Saturday 29 May 2010

العالم 29-5-10

كول على نفسه

خالد القشطيني

من اصطلاحات و عمليات كرة القدم تسجيل اللاعب هدفا (كول) على حساب فريقه. يحصل ذلك عندما يخطيء المدافع فيرمي الكرة الى هدفه بدلا من ابعادها عنه، فيقال انه سجل كول على نفسه. و شاع الاصطلاح. أخذنا نطبقه على كل عملية تسفر عن مردود عكسي خلاف ما كان يرمي اليه صاحبها. وها انا شهدت مثالا سياسيا لهذه العملية الخاطئة فيما يقوم به الاسلاميون الارهابيون ضد الغرب.
اصدر فريق من الباحثين في بريطانيا قبل بضعة اشهر دراسة تقول ان المسلمين سيشكلون الأكثرية في بريطانيا عند نهاية هذا القرن بفضل نسبة الولادة العالية بينهم و استمرار تدفق اللاجئين و المهاجرين المسلمين و نزوح بعض الانجليز الى المناطق الدافئة من العالم و اعتناق بعضهم الاسلام. قمع هذا التقرير اعلاميا خوفا مما يسببه من ردود فعل سلبية و تفاقم الاسلام فوبيا.
يصدق ذلك بصورة اكبر في البلدان الاوربية الأخرى التي اصبح المسلمون يشكلون فيها اقليات كبيرة كألمانيا مثلا حيث ذكر تقرير من معهد الأبحاث الاجتماعية يشير الى التباين الشاسع في نسبة الولادة بين الالمانيات و التركيات. فأمومة الالمانيات في سن الأخصاب (من سن 25 الى سن 35) لا تتجاوز 12% في حين ترتفع هذه النسبة بين التركيات الى 80%.
امل المسلمين الذي سعوا اليه عبر القرون بالسيف و فشلوا، وهو اسلمة اوربا ، اصبح الآن امكانية واقعية و بدون اراقة دماء. لم يعد هيمنة الاسلام على اوربا مجرد تكهنات و انما مسألة وقت، ولا سيما اذا انضمت تركيا الى المجموعة الاوربية.
و عليه فما يسعى اليه الاسلاميون برفع راية " لا اله الا الله" فوق قصر بكنغهام و كل القصور السيادية في اوربا غدا موضوعا بمتناول اليد. كل ما يحتاجون له هو الصبر و السعي لزيادة معدلات تكاثر المسلمين. بيد ان ما يفعلونه الآن من العمليات الارهابية و التصرفات السلبية و الفوضوية يجري في عكس ذلك. فهذه العمليات و التصرفات (كالاصرار على لبس البرقع) اخذت تعمق الاسلام فوبيا و تستنفر الجمهور الغربي لأتخاذ الاجراءات للحد من ورود المسلمين و تجنيسهم و اقامتهم. اصبح موضوع تقييد الهجرة من المواضيع الرئيسية في الانتخابات البريطانية الأخيرة و كل انتخابات في اوربا. تقول الأخبار ان وضع المسلمين ، ولاسيما الباكستانيين، غدا عسيرا تماما في امريكا بما جعل بعضهم يفكرون في الخروج منها . و اصبح حصول المسلمين على سمة دخول اليها من اصعب المهمات.
وهذا ما يحدوني للقول بأن الاسلاميين قد سجلوا كول على انفسهم.
و حتى في غياب الأكثرية ، فأن وجودهم كأقلية كبيرة يعطيهم الفرصة للتأثير على سياسات الغرب و الارتقاء الى مراكز قيادية والتغلغل في ميادين استراتيجية، كالتجارة والاكاديميا. و لكنهم الآن مقيدون بسبب الخوف منهم. لا تسمح لهم الجامعات الآن مثلا بدراسة المواضيع الحساسة ، كالذرة. و يترددون بالسماح لمسلم في دخول ميادين استراتيجية. و يواجهون صعوبة في نيل اصوات الناخبين في الانتخابات. وهذا كله كول آخر سجله الاسلاميون على انفسهم.

No comments: