Wednesday 24 March 2010

العالم 22-3-10

من ايام الخير ايضا

خالد القشطيني

روى لي صديقي عبد المنعم الخطيب انه كان يعمل في السفارة العراقية في القاهرة في اسوء مرحلة من مراحل العلاقات بين المملكة العراقية و مصر التي كانت تؤيدها و تمدها بالمال المملكة العربية السعودية في عهد عبد الناصر. وردته برقية من بغداد بأن الصحافي الفلسطيني اسعد داغر كان يشن حملة شنيعة ضد العراق في مقالاته بينما كان يعمل موظفا في الجامعة العربية. طلبوا من السفير نجيب الروي الاتصال بعبد الرحمن عزام ، الامين العام للجامعة العربية، أن ينذر اسعد داغر ، إما ان يلتزم بوظيفته في الجامعة فلا يهاجم دولة عضوة فيها، او ان يستقيل منها و يكتب ما يشاء.
اتصلوا بعزام و اتصل هذا بأسعد داغر ثم جاءهم الجواب باعتذاره عما كتب و تعهده بأن لا يكرر ذلك. وقرر الأمين العام بأن يقيم مأدبة كبيرة بالمناسبة يقدم فيها الصحافي الفلسطيني اعتذاره شخصيا لنجيب الراوي. اجابه هذا فقال كلا، بل اقيم انا مأدبة الصلح في بيتي. وهو ما تم الاتفاق عليه.
حضر اسعد داغر و تكلم مع الدبلوماسيين العراقيين ، هذي كانت غلطة و اواعدكم بانها ما
ح تتكررش. و نحن نعتز بالعراق ...الى آخره. انتهت الحفلة و نادى السفير على السائق بأن يوصل الاستاذ اسعد الى بيته. ثم اصطحبه صديقنا عبد المنعم الى السيارة و لكنه قبل ركوبه سلمه المظروف الذي احتوى على بضعة آلاف جنيه. " لا و الله يا سعادة الاستاذ ، مش لازم. اللي حصل ما ح يتكررش . انا اصلي وعدتكم .العراق حبيبنا ..."
اسرع عبد المنعم الى مكتب السفارة بأمر السفير و ابرق الى بغداد أن الموضوع جرت تسويته بالصورة المرضية و لن يعود هذا الصحافي الى مهاجمة العراق. و آوى نجيب الراوي الى مخدعه و نام بسلام. و عند الصباح ، نهض و القى نظرة سريعة على صحيفة الآهرام و اذا بها تحمل مقالة بقلم اسعد داغر بعنوان " نحن في الحق لا نخشى لومة لائم". مكرسة كليا لشتم العراق بأفضع العبارات.
اسقط بيد السفير بعد كل ذلك التقرير الذي ارسله الى بغداد. نادى على عبد المنعم الخطيب. " " ابني عبد المنعم، انت سلمت المظروف لأسعد داغر؟"
" نعم استاذ و اخذه قبل ما يركب السيارة."
أمر عجيب! كيف دبر هذه المقالة بعد ساعات قليلة و نشرها في اليوم التالي؟ نادوا على سائق السيارة و سألوه. ماذا فعل و اين ذهب بالضيف بعد خروجه من الوليمة؟ الم تذهب به الى بيته؟ كلا. لقد طلب منه ان يعرج اولا الى بيت السفير السعودي. و هناك مكث بضع دقائق قبل ان يخرج ويطلب منه توصيله الى مكاتب جريدة الاهرام حيث نزل و صرفه .
نظر نجيب الراوي في وجه عبد المنعم متسائلا.
" لازم استلم من السفير السعودي مظروف اسمن من مظروفنا. "

No comments: