Tuesday 3 August 2010

الشرق الأوسط 3-8-10

من احوال الى اوحال

خالد القشطيني

ان مما يقتضي التبصر فيه النهوض المفاجيء لشعب من الشعوب . ينطبق ذلك في عصرنا هذا على اليابان و كوريا الجنوبية و نحوهما مما يسمى بدول النمور . هذا شيء تستهويني متابعته. بيد ان شيئا آخر على عكس ذلك يستهويني اكثر منه. وهو التدهور المستمر لشعب ناهض. ينطبق ذلك بصورة خاصة على العراق.
ان معظم هذا التمدن و الرقي و التقدم العلمي و التكنولوجي يعود الفضل الأول فيه الى ما تفتق عنه ذهن ابن وادي الرافدين في العصور الخوالي. يكفينا ان نشير هنا الى اختراعين من الاختراعات الاساسية لذلك المواطن. و هما الحروف الصوتية و العجلة.لم يكن بالامكان قط انتاج هذه الصحيفة بدون اختراع الحروف الصوتية . يمكن للغرب ان يبتدع شتى الكمبيوترات و الاقمار و المعدات الدقيقة و لكنها ستكون عقيمة كليا بدون الحروف.
نحن نفترص ان هذه العجلات الأربع التي تسير عليها سياراتنا شيء عادي لا يستحق النظر . و لكنه على بساطته لم يكن بأمكان البشرية ان تحرز اي تقدم بدونه. و الفضل كل الفضل يعود للمواطن العراقي الذي اخترع العجلة . المؤسف انه نسي ان يسجل برائة اختراعه. العراقيون ينسون دائما منجزاتهم. و لكن على اي حال لم يكن هناك مكتب لتسجيل الاختراعات . هذا المكتب من اختراعات الغرب الذي راح يفرض علينا اعلى اسعار عن اي شيء نريد الحصول عليه منهم. انهم يسمونه اسرار التكنولوجبا. المخترع العراقي المسكين لم يفرض عمولة على اي احد اقتبس منه صناعة العجلة . لو قدرله ذلك لآصبح العراق اغنى بلد في العالم. تصوروا لو انه فرض عمولة و لو بمقدار فلس واحد عن كل عجلة تستعمل في العالم. كم سيكون دخل العراق سنويا؟
و مع الحروف و العجلة وضع اول شريعة في تاريخ العالم، قانون حمورابي. منه اخذ اليهود الشريعة الموسوية و الوصايا العشر. ومنهم شاعت افكارها بين الملل. كل ذلك قبل قرون و قرون. و انظروا ما آلت اليه احواله. البلد الذي اخترع الحروف الأبجدية لم تتجاوز نسبة القادرين على القراءة من السكان عند تأسيس المملكة العراقية في 1920 عشرة بالمائة من السكان. و البلد الذي اخترع العجلة لم يعد قادرا على استعمالها لانعدام الطرق اللازمة لسيرها فالتجأ الناس لاستعمال التخت روان ، واسطة النقل العجيبة التي تعتمد على حمارين يقومان بمهمة العجلات. توضع بينهما خشبة يقعد عليها المسافرون و يمشون ببركة الله و بركة الحمارين المسكينين.
و الآن هذا البلد الذي اعطى البشرية اول قانون اصبح اول دولة في العالم في انهيار القانون. وهو ما اوحى للمالكي بتبني شعار " دولة القانون" ، عسى و لعل! امر حمورابي بنقش شريعته على صخر لئلا ينساها الناس، و نصب المسلة التي تحمل نص هذا القانون وسط مدينة بابل . و كان اهل بابل يقرأون . يمرون امامها و يقرأونها و يتعلمون منها كيف تبنى الحضارات. لم يقم بمثل ذلك نوري المالكي لأنه كان يعرف بأنه لو فعل هذا لجاء الحرامية في الليل و دفعوا للحارس ورقتين دولار و سرقوا المسلة.
فقولوا معي سبحان مغير الأحوال من حال الى اوحال.

No comments: