Monday 22 March 2010

العالم 22-3-10

الحمام و الاقتصاد الوطني

خالد القشطيني

كلما واجه الغربيون ازمة طاقة القوا با للوم على الحمام. فالبانيو في الحمام الغربي يتطلب الكثير من الماء الساخن و الذي يستهلك في تسخينه كثيرا من الوقود. عانوا من ذلك اثناء الحرب و لكن الأزمة استمرت في بريطانيا حين كان هيو غيتسكل وزيرا للطاقة و الوقود فقاد حملة لتخفيض استهلاك الوقود بنسبة عشرة بالمائة. و كان اول ما خطر له الحد من استعمال الحمامات. فراح يطوف البلاد يخطب و يعظ الجمهور بتقليل الغسل ، وهو شيء عجيب من وزير يفترض فيه حث الناس على النظافة. لسوء حظ غيتسكل انه كان قليل الاطلاع عى الاسلام و الا لطلب فتوى من المرجعية بحث الناس على التيمم.
الحكومات عندهم تختلف عن حكوماتنا. فالجمهور عندهم ينتظر من الوزراء و المسؤولين ان يبدأو بأنفسهم و يعطوا قدوة للآخرين. و هكذا اضطر غيتسكل ان يصارح الناس فيقول: " انا شخصيا لم آخذ حمامات كثيرة في حياتي مطلقا. و استطيع ان اؤكد لمن اعتاد على الاستحمام الكثير بأن قلة الاستحمام لا يؤثر كثيرا على الصحة. و بقدر ما يتعلق الأمر بالمظهر فلا احد يرى ما هو تحت ثيابك."
و بالطبع مسك خصومه المحافظون بذلك و راحوا يشهرون به بأن يشجع الشعب على القذارة. و راحوا ينعتونه بالوزير الوسخ. انبرى تشرشل في البرلمان فقال: عندما يتفوه وزراء صاحب الجلالة بمثل هذا الكلام ، فلا ينبغي لهم ان يتعجبوا اذا ما لاحظوا ان روائحهم الكريهة اخذت تزداد من يوم الى يوم. و اتسائل يا سيدي رئيس الجلسة اذا كان من الجائز الآن ان نستعمل كلمة " جيفة" كأصطلاح برلماني ، في الاشارة لهذه الحكومة الحاضرة."
و بعد ان القى الزعيم العمالي نفسه في هذا المأزق ، لم يجد اصحابه و ذووه غير ان يهبوا لنجدته فتطوعت خادمته و زوجته بأن ما قاله غير صحيح ، و انه يأخذ حماما كل يوم. فانطلقت ضجة جديدة ضده بأنه كان يكذب فيما يقول. و الكذب في بريطانيا اسوء بكثير من الوساخة .
عادت الحمامات لتشغل بال الحكومة البريطانية في عهد ادوارد هيث عندما واجهت ازمة وقود مشابهة و اضطرت مرة اخرى الى مناشدة الجمهور بالأقتصاد في استعمال الحمام. لم يعيدوا غلطة هيو غيتسكل و لكنهم وزعوا ملصقات لرجل و امرأة في البانيو فوق كلمات تقول: " خذ امرأة معك في البانيو!" الفكرة هي ان وجود جسمين في البانيو بدلا من جسم واحد يقلل من كمية الماء الساخن المطلوب لملآ البانيو. و ربما يجد الرجل في المرأة من الحرارة ما يغنيه عن سخونة الماء. و لكن خصوم الحكومة اعطوا النداء تعليلا آخر. انه يشجع على الاباحية والتفسخ الاخلاقي. و لكن المسكين ادوارد هيث الذي لم يتزوج و لم يعرف المرأة و مطباتها في حياته وقع في فخ من حيث لا يعرف. و كله بسبب الحمامات الملعونة

No comments: