Wednesday 17 March 2010

بين مؤمن و شيوعي

المسلم مسلم و إن كفر العالم 16-3-10

خالد القشطيني

الشيخ عبد العزيزالتويجري رحمه الله من المسلمين المتنورين. قال لي يوما ان المسلم لا يخرج عن دينه مهما اشتط و تشكك و كفر. تراه في آخر المطاف يعود لأحضان الاسلام. كثيرا ما لاحظت ذلك بين اصحابي الذين دخلوا الشيخوخة او ادركهم المرض او الموت. كذاك الذي كرس كل حياته للحزب الشيوعي ثم سمعت عنه يذهب للحج . تذكرت صديقي الفنان الكبير شاكر حسن . آمن بالوجودية ودعى للاباحية طيلة شبابه و انهى حياته مسلما متطرفا يرفض حتى مصافحة النساء.
سمعت مصداقا لذلك مما رواه لي مؤخرا صديقي حازم السامرائي صاحب مكتبة دار الحكمة. انني ارى فيه المسلم العراقي الاصيل. كثيرا ما تعج مكتبته بالشيوعيين و الملحدين و العلمانميين و اليهود و النصارى. لم اسمعه قط يجادل احدا في دينه او الحاده او يسأله لماذا لا تصلي او تعال معي للمسجد. نشر لي معظم كتبي دون ان يناقشني قط في افكاري او يحذف شيئا منها. رأيت مساعديه يؤدون الصلاة في المكتبة . و لكنني لم اره قط يفعل ذلك. الصلاة و العبادة عنده شيء خاص بينه و بين ربه لا يريد ان يتظاهر به.
سمع يوما ان احد زبائنه ، الاديب شريف الربيعي، مريض يشرف على الموت في المستشفى. كان الربيعي من الشيوعيين القدامى و كتب الكثير من منطلقات الماركسية. سمع حازم بحالته وقرر ان يعوده . عرف انه في حالة شلل تام ، لا يأكل و لا يشرب ولا يتحرك و لا يتكلم ولا يرى. فما الذي يمكن ان يأخذ اليه؟ فكر في الأمر. قرر اخيرا ان يأخذ من مكتبته نسخة من القرآن الكريم لهذا الشيوعي و المفكر الماركسي. فعل ذلك و جلس بجانب المريض. قالت له الممرضة ان الشيء الوحيد الذي يستطيع هذا المريض ان يفعله هو ان يغمض و يفتح عينيه. قال له : اخي شريف ، جئت لك بنسخة من القرآن الكريم. هل تريدني اقرأ لك شيئا منه؟ اذا لم تجد مانعا من ذلك فافتح عينيك ثم اغلقهما لأقرأ لك.
نظر ابو هشام في وجه الرفيق فرآه يفتح عينيه . فباشر بالقراءة. " صدق الله العظيم" قال بعد ان انهى السورة. ثم عاد و نظر في وجه المريض و سأله ثانية : عزيزي شريف، تريدني استمر بالقراءة؟ اذا تريدني استمر فافتح عينك مرة اخرى.
فتح عينه، فاستأنف حازم القراءة من المصحف الشريف و الرفيق المناضل يصغي اليه. استمر صديقنا المسلم يتلو على صديقنا الشيوعي ما تيسر من كلام الله عز و جل. كانت الممرضة الانكليزية تراقب ذلك من زاويتها. ابتسمت و تقدمت اليه :" صديقك الآن في حالة مستقرة. اراه يتنفس جيدا. لقد تحسن تنفسه. و هو الآن دخل في نوم هاديء. اتركه هكذا . و تعال لزيارته غدا و اقرأ له. لقد ارتاح مما قرأته له. لا ادري ماذا قرأت. و لكنه ارتاح له."

No comments: