Thursday 25 March 2010

الشرق الاوسط 25-3-10

شق الثياب طربا

خالد القشطيني

هذه ظاهرة عجيبة من شعوب فقيرة كشعوب الشرق الاوسط ، وهي ان يشق الناس ثيابهم عند انفعالهم. و من المعتاد للمرأة عندما يردها نبأ موت عزيز عليها ان تبادر الى شق ثوبها حتى و لو كان الثوب الوحيد الذي تملكه ، لتلطم على صدرها. هذا ما فعلته والدتي عندما لفظ والدي انفاسه الأخيرة ، رحمهما الله. و رأيت في بغداد مشهدا لن انساه: امرأة دهست و قتلت سيارة ابنتها الوحيدة فشقت ثوبها بالكامل فتعرى جسمها و كشف عن عورتها ور احت تجري هكذا كالمجنونة للمستشفى و الناس عبثا يحاولون سترها.
افهم ان يفعل ذلك منكوب و لكن العجيب اننا نفعل ذلك حتى في الأفراح و شركات الملابس الجاهزة تشجعنا عليه. انطبق ذلك بصورة خاصة على حفلات الطرب. يا و ياما سمعت عمن كانوا يشقون ثيابهم كلما ابدعت ام كلثوم في آهة من آهاتها المثيرة. و هذا هو الفرق الرئيسي بينها وبين فيروز. فكوكب لبنان تدغدغ السامع عندما تغني و نجمة النيل تجعله يشق ثيابه.
و للموضوع تراث مديد. وهو ما رواه ابراهيم الموصلي حين قال انه دخل على موسى الهادي و هو يشرب. فقال له " غنني فإن اطربتني فلك حكمك". فغنى له :
و إني لتعروني لذكراك هزة كما انتفض العصفور بلله القطر
فضرب بيده على جنب قميصه و شقه حتى انتهى الى صدره. ثم غناه:
اما و الذي ابكى و اضحك و الذي امات و احيا و الذي امره الأمر
لقد تركتني احسد الوحش ان ارى اليفين منها لا يروعهما الزجر
فعاد و شق ما بقي من قميصه حتى آخره. و المطرب لا يبالي بذلك او يعبأ به و كأنه امر طبيعي ان يشق خليفة المسلمين ثيابه طربا، فاستأنف المطرب الكبير دوره وغنى:
فيا حبها زدني جوى كل ليلة و يا سلوة الايام موعدك الحشر
فشق الهادي جبة كانت تحت قميصه حتى هتكها . و واصل ابراهيم الموصلي غناء المقطوعة الشعرية :
عجبت لسعي الدهر بيني و بينها فلما انقضى ما بيننا سكن الدهر
يقول الراوي ، فشق الخليفة امير المؤمنين قميصا آخر كان تحت ثيابه حتى بدا جسمه . ثم قال وهو في هذه الهيئة ، مشقوق الثياب، عاري الجسم، احسنت فاحتكم. فطلب منه عين مروان في المدينة المنورة. فقال له الخليفة تريد ان تجعلني احدوثة بين الناس و تقول اطربته فحكمني فحكمت عليه. ثم امر امين الخزانة و قال له خذه الى بيت مال الخاصة فإن اخذ كل شيء فلا تمنعه. فدخل و اخذ مالا جليلا و انصرف.

No comments: