Saturday 20 March 2010

العالم 20-3-10

مرجعية الحمام

خالد القشطيني

يتسائل القوم في اسى و الم عن سر التخبط و الاحباط في السياسة العراقية و يبحثون عبثا عن وسيلة او حل لتقويمها و اصلاحها. لكل رأيه الخاص في الموضوع فنحن قوم لا نتفق على اي رأي. و رأيي الخاص هو ان ما ينقصنا هو بناء حمام جيد مع بانيو محترم في ديوان مجلس الوزراء. فالحمام هو الوسيلة المثلى التي توحي للأنسان بالتفكير و تنقذه من جموده و تلبد تفكيره. معظم الافكار الحيوية ولدت في الحمام. فهناك اكتشف ارخميدس قانون ارخميدس . ليس ذلك فقط بل هو مؤشرعلى وجود حمامات في بيوت الأغريق مما يحملني على الاعتقاد بأن هذا هو سر الازدهار الفكري في اليونان و تبنيهم للديمقراطية و سر تمسك العرب بالاستبداد و الجهالة لأنه لم تكن عندهم حمامات في البادية.
كان قائد الثورة الفرنسية مارا، يتخذ قرارته و يرسم سياسة الثورة وهو مستلق في البانيو . و ذهب شهيدا للآستحمام عندما دخلت امرأة و بيدها عريضة ليوقعها ثم طعنته بخنجر و اردته قتيلا فاختلط دمه بماء البانيو و اصبح رحمه الله اول شهيد للحمام.
كثيرا ما يستغرب الناس عندما يجدون انني اكتب مقالاتي في خمس دقائق. حتى ام نائل تسألني كيف تعمل ذلك ؟ غالبا ما تقول انا اعرف ان الكتاب العرب يهذون فيما يكتبون و لكن حتى الهذيان يحتاج لأكثر من خمس دقائق. جوابي بسيط للغاية. انا اطبع المقال في خمس دقائق و لكنني اقضي ساعات مستلقيا في البانيو افكر به و اكتبه في ذاكرتي. هذا في الحقيقة ما فعله صدام حسين و امثاله من الحكام العرب. يدمرون البلد في خمس دقائق و لكنهم يقضون سنوات طويلة يفكرون و يخططون لتدمير البلد.
لا شيء في العالم يوحي بالتفكير احسن من الماء. حتى السرقة من اموال الدولة لا تنافس الماء في تشغيل المخ. معظم الناس رجالا و نساء، لا يجدون مكانا مناسبا لممارسة العادة السرية كالحمام. وهو شيء لا يختلف كثيرا في الواقع عن ممارسة الحياة الحزبية في عالمنا العربي.
هناك شخصيات عالمية اشتهرت بالتفكير الحماماتي ، برز منهم ونستون تشرشل. قالوا عنه انه قابل جميع ساسة العالم في حمامه الخاص باستثناء ستالين. و حيثما سنحت الفرصة كان يفعل شيئا من اثنين ، أما ان ينام او يأخذ حماما. و كان ممن قابلهم في الحمام الجنرال اللورد الن بروك. كتب في يومياته عن ذلك فقال، انه عندما ذهب لمشاورته اثناء الحرب ، وجده في الحمام . امره بأن يجلس و ينتظر . خرج بعد قليل ملتفا بمنشفة كما لو كان واحدا من الحرس الامبراطوري الروماني ومد يده لمصافحته. بدأ ينشف جسمه و يضع لباسه و فانيلته وهو يتلقى منه آخر تطورات الحرب في شمال افريقيا و يناقشه فيما يجب على الجنرال مونتغومري ان يفعله. وهكذا نجد ان كل ذلك النصر المبين في معركة العلمين يعود في الواقع لما فكر به تشرشل في الحمام.

No comments: