مرجعية الحمام
خالد القشطيني
يتسائل القوم في اسى و الم عن سر التخبط و الاحباط في السياسة العراقية و يبحثون عبثا عن وسيلة او حل لتقويمها و اصلاحها. لكل رأيه الخاص في الموضوع فنحن قوم لا نتفق على اي رأي. و رأيي الخاص هو ان ما ينقصنا هو بناء حمام جيد مع بانيو محترم في ديوان مجلس الوزراء. فالحمام هو الوسيلة المثلى التي توحي للأنسان بالتفكير و تنقذه من جموده و تلبد تفكيره. معظم الافكار الحيوية ولدت في الحمام. فهناك اكتشف ارخميدس قانون ارخميدس . ليس ذلك فقط بل هو مؤشرعلى وجود حمامات في بيوت الأغريق مما يحملني على الاعتقاد بأن هذا هو سر الازدهار الفكري في اليونان و تبنيهم للديمقراطية و سر تمسك العرب بالاستبداد و الجهالة لأنه لم تكن عندهم حمامات في البادية.
كان قائد الثورة الفرنسية مارا، يتخذ قرارته و يرسم سياسة الثورة وهو مستلق في البانيو . و ذهب شهيدا للآستحمام عندما دخلت امرأة و بيدها عريضة ليوقعها ثم طعنته بخنجر و اردته قتيلا فاختلط دمه بماء البانيو و اصبح رحمه الله اول شهيد للحمام.
كثيرا ما يستغرب الناس عندما يجدون انني اكتب مقالاتي في خمس دقائق. حتى ام نائل تسألني كيف تعمل ذلك ؟ غالبا ما تقول انا اعرف ان الكتاب العرب يهذون فيما يكتبون و لكن حتى الهذيان يحتاج لأكثر من خمس دقائق. جوابي بسيط للغاية. انا اطبع المقال في خمس دقائق و لكنني اقضي ساعات مستلقيا في البانيو افكر به و اكتبه في ذاكرتي. هذا في الحقيقة ما فعله صدام حسين و امثاله من الحكام العرب. يدمرون البلد في خمس دقائق و لكنهم يقضون سنوات طويلة يفكرون و يخططون لتدمير البلد.
لا شيء في العالم يوحي بالتفكير احسن من الماء. حتى السرقة من اموال الدولة لا تنافس الماء في تشغيل المخ. معظم الناس رجالا و نساء، لا يجدون مكانا مناسبا لممارسة العادة السرية كالحمام. وهو شيء لا يختلف كثيرا في الواقع عن ممارسة الحياة الحزبية في عالمنا العربي.
هناك شخصيات عالمية اشتهرت بالتفكير الحماماتي ، برز منهم ونستون تشرشل. قالوا عنه انه قابل جميع ساسة العالم في حمامه الخاص باستثناء ستالين. و حيثما سنحت الفرصة كان يفعل شيئا من اثنين ، أما ان ينام او يأخذ حماما. و كان ممن قابلهم في الحمام الجنرال اللورد الن بروك. كتب في يومياته عن ذلك فقال، انه عندما ذهب لمشاورته اثناء الحرب ، وجده في الحمام . امره بأن يجلس و ينتظر . خرج بعد قليل ملتفا بمنشفة كما لو كان واحدا من الحرس الامبراطوري الروماني ومد يده لمصافحته. بدأ ينشف جسمه و يضع لباسه و فانيلته وهو يتلقى منه آخر تطورات الحرب في شمال افريقيا و يناقشه فيما يجب على الجنرال مونتغومري ان يفعله. وهكذا نجد ان كل ذلك النصر المبين في معركة العلمين يعود في الواقع لما فكر به تشرشل في الحمام.
Saturday, 20 March 2010
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment