Monday 6 April 2009

حلال او حرام؟

الشرعي وغير الشرعي من نفقات الدولة



في الوقت الذي انعقدت فيه قمة العشرين في لندن لإنقاذ النظام الرأسمالي المنهار، تحولت انظار الجمهور من انباء هذا المؤتمرالى تطورات حدث آخر اكثر خطرا في رأيي مما كان يفعله هؤلاء الرؤساء و مئات الخبراء و الوزراء الذين صاحبوهم. اكتشف مدققو حسابات البرلمان البريطاني ان نفقات السيدة جاكي سمث، وزيرة الداخلية في حكومة المستر براون الراهنة، قد تضمنت تكاليف افلام جنسية خلاعية. لدى التحقيق تبين ان زوجها السيد رتشارد تملي ، قد اشترى هذه الافلام من مخازن الخلاعة و الجنس في لندن و بعث بالفاتورة الى محاسب البرلمان الذي قام بتسديدها من حسابات الوزيرة الفاضلة و النائبة في مجلس العموم.
بالطبع اثار الموضوع ضجة كبيرة بين كل المتزوجين و غير المتزوجين في بريطانيا. فمما زاد القضية تحرجا وحراجة ان الوزيرة المحترمة انشغلت في الاشهر الاخيرة بحملة كثيفة لمحاربة الرذيلة و الخلاعة و الاباحية و الفساد العائلي الذي يجتاح المجتمع الغربي. فطرح السوآل، هل شاركت هذه الوزيرة الفاضلة بالتفرج مع زوجها، او لوحدها، على هذه الافلام؟ إذا كانت قد فعلت، فهل يمكن اعتبار التفرج على هذه المواد من مستلزمات الحياة الديمقراطية في الغرب من حيث التخفيف عن توترات الحكم وتشنجات العمل البرلماني عندهم؟ هل يبرر ذلك تسديد نفقات شراء هذه الافلام من الخزانة العامة ، بما يعني انني كدافع ضريبة في هذا البلد، يقتضي علي ان اتحمل تكاليف تفرج المسؤولين على الخلاعات الجنسية؟ ربما تستطيع الوزيرة المحترمة ان تقول انها في حاجة الى الممارسات العاطفية الحلال مع حليلها و انه قد نشب فيه الكبر مخالب الشيخوخة و يحتاج لهذه الافلام لتقوية الباه و بعث الحياة فيما اماته الكبر.
اسرد كل ذلك و انا افكر بالضجة التي جرت مؤخرا في العراق على هامش نفقات السيدات و السادة الاعضاء في البرلمان العراقي الحالي و ما يمكن اعتباره شرعيا او غير شرعي من نفقات النيابة.
و لكنني في الوقت الذي انشغلت فيه الاوساط العامة في بريطانيا بهذه الاسئلة الحيوية ، اعاد الموضوع لذاكرتي ما كنت افعله شخصيا اثناء الدراسة كتلميذ بعثة في بريطانيا ادرس فن الرسم في كلية شلسي. كنت اشتري " العازل" ، او ما كنا نسميه في العراق بالفرش لذر، من الصيدليات و ابعث بوصولاته الى السيد الحلي ، الملحق الثقافي للسفارة العراقية في لندن، بعد ادراجها ضمن " المواد الصحية" التي يقتضي على الدولة تسديدها لتلامذة البعثة. و كان الملحق الفاضل يسددها بدون اي سوآل عن ماهية هذه "المواد الصحية". اقول ذلك الآن و انا ادرك و اتخوف من ان وزارة التربية العراقية قد تطالبني الآن ، بعد هذا الاعتراف الصريح، بإعادة تكاليف جميع باكيتات العازل التي اشتريتها على نفقات الدولة، و العالم الاسلامي يمر الآن بهذه المرحلة الاصولية و السلفية التي تحرم استعمال العازل و مواد منع الحمل. من يدري، ربما سيقاضونني قريبا في المحاكم و يقومون بحجز اموالي المنقولة و غير المنقولة ، تسديدا لتكاليف باكيتات العازل التي اشتريتها من الصيدليات البريطانية.
و لكن ستكون لي طبعا دفوعاتي القانونية الشرعية في الموضوع. فهذه المواد كانت مهمة بالنسبة لصيانة صحتي كتلميذ بعثة من الإصابة بأي من الامراض الزهرية كالسفلس و الأفرنجي و السيلان ، بما يؤدي الى تعكير حياتي الدراسية ، و ربما رسوبي في الامتحان بالإضافة الى تحميل الدولة نفقات معالجتي من هذه الامراض السارية الخبيثة، ولا دفع نفقات طفل نغل يكبر و ينمو ، ربما هو الآن مدير احد هذه البنوك الكبرى التي سببت إفلاس العالم. بفضل ما قمت به من مبادرة و حصافة و بعد نظر ، عدت للعراق و انا سالم من كل هذه الامراض التناسلية و لم انقل للمجتمع العراقي المسلم اي شيء من فايروزات و جراثيم الحياة الغربية ، وهو مما لا يستطيع ان يدعي به الكثير من العائدين من الدراسة في الغرب، كما اعرف جيدا.

No comments: