Monday 2 February 2009

من منجزات اسرائيل

غزة كلمة جديدة

لاحظت خلال حضوري مؤتمر " لندن التقدمية" المعقود في لندن قبل ايام ان بعض المتحدثين اصبحوا يستعملون كلمة غزة كإصطلاح للدلالة على اي موقف مشين او خطير اودموي او تخريبي لا مسؤول. سمعت احدهم يشير الى ما وصل اليه الواضع المالي في بريطانيا فيقول اننا نواجه " غزة". و قال آخر ان رئيس الحكومة ينوي فرض " غزة"على البنوك. هذه من محاسن اللغة الانجليزية في اشتقاق كلمة جديدة من اي حدث يلفت النظر. تسمع التلميذ يقول غدا علي ان اخوض " واترلو" ، اشارة الى الامتحان النهائي الحاسم. و تصف عاهرة من عاهرات لندن الليلة التي قضتها مع زبونها الكويتي فتقول كانت حقيقة ستالينغراد. و الآن عندهم كلمة جديدة هي " غزة". و هذه من افضال اسرائيل على اللغة الانجليزية.
نحن غير ميالين للأشتقاق في لغتنا. اتذكر ان الدكتور مصطفى جواد اعترض على اصطلاح " وصلت السفينة شاطئ السلامة" بأنه استعمال غير عربي. قال العرب يركبون الجمال و ليس السفن. و انا اعتبر كليهما غلط. اذا شئنا التطور و مواكبة العصر، فيجب ان نقول وصلت المرسيدس كراج الغانية الهنغارية، للدلالة على سلامة الوصول.
بعيدا عن الغانيات و المرسيدسات ، اعتقد ان من المعقول إضافة كلمة "غزة" الى لغتنا العربية كإسم مصدر للدلالة على اي عمل تخريبي او همجي لا انساني. بدلا من ان تقول مذبحة حلبجة التي فعلها صدام حسين في كردستان تقول، " غزة حلبجة"، و هكذا. و تشير الى الفساد المستشري في العراق فتقول " غزة النهب" في العراق. و تروي ما فعله ابو جاسم بزوجته التي لم تحسن طبخ الباميا فتذكر انه فعل بها غزة يشمأز منها الانسان.
و من الممكن طبعا ، بل و المفيد في رأيي، اشتقاق شتى المفردات من صفات و افعال ، ماضي و مضارع و امر او اسم فاعل و مفعول به من مصدر " غزة". فمثلا ، بدلا من ان تقول ان الحكومة نكلت بالمتظاهرين تقول انها غزغزت بالمتظاهرين ، وهذه حسب اللهجة الحميرية او غززت بالمتظاهرين حسب اللهجة الحضرمية. و تشير الى انهيار الاقتصاد و التضخم النقدي فتضرب يدا بيد و تقول يا حسرتي على فلوسي . الدينار راح كله و تغزغز. و يرد عليك صاحبك ليطيب خاطرك فيقول لك لا تغز يا ابن عمي. هذي غزة صغيرة، يومين و تمر.
و من المعقول تطوير صيغ الدعاء المعتادة بإغنائها بمثل هذه المصطلحات الجديدة . فعندما تذهب لحفلة عرس مثلا تدعو للعروسين و ذويهما فتقول اتمنى لكم الخير و المال و البنين و ابعدكم الله من كل غزة. و إذا كان المجلس ، مجلس عزاء فتقرأ سورة الفاتحة وتقول للمفجوعين ، ادعو الله ان يخفف عنكم غزتكم ولا يريكم سواها.
و تمر الايام و الاعوام و القرون الطوال و يجلس فقهاء اللغة و استاذة الجامعات يدرسون الطلبة فيقولون : " أما غزتوة الواردة في البيت الاول من هذه القصيدة فكلمة تعني القسوة المتناهية و
اصلها غزة اشتقها اجدادنا قبل قرون في عصر الجاهلية الثاني من كارثة المت بهم عندما هجم قوم برابرة على مدنهم و عاثوا بها خرابا و ذبحوا اولادهم و نساءهم."

2 comments:

Amal said...

واقع يدمي القلب والسخرية منه تدمي القلب اكثر

عراب said...

هلو هلو دكتورة امل