Tuesday 24 August 2010

من تجارب الحياة

اعمل ثم اسأل

قدر لي في احد المؤتمرات العالمية عن حل النزاعات ان اجلس لاتناول العشاء قدام استاذة من الدانمرك، معروفة بخبرتها في لم التناقضات و حسمها. و كذا في الواقع كانت هيئتها. كان شعرها اسود فاحما تركته يسترسل على ظهرها و كتفيها. و مالت بشرتها الى سمرة خفيفة . ويظهر انها كانت تعتز بهذه المسحة الخمرية فكشفت عن كل ما يسمحون به من الكشف عن الصدر و النهدين. تجاوبت هذه السمرة مع لون عينيها الغامق وقد جنحت خطوط اجفانهما الى الارتفاع و الزوغان ، على نحو ما نجده غالبا في اعين الصينيات و اليابانيات. و لكنها جمعت كل هذه الصفات بشكل جميل يغري الناظرين على ارتكاب الكبائر.
سرعان ما بدأ النقاش و الحديث المهني عما في العالم من منازعات و مشاكل فانطلقت من جانبي في الاستفاضة عن آخر مستجدات النزاع العربي الاسرائيلي . وبينما رحت اخوض في الموضوع، قاطعتني السيدة الدانمركية بهذا السوآل: " هل انت متزوج؟"
تعجبت من سوآلها و ازددت عجبا في الطريقة العشوائية و الهجومية التي القت بها سوآلها. اعطيتها الجواب الموضوعي في الأمر . نعم و لي ولدان.
استئنفنا الحديث و انتهينا من تناول عشائنا و انصرفنا لتناول القهوة و تدخين السكائر في الصالون. تبسطنا في الكلام و راح كل منا يروي نتفا من تجاربه و حياته الخاصة و العامة. التفت اليها وقلت : " دكتورة ، هل انت دانمركية حقا و حقيقة؟"
" نعم. مائة بالمائة. كان والدي ضابطا في البحرية الملكية و خدم في الاسطول الدانمركي اثناء الحرب. و والدتي من اسرة اشتراكية دانمركية اصيلة . وعندنا في البيت شجرة العائلة لكل من الوالدين. و ليس فيها اي شخصية غريبة عن الجنس الدانمركي الاسكندنافي الأصيل. و لكن لم سألتني هذا السوآل؟"
" اوحت لي سيماء وجهك و شكل عينيك بوجود دم اسيوي في عروقك. فالمتوقع في المرأة الاسكندنافية ان تكون بشرتها ناصعة البياض و شعرها اصفر ذهبي و عينها زرقاء فاتحة. وليس فيك اي شيء من ذلك."
" هذه من مصادفات الطبيعة و مروقاتها. و لكنني اؤكد لك اصالة انتمائي الدانمركي."
عدنا الى مواضيع الساعة و انتقلنا من مشكلة الشرق الأوسط الى مشاكل المسلمين في اوربا و احتمالات تحولهم الى اكثرية في العديد من البلدان الاوربية و اختلاطهم بالسكان الاصليين و نحو ذلك. " الكثير منهم اخذوا يتزوجون و ينسلون من نساء اوربيات.
كانت الساعة قد اقتربت من منتصف الليل، و بعد ان احتسينا آخر قطرة من اقداحنا نهضنا للأنصراف ، كل الى غرفته في الفندق. وجدت نفسي اسير بجانب الاستاذة ذاتها عبر ممرات الفندق حتى اذا اقتربنا من باب حجرتي و هممت بتوديعها بكلمات تصبحين على خير، مسكت بي من ذراعي و عادت فألقت علي نفس السوآل : " قل لي! لمذا سألتني هل انا دانمركية اصيلة؟ "
" سيماء وجهك. و شيء آخر. "
" ماذا؟"
" المرأة الدانمركية الاصيلة لا تسأل الرجل اولا هل انت متزوج. و انما تذهب معه الى الفراش و تتنايك معه اولا و عند الصباح تسأله هل انت متزوج و زوجتك تنتظرك؟"

No comments: