Wednesday 17 March 2010

الطيور على احبائها تقع

الحب و الطير الشرق الأوسط 14-3-10

خالد القشطيني

من اهم الفروق التي تختلف فيها الحيوانات اللبونة عن حيوانات الطير و التي لم يذكروها لنا في المدرسة ان اللبونات حيوانات اباحية في حين ان الطيور حيوانات زوجية. من المعروف في ادبنا و تراثنا ان الصخول و الغزلان مثلا تستبيح اناثها. كذا وصف الجواهري خصومه و امعانهم بالفساد فنعتهم بالمعز وقال "مثل الصخول انحدرت من أكام". و الشاعر العربي وصف غانية حسناء بالغزالة:
فقت الغزالة في جميع صفاتها
و تجمعت كل المحاسن فيك
لك جيدها و لحاظها و نفورها
اما القرون فأنها لأبيك!
و هكذا اصبحت قرون الظلفيات رمزا للآباحية عند سائر الشعوب شرقا و غربا. و اصبحنا نطلق في العراق على الرجل الفاقد الشرف بأنه "مقرّن" بتشديد الراء.
بيد ان العرب و الغربيين لم تكن لهم معرفة بالقرود، والا لوجدوها اكثر من الظلفيات اباحية. رصد العلماء ن انثى القرد تتجامع 25 مرة في اليوم الواحد مع شتى الذكور. و لاحظ فريق من العلماء في استراليا ان انثى الشمبانزي تصرخ اثناء العملية الجنسية لتعلن لبقية الذكور رغبتها في الجنس. فيجتمعون حولها بشكل دائرة انتظارا لدورهم معها. و لما كان الشمبانزي اقرب الحيوانات للجنس البشري في سلم التطور فقد رأوا ان صراخ انثى البشر اثناء مزاولة الجنس هو اعلان عن شبقيتها و رغبتها.
على عكس ذلك نجد ان الطيور حيوانات زوجية يلتزم كل منها بالآخر ولا يتركان مجالا للخيانات الزوجية قط. ولا شك ان السبب يرتبط بأحتضان البيض ، العملية التي تتطلب تناوب الذكر و الانثى تناوبا منتظما على حضن البيض لغاية التفقيس.
هكذا اصبح حب الطير لشريكة حياته و اخلاصه لها مثل اخلاصها له، شعارا لحياة الطيور فأصبحنا نربط الحب الطاهر و الحب الرومانسي بالطيور. و نقول عن العاشقين و الزوجين المترابطين بأنهما مثل الطيور يتعلقان بعضا ببعض. و نشأت عن ذلك كثير من الاساطير و المعتقدات. هكذا رأينا الرسامين يزينون اي قصة غرام او ديوان شعر رومانسي بالطيور و الاوراد.
و اخذت الحمامة مكانة خاصة بين الطيور في ظمير الانسان و ادبياته و فنونه. جاء ذكرها في قصة نوح عليه السلام عندما بشرته بأنتهاء الطوفان. ومنها ، اصبحت عالميا رمزا للسلام . صورها بيكاسو في عدة لوحات. و اعتدنا على وصف الساسة المحبين للسلام و التفاهم بأنهم " الحمائم". مثلما رحنا نصف المتطرفين المتعلقين بالمنازعات بأنهم " الصقور". و اخذ المصورون في الغرب يرسمونها في لوحاتهم للدلالة على الروح و صعودها الى السماء. وفي بلاد الشام يطلقون اسمها على العضو الذكري. وشتان بين الاثيين.
بيد ان من اكثر الطيور التي استحوذت بخيال الانسان و اخذت مكانا واسعا في خياله و اساطيره و ادبياته طيور البجع. الواقع ان لي شخصيا دورا فيها بعد ان عشت معها لسنوات غير قليلة مما سأتناوله في مقالتي القادمة ، انشاء الله.

No comments: