Sunday 6 June 2010

العالم 6-6-19

من طرافات الكرخي

خالد القشطيني

انني اعتبر الملا عبود الكرخي من اعظم شعراء العرب في الهجاء. حال دون بروزه خارج بلده نظمه الشعر باللغة العامية و نشر شعره بطريقة يصعب على غير العراقين قراءتها. من سلوكيات العراقيين ضلوعهم بالكفر و الشتم . وهو ما تميز به شعراؤهم ، بمن فيهم الجواهري. قلما يوجد مثقف بيننا لا يحفظ شيئا من شتائميات الكرخي التي تصل حد البذائة. بيد انهم قلما لاحظوا لفتاته الفلسفية ، كتساؤله : " هم هاي دنيا و تنقضي و حساب اكو تاليها؟" انها كلمات تذكرنا بالكثير مما قاله المعري في تأملاته العلمانية، و تعبر عن روح الشك المستأصلة في المواطن العراقي. احقا هناك آخرة و يوم الحساب؟
من ولع العراقيين بالشتائم ان حولوه الى نزهة تأخذ صيغة المطاردات الهجائية الاخوانية التي يداعب فيها الشعراء الشعبيون بعضهم البعض. و من ذلك ان انبرى الشاعر الشعبي الحاج جودي، القهوجي في مدينة الكوت، فهجا عبود الكرخي فرد عليه هذا الصاع بالصاعين بقصيدة طويلة فيها الكثيرمن التصوير الكاريكاتيري الظريف بعد ان تحقق جيدا من شكله و هيئته و شواربه المديدة:
يا حاج جودي يا عتر يا الشاربك طوله متر
ثخنه جمع ، عرضه شبر يشـــــبه ذيل البزون
يا قهوجينـــــا يا قزم بالجسم والشارب ضخم
توجه علينا هالشــــتم ما تخاف من الله يكون؟
بطيبة وزمزم والحرم و شواربك اعظم قسم
عندي حضرتك محترم كل الخلايق يدرون
و بعد ان طمأنه على حسن نيته و احترامه له، مضى ليدغدغ جوانبه بهذا المزاح البريء الذي نشره في جريدته " الكرخ":
يا اشقر الشارب اظن من ثقلهن حامل حزن
عندك شوارب للسفن بيها حبال يجرون
خذ نصحي يا احمر بوز يا مشورب ويا قزموز
زينها بأول تموز و هدها بأول كانون
بالصيف حتما تأذيك ومن مشتريتك تلهيك
بفصل الشتا اتدفيك وحملك اخي شوية يهون
يا حاج جودي يا عتر يا الشاربك مثل الوتر
عند الشبيبة بالنظر انت خرافي ومجنون
وكانت ايام خير، يتبادل فيها اهل العراق النكات و المداعبات ، لا الرصاص و المتفجرات.

No comments: