البذرة الاولى العالم 17-3-10
خالد القشطيني
تماشيا مع الوعد الذي قطعته بتنوير القاريء العراقي بأحداث تطور الحكم الديمقراطي في الغرب، ارجع به الى الخطوة الاولى التي قطعها الانسان نحو هذا الهدف. جرى ذلك في اليونان في اواسط القرن السادس ق.م. واخذ طريقه للازدهار في القرن التالي. تحير الباحثون في اسرار هذا التطور. لماذا توصل الاغريق من دون كل شعوب العالم القديم لهذا النوع من الحكم. و انا من جانبي ، مازلت متحيرا لماذا مال الغربيون عموما لذلك في حين تشبث الشرق بالحكم الوراثي المستبد؟ فحتى في اسوء مراحل التاريخ الاوربي كانت هناك مجالس محلية في القرى و البلدات تصرف شؤون المجموعة.
المتفق عليه ان اليونان اصبحت مركزا لامبراطورية واسعة في القرن السادس و تعاظمت الثروة فيها. و الثراء يدفع الثري للسهر على ثروته و صيانتها بالسهر على سياسة بلده و المشاركة في تصريفها . ليس للفقير ما يعنيه من مصير بلده الذي لا يملك فيه شيئا.
العنصر الثاني هو ان اليونان كانت بلدا جبليا فانقسم الى مجموعة دويلات صغيرة مستقلة ذات نفوس قليلة. يعني ذلك ان المواطن يسهل عليه ان يعرف المواطنين الآخرين و يتحاور معهم. و بالتالي يسهل عليه اختيار من يعتبره اهلا للحكم و يراقب عملهم و يناقشهم في السوق و المناسبات. كما يسهل على النواب ان يعرفوا بعضهم البعض و يتناقشوا داخلا و خارجا. و تجمعهم وحدة اللغة و الدين و المصلحة. و لهذا سهلت اقامة الديمقراطية في بلد صغير كالكويت و انكلترا وصعبت في بلد واسع متنوع كالسعودية و العراق و روسيا.
الملاحظ ايضا انهم طبخوا الحكم الديمقراطي على مراحل و باسلوب التجربة و الخطأ ، وليس بشك عبوة تشترى جاهزة.
بالاضافة لذلك ، سهلوا العملية بحصر حق الاقتراع بالمواطن الاصيل و حرموا النساء و العبيد و الغرباء من هذا الحق. و كان الاقتراع يجري بصورة مباشرة. يضعون قارورات كبيرة يمثل كل منها مرشحا معينا . و كان حق الترشيح مطلقا للجميع. يأتي الناخب فيلتقط قحفا من اقحاف اناء مكسور و يضعه في قارورة المرشح الذي يؤيده. ثم يجري حساب عدد القحوف في كل قارورة فيفوز من حصل على اكبر عدد من القحوف. يجتمع النواب و يتناقشون و يقررون في مكان مفتوح يستطيع اي مواطن ان يتفرج عليهم و يستمع لمناقشاتهم. و تصدر القرارات برفع الأيدي. و لم يدفع الاغريق رواتب للنواب فكانوا يعتبرون هذا العمل خدمة عامة. ضمن ذلك الحصول على نواب لم يطمعوا برواتب و انما همهم خدمة بلدهم و وجدوا في انفسهم الكفاءة.
ترسخ هذا الحكم في اثينا و سموه " ديمقراطية " اشتقاقا من " ديموس" التي تعني الشعب و " كراسي" التي تعني الحكم ، فيكون المعنى حكم الشعب. لم يقف الفلاسفة ، و على رأسهم سقراط و افلاطون، موقفا ايجابيا من حكم الشعب و اعتبروه حكم الرعاع و الجهلاء. الأمر الذي جعلهم يعتقلون سقراط و يحكمون عليه بالأعدام. فكان اول شهيد لا للديمقراطية و انما لمعارضتها.
Wednesday, 17 March 2010
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment