Tuesday 30 March 2010

العالم 30-3-10

أين حقي؟

خالد القشطيني

كنت اقرأ مؤخرا تقريرا عن اختراع العراقيين القدماء للعجلة ( الجرخ). و رغم احتقارنا للجرخ كشيء بدائي يلعب به الأطفال، فالحقيقة ان كل هذا التقدم التكنولوجي الذي جرى في العالم و انتقال الحضارات لم يكن ممكنا قط بدون اختراع العجلة. كتبت قبل آونة فقلت ان المخترع البابلي اغفل على عادة العراقيين فنسي تسجيل برائة اختراع لما صنعه. فلو فعل ذلك لكان بأمكاننا اليوم ان نطالب كل من يصنع عجلة، سواء للسيارات او الطائرات او البايسكلات و أي شيء يمشي على جروخ بأن يدفع للعراق عوائد برائة الاختراع. يقاضينا الغربيون اليوم عن اجرة اي شيء تكنولوجي او طبي طوروه نقتبسه منهم و نصنعه. فلماذا لا يدفعون لنا اجرة برائة اختراع الجرخ؟ لو استطعنا ذلك لما كنا في حاجة للنفط او الزرع او عمل أي شيء في الواقع. ننام ملأ اجفاننا و نقبض المليارات عن كل هذه العجلات التي يصنعونها.
فكرت بكل ذلك و قلت لنفسي فات الوقت و ضاعت حقوقنا. و لكن خطرت لي مؤخرا فكرة تحمل بريق الأمل. ربما لم يفت الوقت بعد. كل ما يحتاجه العراقيون هو ان يوكلوا محاميا يهوديا كبيرا في نيويورك يتمتع بعلاقات جيدة مع اللوبي اليهودي في واشنطن و تسنده حكومة نتنياهو و يثبت ان من اخترع العجلة كان اوسطة حداد يهودي ، شاؤل بن عندميكو يشتغل عند تاجر سومري في بابل و سجل برأة اختراعه على لوح من الآجر تكسر اثناء سقوط بابل بيد الفرس. و لكن هذا لا يعني سقوط حق الشعب اليهودي ، الوريث الشرعي للمذكور شاؤل بن عندميكو ولا حقوق الشعب العراقي الوريث الشرعي للتاجر السومري سرجون غلموس.
يقيم المحامي الدعوى على كل الشركات التي تصنع عجلات و يبادر فيضع حجزا احتياطيا على كل ما لديها من عجلات مركبة او في طريقها للتركيب، و ذلك حتى يتم دفع اجرة برائة الاختراع بمقدار سنت واحد عن كل عجلة، نصف سنت للشعب اليهودي و نصف سنت للشعب العراقي.
بالطبع ، ستعترض الشركات الصناعية على ذلك و تدعي بتقادم الزمن و انعدام الدليل و ترفض الدفع ، و عندئذ يهب اللوبي اليهودي و يتهمها بمعاداة السامية و مصادرة حقوق الشعب اليهودي. تقوم الدنيا و تقعد في الصحافة و التلفزيون و تضج البلاد بحكايات الجروخ و كيف توصل لتصميمها المدعو شاؤل بن عندميكو في ورشة التاجر سرجون و كيف جربها في شارع الموكب من مدينة بابل و صفق لها الملك حمورابي وهي تمر امامه و بارك عليها كهان المعبد. لا تجلس في حانة في كاليفورنيا دون ان تسمع الزبائن يتحدثون في امر هذا الظلم التاريخي الذي مر على البشرية منذ ثلاثة آلاف سنة. لا يملك الكونغرس الامريكي في الأخير غير ان يستصدر قرارا بتأييد هذا الحق و ادراجه في الدستور الامريكي. فتذعن الشركات و تبدأ بالدفع، نصف سنت للشعب اليهودي و نصف سنت للشعب العراقي عن كل عجلة. قسمة عادلة ام لا؟

No comments: