Thursday 18 March 2010

العالم 18-3-10

روسيا الشرقية

خالد القشطيني

كما قلت في مناسبة سابقة انني لا اقرأ التاريخ العربي لأنني اعتبره كله كذب و خرافات. كنت اقرأ في الشهر الماضي الكتاب الكلاسيكي عن تاريخ اوربا لفشر. وصلت المقطع الذي يتعلق بروسيا. كان الغربيون يعتبرون روسيا دولة شرقية و جزء من آسيا. يدللون على ذلك بتأخرها و استسلامها للاستبداد.
مضى المؤلف ليشرح كيف كانت دولة شرقية اسيوية متخلفة. هناك الامية و الفقر و رجال دين جهلة متخلفون يتصرفون بمصائر الناس. قمع اي تفكير حر. انتشار الفساد و الرشوة. الاستمتاع بما يستمتع به اهل الشرق و من ذلك الشعر و الاقاصيص و الطرب و السكر. اعتاد الرجال على ضرب و جلد نسائهم و اطفالهم. و اعتادت المرأة على تحمل ذلك و اعتباره من حقوق الرجل. لم يكن هناك اي اختلاط بين الرجال و النساء. المرأة تجلس في بيتها و الرجل في الحانات. و كانت اللحية شيئا اساسيا فلا يعتبر الرجل قد اكمل دينه بدون لحية. و كانت ملابسهم تأخذ شكل الجبة و الدشداشة الطويلة. لم تكن هناك اي مجالس او منظمات مجتمع مدني او اي تنظيم اجتماعي. و كان جمع الضرائب يتم باللزمة و اللصوصية ، و النشاط الاقتصادي محصور بالقيصر و ذويه و اصحابه. و اعتمدت الثقافة و المعرفة على ما كان يرويه الرهبان و القسس من خرافات و حكايات خالية من اي حقيقة .
و كلما زار احد من الغرب روسيا عاد ليروي تقززه مما رأى و سخطه على احوال المجتمع من النوع الذي يذكرني تماما بما يرويه الغربيون الآن عن مشاهداتهم لدول الخليج.
آل الحكم في القرن السابع عشر الى بطرس الكبير الذي قدر له ان يزور سويسرا و المانيا وهولندا و يرى مستوى الحضارة و العيش المتمدن هناك. فعقد العزم على اللحاق بذلك و تطوير بلاده الى تلك المستويات. بادر الى اصلاح الكنيسة بأن الغى منصب مطران موسكو و نقل ادارة الكنيسة الى مجلس قسان أمر بتشكيله. عمل على مكافحة الفساد فحكم بشنق حاكم سايبيريا لضلوعه في التزوير. و من ناحية المظهر، امر الرجال بحلق لحيتهم و نبذ الجبة و لبس السترة و بنطلون. شجع الاختلاط بين الرجال و النساء و حث البنات على الذهاب للمدارس.
و بالطبع ركز على التعليم. و لتسهيل هذه المهمة، بادر الى اصلاح اللغة الروسية و كان من ذلك حذف ستة حروف من الابجدية. و لأول مرة ، شهد الروس جريدة يومية و بنيت اول مستشفى و بناية للمتحف الوطني و استمعوا الى الموسيقى الكلاسيكية من فرقة اوركسترا و طنية.
لم يكن بطرس الكبير ديمقراطيا و لا آمن بالديمقراطية. كان يتابع النموذج السياسي الذي شاع في عصره ، وهو نظام الحاكم الابوي، الاب الذي يرعى رعيته رعاية الوالد لأولاده . يعاملهم بالشدة لمصلحتهم و مصلحة مستقبلهم. و هو النموذج الذي احتذاه عبد الناصر و اتاتورك. و لكن و كما نعرف الآن تفوق عليه النموذج الغربي ، نموذج الديمقراطية البرلمانية.

1 comment:

Unknown said...

اعتقد هذا المنهج ما زال موجود في معظم دول المنطقة