشوق حقا. فمن آخر ما سمعته كانت عركة على الجنة نفسها- صدق او لا تصدق!
من هذه العركات ايضا عركة بين الأكراد و العرب و التركمان على كركوك. الكرد يريدونها تنظم الى منطقة كردستان. و التركمان يريدونها تبقى تركمانية مستقلة ، او ربما تلحق بتركيا و العرب يريدونها جزء من امة عربية خالدة. و بين هؤلاء و هؤلاء هناك من يفكر بتقسيمها بين هذه الفئات الثلاث. هذه عركة على بقلاوة النفط.
و لكنني سمعت مؤخرا عن عركة بين نفس هذه الفئات على اقتسام الجنة. حدثني الزميل عبد المنعم الخطيب ، الدبلوماسي و المستشار القانوني ، انه عندما توفي جده الشيخ عبد الهادي الخطيب ، الإمام و الخطيب في جامع شهربان عندئذ في اوائل القرن الماضي خرجت جماهير المدينة من العرب في تشييعه في مواكب تقودها مجموعات من الصوفية بعمائمهم و اعلامهم و راياتهم. و انطلق هؤلاء على عادتهم في الضرب على الدفوف و الطبول و الغناء. راحوا يهوسون بهوسة تقول: " ثلثين الجنة لهادينا." لا ادري ما الذي بقي من الجنة لنا و لكل هذه الملايين من المسلمين من اقصى المغرب و موريتانيا الى مشارق الفلبين و اندونيسيا اذا كان اهل شهربان قد حجزوا لأنفسهم ثلثي الجنة بالتمام.
سمع اكراد المدينة بالهوسة فاحتجوا على ما سمعوا، و الحق معهم. لم يكن عندهم يومئذ بيشمرغا ليحاربوا و يستعيدوا الجنة، الجنستان. و لكنهم اندفعوا رغم ذلك وراحوا يطالبون بحصتهم من الجنة بإسم شيخهم كاكا احمد. و نجحوا في سعيهم بدون اراقة قطرة دم واحدة. وافق العرب على مطاليبهم فحوروا الهوسة و اضافوا اليها و قالوا:
" ثلثين الجنة لهادينا
و الثلث لكاكا احمد و كراده."
كلام جميل و إن لم يبق من الجنة شيء لبقية المسلمين. فامتعض آل البربوتي من الأمر و خشوا على مصيرهم في الدنيا الآخرة. هرعوا الى شيخ المتصوفة في مقدمة الموكب يطالبون بحصتهم من الجنة. و كان الشيخ رجلا كريما لا يغدر بحقوق الناس كما يغدرون في هذه الأيام. فعاد و حور الهوسة مرة ثانية . و انطلق القوم يضربون بدفوفهم و طبولهم و يرددون:
ثلثين الجنة لهادينا
و الثلث لكاكا احمد و كراده
و شوي شوية لبربوتي!
و اعتقد ان من المفيد و الحكمة وقد استعصت مشكلة كركوك اليوم ان يبعث كل فريق من النزاع بممثليهم الى شهربان و يحكموا اهلها في تقسيم المدينة.

No comments: