Thursday 24 July 2008

موضةالصدقة

الشائع ان الصدقة حسنة. و لكن الغربيين لم يعودوا يعبأون بالحسنات او مرضاة الله. اخذت تشيع بينهم الآن فكرة ان الصدقة موضة. و قد اصبحت الموضات المحرك الكبير لصناعتهم واقتصادياتهم ونمط حياتهم.
المباهاة طبيعة في الانسان، ولاسيما المرأة. تراها تتباهى بجمالها و ثيابها و مجوهراتها ، بسيارتها وثروتها و أولادها. تأتي الثروة في مقدمة عناصر التباهي. و لكن لمعانها اخذ يتلاشى في الغرب مؤخرا، بل و اصبحوا ينظرون اليها نظرة سيئة. اخذت تقترن بالفساد والدعارة وتجارة السلاح والمخدرات وغسل الأموال و التهرب. ولم يعد الحصول عليها دليلا على الحسب والنسب او الذكاء ومقدرة الكسب. أي عارضة ازياء تكسب الملايين من مجرد استعراض جسمها. اي لاعب كرة غبي يحصل على مثل ذلك من مجرد رفسة كرة. المضاربات بالاسهم و السندات و العقارات اصبحت مجرد حظ و صدفة.
لم تعد مظاهرالثروة شيئا يتباهي به المرء، ولاسيما بعد تكدس الفلوس في حسابات كل من هب و دب. راحت عشيقات ابطال الرياضة المتخلفات يتباهين بشراء احذية او شنط بمئات اليورات ، ثم ارتقين الى الوف اليورات فعشرات الوف اليورات حتى لم تعد الأرقام تلفت النظر او تدل على شيء. راح القوم يبحثون عن قنوات اخرى ، اجدى و اروع للتباهي.
اكتشفوا ان احسن شيء يفعلونه بهذه الثروات الخيالية التي لا يعرفون ماذا يفعلون بها او كيف يتباهون بها هو ان يتصدقوا بها. تجد ابنة ملياردير في اسمال بالية تشتغل خادمة في مطعم. تتباهى فتقول، والدي تبرع بكل ثروته لأبحاث السرطان. او الجياع في اثيوبيا. تشير اخرى الى سيارتهم الصغيرة فتقول " هذه كل ما استطعنا ان ندبر. زوجي اعطى كل فلوسه للفلاحين في كينيا." ترد عليها صاحبتها: " انت محظوظة. زوجي فرض علينا نستعمل البايسكل. تبرع بسيارتنا الرولز رويز للمعاقين."
ظهر ادب جديد بوحي ذلك. قالوا " من يرث ثروته فهو رجل محظوظ. من يصنع ثروته فهورجل بارع. من يترك ثروته لأولاده فهو رجل احمق." و قال حكيم آخر: " الثروة عيب." وقيل "اترك لولدك ما يسد حاجاته و لا تترك ما يفيض عنها فيفسد حياته."
التبرع لما يسمونه في الغرب بالصالح العام او " الأمة" له تراث مديد. فحيثما تذهب تجد متاحف و مستشفيات و مدارس و مؤسسات تبرع بها محسنون. و لكن هذا التراث اكتسب زخما جديدا منذ ان تبرع بيل غيتس ، بكل ثروته البليغة (نحو مائة ملياردولار) للخيرات. تلاه الملياردير جون فأعطى 466 مليون باوند للتنمية في افريقيا ثم البريطاني كرس جون فتبرع بخمسمائة مليون. و تبرع سامي اوفر بعشرين مليون لمجرد ترميم متحف البحرية البريطاني. هكذا ظهر الآن ما يسمونه بالمليونيرية الجدد. يقضون حياتهم في الكد و الجهد ويكدسون الملايين في حساباتهم ثم يجودون بها لوجوه الخير حالما يتقاعدون . تلتقي بنسائهم و بناتهم فتسمعهن كيف يتباهين بحرمانهن من الثروة. " و الله يا حبيبتي، زوجي ما ترك لي غير البيت الذي اسكن فيه و طقم الاسنان الذي في حلقي." هذه موضة الموسم. صرعة الجيل الجديد. الاشتراكية الجديدة.
نحن نقلد الغربيين كالقردة في كل ما يظهر عندهم من موضة. هل سنقلدهم في هذه الموضة الحميدة ايضا ، ام ترانا لا نقتبس منهم غير الموضات الرقيعة و المؤذية؟
كنت اتكلم عن ذلك لصديقي المصري د. عبد الصمد فقال :" و إيه يعني ؟ يا ابو نايل ، انت مبهور بالاوربيين. نحن في بلادنا عندنا ما هو احسن و اكرم. نحن في مصر كانت عندنا الملكة نازلي رحمها الله، ام المغفور له الملك فاروق. تصدقت بأعز ما عندها. اعطت فرجهاا لكل من احتاج لنيكة . اصبحت صدقاتها موضة لسيدات كل كبار القوم. راحوا يجودون بأجسامهم لكل المكبوتين و المحرومين من الجنس، الشوفير، و الطباخ و البواب و الحارس وهات ما عندك. دي موضة الصدقة عندنا
*********


No comments: