Tuesday 16 March 2010

السياسة قمار

الروليت العربي الشرق الاوسط 14-3-10

خالد القشطيني

القمار انواع. ابذلها القمار بلعب الدومينة او الطاولة او الورق على قارعة الطريق و المقاهي الرخيصة. هذا قمار التعبانين و المفلسين. المتمكنون و حرامية المسؤولين و تجار الوطنية يلعبون القمار حول عجلة الروليت التي تديرها الحسناوات في الكازينوات الرخية و السخية في مونت كارلو و لوس فيكز. هناك ترحب حسانها بالملياردرية الذين جاؤا بملايينهم المسروقة ليضعوها على الطاولة و يخسروها في خمس دقائق. لا تسألهم البنوك او السلطات الغربية التي تدعي بمكافحة الفساد من اين جاؤا بها. انها في آخر المطاف فلوسهم دفعوها بشكل رشوات و عمولات فيرحبون بعودتها اليهم.
هذا هو الروليت الأمين. و لكن هناك الروليت غير الأمين المعروف بالروليت الروسي. ادمن عليه الروس من الطماعين او اليائسين. تلعب هذا القمار بمسدس يضعون طلقة واحدة في بكرته. ثم يديرون البكرة بحيث لا تعرف اين اصبحت الطلقة. توجه الماسورة الى صدغك و يبدأ المقامرون بالمزايدة على حياتك . و عندما يرسو المبلغ تكبس على الزناد. اذا كانت الطلقة امام الزناد فتنطلق "دم" و تقتلك. اذا لم تكن فلا يسمع المقامرون غير " تك" و تنجو بحياتك و تكسب مبلغ المقامرة.
هذا هو الروليت الروسي. و لكن يوجد ايضا الروليت العربي. عيبها انها تستغرق وقتا طويلا ، و لكن الوقت لا يعني شيئا عندنا. و تجري هذه اللعبة بأن تنظر حولك. ماذا هناك من الأحزاب و المنظمات الوطنية. تختار منها ما تتأمل منه الفوز – كما يفعل اي مقامر. تنتمي اليها و تتبنى برامجها و تدافع عنها و تقوم بما يطلبونه منك من اغتيالات وعمليات ارهابية و لاقانونية . لا يهم ان تؤمن او لا تؤمن بمبادئها او تصدق او لا تصدق بما يقوله او يفعله زعماؤها. انها لعبة روليت و لاعب الروليت لا يسأل عن هوية المربعات و المثلثات التي امامه. تثابر على ذلك و تنتظر. أن فاز الحزب بالحكم فتصبح وزيرا و تغرف الملايين. أن خسر و قبضوا عليك فمصيرك المشنقة او السجن. هذا هو الروليت العربي.
هذا ما فعله صدام حسين مثلا. انتمى للبعث دون ان يعبأ قط بأهدافه او يفهم مبادئه. ولكنه اطاع الاوامر – قواعد اللعبة - فغامر بحياته في محاولة قتل عبد الكريم قاسم. فاز الحزب في الاخير فاصبح رئيسا للدولة و استولى على كل ثروات البلاد. العيب الابدي في القمار هو ان المقامر لا يعرف متى ينبغي عليه ان يتوقف و ياخذ ما كسبه و ينصرف. هذا هو المطب الذي وقع فيه صدام. لم يكتف بالعراق فطمع بأيران و الكويت و الخليج . واصل عملية الروليت فدارت عليه العجلة و خسر كل شيء و انتهى بالمشنقة. انقلب الروليت العربي الى روليت روسي. وهو ايضا ما انتهى اليه بعض زملاؤه الذين واصلوا اللعب. و لكن غيرهم كما نعلم، اكتفوا بما نالوه و تركوا الكازينو ( العراق) حاملين ملايينهم مما غنموه و جلسوا في الاردن و الخليج و اوربا يتمتعون بمكاسبهم. بالنسبة لهم كانت اللعبة لعبة رائعة .
هذا هو الروليت العربي. الكازينو مفتوحة 24 ساعة. الوف الناس يدخلونها و يخرجون منها كل يوم. كل هؤلاء الوطنجية و الاسلامجية الذين يوجعون دماغنا على شاشات الفضائيات منهمكون بهذه الروليت. و لكنها لعبة تتطلب اعصابا قوية و قلوبا سالمة. ضعاف القلوب من امثالي يكتفون بالدومينة في مقهى حسن عجمي.

No comments: