Sunday 1 August 2010

الشرق الأوسط 1-8-10

ليالي بغداد

خالد القشطيني

الأخت الفاضلة ابتسام العطيات واقعة في غرام. و غرامها هو العراق. كشفت عن هذا الغرام المبرح في تعليقها على ما قلته عن التعددية في العراق. قالت انها ترى ان حتى الظلام في العراق اجمل منه في اي مكان في العالم. الم اقل؟ هذه عين العاشقين. و لكنني اتفق معك تماما في هذا. فليالي بغداد من اجمل الليالي في العالم، و لهذا ذاع صيتها " ليالي بغداد". و لهذا ايضا نرى ان العراقيين تفردوا عن كل العالمين في النوم و قضاء لياليهم على سطوح بيوتهم. كل الآخرين ينامون في الغرف الا العراقيين. لا يريدون ان يفوتوا على انفسهم متعة النظر الى سماء بغداد ليلا. فبدرها اغنى ضياء و يبدو كما لو كان اكبر بدرا منه في بقية العالم. و نجومها اكثر لمعانا حتى انني عند عودتي بعد غيابي الطويل عن العراق كنت اضطر لأن اغمض عيني عندما انظر للسماء ليلا لأنني وجدت ان شدة لمعان نجومها كان يتعب عيني. هناك حاجة لأختراع نظارات خاصة تقي العين من نجوم بغداد. ففيها يحتاج الانسان الى نظارتين، واحدة للشمس في النهار ، وواحدة للنجوم في الليل.
كتبت عن التعددية فأثرت بها تعددية في التعليقات. كلا الأخوين محمد احمد محمد من مصر و متقي عادل يشككان في مقولتي عن خطر التعددية على الوحدة الوطنية ويلفتان نظري الى الازدهار و القوة التي تمر به امريكا رغم كل ما فيها من تعدد اجناس سكانها. ليس لي غير ان اقول ان امريكا هي الشذوذ الذي يثبت القاعدة، كما يقال. و لكن علينا ان نتذكر انها عندما انطلقت من عشها لتبني مجدها في القرن الثامن عشر لم تكن فيها اي تعددية. كانوا جميعا انغلوسكسون من بريطانيا. ظهر التعدد فيما بعد في القرن العشرين.
المثل الأفضل من امريكا هو سويسرة. فلعدة قرون ظل شعبها يتكون من المان و فرنسيين و ايطاليين و يتكلمون بلغاتهم القومية المختلفة و يؤمنون بمذاهب مختلف. و مع ذلك فلم نسمع عن اي
حرب اهلية بينهم او اي تقاتل طائفي او قومي. مضوا و حققوا كل هذا الرفاه و الازدهار و التقدم الذي نعرفه عن سويسرة. انبهر بما رآه فيها كامل الجادرجي ، الزعيم العراقي المعروف. التقى بعد عودته بأصحابه ووصف لهم ما رآه من حضارة و سؤدد هناك ، ثم التفت الى بعض الحاضرين من الزعماء الأكراد و قال لهم، انظروا ما حققه السويسريون في بلدهم. سويسرة مثل كردستان. بلد جبلي فقير، منعزل عن العالم ، لا معادن و لا موارد غير الجبال الجرداء الوعرة. و مع ذلك استطاعوا ان يبنوا هذه الحضارة و الرقي. لماذا انتم ايها الكرد عجزتم عن تحقيق مثل ذلك لكردستان؟ اجابه احدهم قائلا : معلوم يحققون كل هذا الازدهار و الرقي لأنه ماكو حولهم عرب!
" الى شمالهم يوجد المان. الى شرقهم يوجد فرنسيون. الى جنوبهم يوجد ايطاليون . الى شرقهم يوجد نمساويون. نحن اش عندنا في كردستان؟ بشرقنا عجم و بغربنا عرب. شلون ننهض؟"

No comments: