غلغامش و العشق المثلي    
خالد القشطيني 
 اشرت سابقا في مقالتي "الجنس و السياسة " الى ملحمة غلغامش. و ربما استغرب القراء من هذه الأشارة فليس فيها شيء من الحب غير العلاقة الجنسية الفجة و العابرة بين البغي و الرجل الوحش. و هذا هو ما وددت تناوله و بحثه. فعلى خلاف الملحمات الاسطورية الأخرى لا تقابل البطل في الملحمة السومرية اي انثى يرتبط و اياها بعلاقة عاطفية. بالحقيقة لا توجد هناك اي انثى غير البغي. عاطفة الحب عند غلغامش انصبت فقط على رجل، رجل وحشي قوي العضلات. و كان حبا جامحا صحبه في كل سفراته و عندما اصابه المرض و مات، تدفق غلغامش بأشعار مفعمة بعواطف جنونية هزت كل كيانه:
 اسمعوني ايها الفتية، اسمعوني  
 اسمعوني يا شيوخ اوروك، اسمعوني 
 سأبكي على صديقي انكيدو  
 سأبكي و انحب عليه كالمرأة العدادة بالأجرة
 يدفن صديقه و يهيم على وجهه تائها حائرا مكتئبا. لا يعرف لمن يتجه.  يفكر اخيرا  بالبحث عن الخلود. ما الذي حداه لهذا البحث؟ يجد سكان المنطقة خلودهم في اولادهم ، في نسلهم. يخلدون ذكر اسمهم بهم ، ابن فلان و ابو فلان. بيد ان غلغامش لم يتزوج و لم يخلف. اكان حرمانه من الأسرة سبب سعيه للخلود؟ و هذا عنصر غريب آخر في حياة غلغامش. فالمعتاد في ملوك و امراء المنطقة ان يبادروا للزواج و يكثروا من الزوجات . و لكن هذا الملك السومري لم يسع او يفكر بذلك. 
 في النص الذي قرأته، كانت امه المرأة الوحيدة التي يذكرها بحرارة . وهذا عرض آخر من اعراض الحب المثلي. غالبا ما ترى المثليين  يتعلقون بأمهاتهم بصورة قوية. 
 علاقة انكيدو بالمومس هي الأخرى تستدعي النظر. فبعد تمتعه بها جنسيا لفترة قصيرة ، تمرض و اوشك على الموت. لم يكن هناك ايدز و لا نعرف اي امراض تناسلية كانت شائعة بين البغايا.  و لكن هل اراد الشاعر ، مؤلف الملحمة ، ان يعطينا اشارة ( مثلية) في هذا الخصوص، اشارة ان نبتعد عن الحب و العلاقة الجنسية مع الاناث؟ ينطلق انكيدو بمقارعة البغي و يلومها على ما حل به و خداعه و جره لهذا المطب. و على أي حال ، فأن انكيدو يقطع علاقته بها و لا يكرر التجربة مع اي امرأة اخرى. و لسان حاله يقول : كفاية بقى! يلعن ابو النسوان! 
 لا علم لي بمدى انتشار اللواطة في الشرق في تلك السنين. و لكن حكاية لوط و ما ورد في القرآن الكريم و النصوص الأخرى يؤكدعلى انتشار هذه الممارسة. بالطبع انا لا اقصد ان الملك السومري كان واحدا منهم بالفعل فليس من الضروري ان يطابق النص الشعري الواقع التاريخي. ربما كان الشاعر لواطا و نظر للتاريخ من منظاره. المهم ان لا يتهمني احد بأنني انا واحد منهم ففسرت الملحمة من هذه الزاوية. و لكنني اهيب بالباحثين في تعقب الموضوع فلربما نثبت للعالم ان عندنا اقدم نص في الحب المثلي.
Sunday, 13 June 2010
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
 
 

No comments:
Post a Comment