Thursday 20 May 2010

الشرق الأوسط 20-5-10

المتعة فن و الخدمة متعة

خالد القشطيني

كثيرا ما احزن بل و ارثي لمعظم المغتربين الذين يعانون من الوحدة و الضياع و احيانا المرض و الأكتئاب. فالكثير منهم يعيشون على المساعدة و ليس لهم اي عمل يشغلهم. لا يعرفون ماذا يفعلون بكل هذا الوقت الضائع و الفارغ من حياتهم. و العجيب في شأنهم انهم يعيشون في هذه العواصم الغربية التي تعج بالفعاليات ، موسيقى و رقص و مسارح و معارض و متاحف ، و اكثرها مفتوحة مجانا. لماذا لا يذهبون و يستمتعون بها؟ الجواب هو ان المتعة في مجتمع متحضر تتطب قدرا من الثقافة. فالمتاحف لا تعني شيئا بالنسبة لمن لا يعرف التاريخ. و الموسيقى و الغناء و الرقص يتطلب بعض الأمام بهذه الفنون. و كذا بالنسبة للمعارض و الاعمال التشكيلية. هذا من نقائص التعليم في مدارسنا. لا يوسعون مفاهم الطفل ليستطيع الاستمتاع بجمال الحياة و روعة الفنون. يضطر احيانا لملأ الفراغ في حياته بالشغب و الارهاب و الأدمان. اجد المواطن العربي لا يستمتع في شيء غير الأكل و الجنس ، و كلاهما لا يستنزفان من وقته غير دقائق قليلة. فكيف يقضي الساعات الطويلة المتبقية؟ نعم ، بالهذرفة و الشغب و العراك مع اهله و صحبه و حكومته. اضيف التلفزيون اليها مؤخرا.
الخدمة باب آخر من ابواب الاستمتاع بالحياة التي لم يعلمونا عليها، رغم كل ما يوصينا به ديننا من اعمال الخير. و لكن الكثير من الغربيين يجدون متعتهم، و سلواهم اذا عانوا من شيء، في القيام بخدمة الآخرين، المشردين و المقعدين و المحتاجين ، الخ. تجدهم احيانا يتركون اعمالهم و عوائلهم و يذهبون الى اقاصي افريقيا لمساعدة الجياع و المرضى. انه شيء يعطيهم سعادة داخلية و شعورا بالرضى و الحيوية. تفقد امرأة زوجها فتجد سعادتها في حب الآخرين و خدمة الملايين.
لا تجلس و تقضي بقية حياتها في البكاء و النحيب ، و انما في العمل و المعاونة.
بيد ان عددا من المغتربين ( ذكورا و اناثا) تغذوا بهذه الروح الانسانية و كرسوا اوقاتهم لمساعدة شعوبهم. حضرت قبل اشهر حفلة خيرية قامت بها جمعية نسائية تونسية لمساعدة الأطفال المقعدين في تونس. و في السبت القادم 22 مايو ستقيم جمعية الأمل العراقية حفلة موسيقية مشابهة في قاعة الملكة اليزابث بلندن، يشارك فيها العواد احمد مختار مع هذه المجموعة الطريفة من الموسيقيين العرب و الافرنج " مجموعة بغداد" و فرقة المقام العراقي التي يقودها محمد قمر على آلة الجوزة. ستكون حفلة فريدة حافلة بالتجارب الموسيقية و الأغاني التراثية.
تضم جمعية الأمل عددا من السيدات اللواتي يجدن سعادتهن و يستمتعن بحياتهن في السعي لتحسين حياة الآخرين ، الأطفال المقعدين و الأيتام المشردين ، و النساء المستضعفات في العراق و الغربة من ضحايا كل هذه الحروب التي دكت المجتمع العراقي . سأكون واحدا ممن سيلتمس سعادته و متعته في الحياة ليس فقط في الأستماع لموسيقى المقام و العود بل و في المساهمة في مساعدة من هم اقل حظا مني، كل هذه الضحايا التي ملأ بها صدام حسين هذا البلد المنكوب.

No comments: