Monday 5 January 2009

يالقندرة و النعال


سلاح القنادر

لكل شعب طريقته في التعبير عن سخطه و غضبه. نحن نفعل ذلك بالقنادر و لنا فيها سجل طويل من المعارك كالمعركة التي جرت بين بلند الحيدري والاديب نجيب المانع عندما اتهم بلند بالكذب و المداهنة. و كان آخرها ما فعله الصحافي منتظر الزيدي بهجومه بقندرتيه على الرئيس بوش. نجى منها بوش و لكن المسكين منتظر تلقى عدة كسور في اضلاعه و اطرافه. وقد سبق لعبود الكرخي ان حثنا على استعمال هذات السلاح بقوله:
النذل بالك تقربــه لذعته لذع العقربـة
شيل قندرتك واضربه بهذي اقجتها الجديدة
الهجمة الحذائية تجري شفهيا كقولنا للخصم " ابن القندرة." و هذه صيغة خفيفة من الشتم. اقساها ان تقول" احط قندرتي هذي بـ.... أمك!" . وهو ما قاله النحات خالد الرحال لفنان آخر ارتقى بالمعركة الى القنادر الحقيقية و تلقى خالد عدة ضربات على رأسه سال منها الدم جزافا.
لا يعرف الغربيون هذا الجانب من الاحذية. كثيرا ما يعتزون بها بل و يحبونها، حتى ان بعض السيدات الفرنسيات يستعملن احذيتهن السكاربيل لأغراض العادة السرية. و لكننا نحتقر الحذاء و لم اسمع قط بإمرأة عربية تستعمل نعالها لأغراض جنسية رغم كل ما تعانيه من كبت. والسبب هو ان احذيتنا قذررة و كثيرا ما تكون ملوثة بالنجس و الغائط بسبب البيئة التي نمشي عليها. و لهذا اقتضى نزع الحذاء عند الصلاة و تركه خارج المسجد رغم كل ما يتعرض له من الخطف و السرقة. و الواقع ان كل الشعوب السامية تحتقر الحذاء. عند اليهود و بعض العرب ايضا يتم الطلاق بضرب المرأة او الرجل بالحذاء. وهذه قضية كبيرة واجهها القضاء العراقي في الاربعينات. توفي تاجر نمساوي في بغداد و خلف ارملة يهودية شرموطة ساقطة. عرفت بأن لزوجها اخ غني في فينا فكتبت له تدعي انها الآن زوجته بحكم الشريعة الموسوية التي تقضي بأن ارملة المتوفى تنتقل زوجة لأخيه الحي. اذا رفض ذلك فتقوم بضربه على رأسه بحذائها امام الناس ليصبح مطلقا منها. جن جنون الرجل عندما ادرك بأن عليه ان يسافر من فينا لبغداد لتضربه امرأة شرموطة بقندرتها على رأسه امام المحكمة.
هكذا نولي هذه الاهمية للقنادربحيث اننا نعتبر توجيه القندرة ، ولاسيما نعلها، في وجه الآخرين منتهى الاحتقار و الاستخفاف. وهذه معركة شهيرة في تاريخ القنادر توقف عليها استقلال العراق و سيادته. جرى ذلك لعمي احمد القشطيني عندما اقتضى عليه النظر في قضية تتعلق بالجيش البريطاني في زمن الانتداب. طلب من الضابط البريطاني ان يتأدب ولا يوجه قندرته في وجه المحكمة. اجابه بأنه يجلس في ادب فالتقاليد البريطانية لا تعتبر الجلوس رجلا على رجل و توجيه الحذاء عيبا. فأجابه عمي بأن ذلك عيب في التقاليد العراقية وعليه ان يحترم ذلك. قال هذا بلد تابع لبريطانيا و يخضع لتقاليدها. اجابه بأن العراق ليس مستعمرة وقضاؤه مستقل. واحتدم النقاش. هل العراق مستعمرة ام دولة منتدبة ذات سيادة؟ اضطر ابو محمود لرفع الدعوى. تلاقفتها الصحف والاحزاب الوطنية وتعالى الصياح والنقاش بين البلدين. وفيه توقف مستقبل العراق السياسي على فردة قندرة.
جرى مثل ذلك لصدام حسين عندما استقبل رجلا اجنبيا جلس امامه و قندرته في وجه القائد المنتصر. لم يعد بيده غير ان يبارح القاعة وترك الرجل بقندرته وحيدا. اسرع القوم لأعلامه بالخطأ فصححه وعاد القائد المنتصر اليه. واصلا المفاوضات وخرج الرجل محملا ببضعة ملايين من الدولارات. ثمن صغير لوضع قندرة على الارض.
من الآن وصاعدا علينا ان نفتح سجلا للقنادر بأرقام قياسية يومية. كم تسوى امريكا هذا اليوم ، عشرين قندرة؟ يقولون ستنخفض في عهد اوباما الى عشر قنادر! نعيش و نشوف! و لكن كلمة واحدة منه في تأييد ما تقوم به اسرائيل في غزة سيرفع قيمته الى ثلاثين قندرة و قيمة امريكا الى خمسين نعال.

No comments: