Tuesday 18 May 2010

العالم 18-5-10

من اعباء الحكم

خالد القشطيني

تحمل من تضيق بتحمله و احترامه مشقة واحدة من مشقات الحكم. فكثيرا ما يضطر الحاكم و الموظف المسؤول الى مداراة و مجاملة اشخاص يكرههم و يحتقرهم و لكن واجب الحكم و المسؤولية تفرض ذلك عليه. وهو تماما مثلما يضطر المرء الى تحمل هذيان امرأة حسناء من اجل نيل مرامه منها. لا بد ان يعاني الكثير من المسؤولين في العراق الآن من عبأ تحمل مقابلة الكثيرين من الجهلاء و الخرافيين طمعا بمرضاتهم و مساندتهم و خوفا من فتاواهم. تماما مثلما يقتضي على الكثير من المفكرين و المثقفين الأفاضل تحمل هؤلاء المسؤولين الجهلاء و اظهار الأحترام لهم حرصا لى تمشية معاملاتهم او الحصول على وظيفة او مكرمة منهم.
وجد الكساندر، قيصر روسيا مشقة في مخاطبة نابليون الثالث الذي اعتبره دعيا و رخيصا اغتصب الحكم. لم يعرف كيف يخاطبه. فأضطر الى استعمال صيغة " صديقي الامبراطور" بدلا من الصيغة المتعارف عليها " اخي الأمبراطور". شكى نابليون ذلك الى الملكة فكتوريا فأجابته بما عرفت عنه من الحكمة و قالت له. " يجب ان تعتز بذلك و لا تنزعج منه. فالأخ شيء يفرض عليك بالولادة . و لكن الصديق شخص تختاره بارادتك."
كان الملك جورج الخامس يكره المؤتمرات الدولية لأن الكثير ممن يحضرونها اناس رعاع. و كان آخر ملك يلعب دورا مهما في شؤون بلاده و يتدخل في عمل الحكومة. سمع بأن رئيس وزرائه لويد جورج سيذهب لحضور مؤتمر جنوة عن السلام العالمي. فبادره قائلا: ": هل افترض انك ستذهب الى هناك و تقابل لنين و تروتسكي؟" فأجابه قائلا: " لا استطيع ان اختار من يقتضي علي مقابلتهم في خدمة جلالتكم. فقبل ايام قليلة ، اقتضى علي ان امد يدي و اصافح جناب سامي بك. الرجل الوضيع الذي اختفى من المفاوضات ليوم كامل حتى عثروا عليه في بيت دعارة في شرقي لندن. كان يمثل حكومة مصطفي كمال اتاتورك... لا بد ان اعترف لجلالتكم بأنني لا املك اي خيار في مقابلة مثل هؤلاء الناس!"
علما بأن الملك نفسه لم يملك هذا الخيار فصافح لويد جورج عالما بأنه كان يعيش سرا مع عاهرة! و في حكاية اخرى ، رواها هارولد نكلسن ، قال ان الملك جورج الخامس اضطر لاستقبال انطوني ايدن في الغرفة الشمالية من قصر بكنغهام بسبب أصلاحات في البهو الرسمي. و كانت الغرفة الشمالية تقابل الساحة التي يقوم فيها الجوق الملكي بعزف الموسيقى. اعتذر لأنطوني ايدن عن ذلك و قال له انه اصدر اوامره الى الجوق بالا يقوم بالعزف اثناء الاجتماع. تحدث وزير الخارجية عن المهمات التي سيقتضي عليه القيام بها ثم انتقل الى ذكر الشخصيات التي سيلتقي بها من المشاركين في المفاوضات. و كان بينهم طبعا مثلوا الحكومة البلشفية الجديدة للأتحاد السوفيتي. فضرب الملك على الجرس لينادي الخادم. و عندما حضر بادره جلالته فقال له ، يمكنك ان تخبر قائد الجوق الموسيقي بأن يباشر في العزف و التمرين.

No comments: