Thursday 11 December 2008

قصة قصيرة

أحسن موته

في مقهى السرور اللبنانية الكائنة في شارع اجوير رود بلندن، وهي المنطقة التي اصبحت تعرف بين الناس باسم عربلاند، جلس ثلاثة مواطنين عرب اكثرهم شبابا و حيوية لم يقل عمره عن الثمانين سنة. جلسوا يدخنون النرجيلة و يزجون وقتهم بهذه الهواية المحببة لنفوس سائر بني قومهم ، وهي الكلام، الكلام مهما خلى من أي معنى او هدف او خبر، مفيد او غير مفيد. بيد ان حوارهؤلاء السادة الثلاثة اختلف عما كانت تضج به الطاولات الاخرى من كلام. فبينما تحدث الآخرون عن السياسة واسعارالعملة واجور العاهرات والغرام والجنس وتبادلوا النكات الوسخة ، انحصر كلام هؤلاء الثلاثة في موضوع واحد هو الموت، احسن ما يمكن من الموت و اسوء ما يمكن منه. اخذ الاول نفسا طويلا من نرجيلته بعث فيها فقاعات كبيرة سمعت قرقرتها في الرصيف المقابل ، و ربما في ساحة ماربل آرج ، ثم قال:
-" و مع ذلك ، فانا في رأيي ان احسن موتة يموتها انسان كانت موتة صاحبنا الاستاذ ابو عفيفة. هذي كانت موته … يا سلام ! سكرة".
وضع الرجل اصابعه على فمه كمن كان يتحلى بشيء لذيذ. التفت الأثنان الآخران لكلامه و كأنهم سمعوا توا نبأ من الراديو عن سقوط نظام صدام حسين او استقالة ياسر عرفات من رآسة منظمة التحرير الفلسطينية . شنف الرجلان اذنيهما ، او بالاحرى ثلاث آذانهما . فالاذن الرابعة لاحدهما فقدت وضيفتها منذ اعوام.
واصل الرجل كلامه فذكرهما كيف ان هذا الاستاذ الفاضل ابو عفيفة قضى معظم حياته في النضال الوطني و انتمى الى مختلف الاحزاب السياسية على مختلف ما عندها من برامج . و اعتقل مرتين او ثلاث من اجل المبدأ و الوطن دون ان يحظى بأي تقدير ملموس او اعتراف بفضله او رغبة في الاستفادة من مواهبه و خبرته.
-" و لكن الله رؤوف بالعباد . اذا ضاع الفضل بين الناس فلا يضيع عند الله تعالى."
قال المتحدث . فبعد كل تلك السنين الطويلة و اذ اوشك الرجل على الشيخوخة و فقد الامل في أي شيء، رن التلفون في بيته . مكالمة من مجلس الوزراء . لا ، بل هو رئيس الوزراء نفسه يعرض عليه تسلم وزارة الخارجية بعد استقالة المسؤول عنها، او بالأحرى طرده بسبب فضيحة علاقته مع مظيفة من مظيفات شركة طيران ال ـ عال الاسرائيلية.
تهللت اسارير الرجل و قبل المنصب شاكرا. اجابه رئيس الوزراء: " شكرا استاذ وحيد . راح ابعث لك كتاب التعيين حالا بيد المراسل ، و انشاء الله نشوفك بكره." وضع السماعة على الجهاز و خف راكضا او راقصا الى زوجته ام عفيفة ليخبرها بالنبأ الميمون. " نطلع اليوم نحتفل و نزور الناس و نشوّفهم. هذي حكومة تعرف اوادمها. و بلادنا ما تضيّع مواهب ابناءها."
لبس الزوجان خير ما عندهما من الثياب و خرجا مباشرة الى سوق الذهب.
" حبيبتي الغالية. كل الخير يجي من ورا وجهك الحلو. اختاري أي شي اللي يعجبك .
ولا تبالين بالثمن. احنا الآن وزراء. ولا زم تظهرين بمظهر زوجة وزير. " لم تخيب ام عفيفة ظن زوجها ، فلم يكن من طبعها معاكسته بشيء. دخلت دكان حمدي الصايغ و اشترت قلادة من اللؤلوء الثمين زينت بها جيدها و دفع الزوج المحب الفاتورة بطيبة خاطر. انصرفا لزيارة الأهل و الاصحاب. و ما كان الاستاذ ابو عفيفة يجلس في مكان الا و بدأ الحديث بقوله : " يعني اش اسوي؟ سيادة الرئيس يلح علي . و انا اعتذر و احاول و اقول له شوف لك واحد من الشباب احسن . و لكنه يصر. يقول ماكو احد يتولى شؤونا الخارجية غيري. يعني اش اسوي؟ و كل هالألحاح و الوطن يفرض علينا الخدمة.
-"لا ابو عفيفة يعني هذا واجب . و كل الناس تعرف وطنيتك و معرفتك بالشؤون العالمية."
اختتم الرجل جولته في فندق بغداد حيث تناول عشاءه المفضل من السمك المشوي و البطاطس و السلطة الافرنجية مع قنينة من الشمبانيا الفاخرة . مر بطريقه بمحلات حاجي جواد الشكرجي و استبضع منه كيلو من بقلاوته الفاخرة التهمها في السيارة .و قفل عائدا للبيت حيث وجد بانتظره كتاب مجلس الوزراء بتعيينه وزيرا للخارجية . تناوله بكلتا يديه و قبله كما لو كان بديلا شرعيا للحجر الاسود . سلمه الى زوجته : " شوفي ! شوفي ! عليه توقيع رئيس الوزراء." قبلها ثانية و قبلته زوجته للمرة العاشرة . مسكها من ثدييها ليشبع عينيه من منظر القلادة الثمينة على صدرها. عاد فقبلها . " و تسوين اكثر يا حبيبتي. كل هالخير من ورا وجهك الحلو. "
غيرا ملابسهما استعدادا للنوم و اندسا في السرير الوفير، القلادة مازالت على صدرها و يدها قابضة عليها طوال الليل . رأسها و شعرها الكستنائي المخطط بشعرا ت بيضاء هنا و هناك ، على ذراع زوجها الذي انطلق بالشخير.
اخذ المتحدث نفسا طويلا آخر من خرطوم النرجيلة ، مسح على لحيته البيضاء ثم واصل كلامه: " و لكنها لما صحت من نومها عند الصبح اكتشفت ان اليد اللي نامت على صدرها طول الليل كانت يد ميت. الاستاذ ابو عفيفة فارق الحياة في نومته خلال الليل. هذي يا جماعة ما اعتبرها احسن موتة. مرته حلاله حاضنته و نايمة ، ايده اليسرى على نهدها ، بطنه مليانة بالسمك و البقلاوة و الشمبانيا ، وايده اليمنى على كتاب رئيس الوزراء بتعيينه وزيرا للخارجية بجانبه على الطاولة . راح الى دار حقه بسلام و هو نايم. لا وجع ولا عمليات شق بطن ولا كاميو ثرابي ولا كل هالوجع الراس. ولا حتى فاتورة طبيب . بلاش ببلاش، يا حاج ابو كلاش! موته واحد يحسده عليها."
-" تمام والله. موته واحدنا يتحسر عليها."
فيما عاد ليستأنف الدخان من قارورته ، هاجمته نوبة من السعال الشديد. ظل يكح و يكح الى ان اسعفه الله تعالى ببلغمة كبيرة انتزعها من قصبات صدره و القى بها باصقا على رصيف الشارع و راء الطاولة التي جلس حولها الرجال الثلاثة. " الحمد لله!"
اكمل له زميله الثاني دعاءه بالحمد ، " الذي لا يحمد على مكروه سواه." ثم مد يده في جيبه و اخرج منديلا ورقيا كلينكس و ناوله لصاحبه، " امسح لحيتك من البلغم ابو سعيد ."
- " الله يديمك حجي . هالهوا مال انكلترا ما يلائمني . دائما تلتهب قصباتي هنا. الله الساتر."
- " جر كرسيك. جر كرسيك بعيد من الهوا. انت قاعد بوجه التيار. يا ابو سعيد و عندك ذات القصبات ."
سحب الرجل كرسيه نحو الداخل ليحتمي بحاجز المقهى بعيدا عن الريح فيما اخذ
عيسى بك يتنحنح ليصفي حنجرته و يأخذ بالكلام.
-" صحيح. هذي قصة طريفة . مسألة موتة الاستاذ وحيد العدلي . أكثر الناس يموتون في الليل. قسم و همّ نايمين. قسم وهمّ نازلين ملخ بنسوانهم. موتة مريحة .الانسان هو نايم و تطلع روحه بدون ما يعرف شلون طلعت و منين فاتت . احسن راحة. لا كتاب و لا عذاب. لا فلوس دوا ولا اجرة طبيب. لكن الواحد هنا في هالحالة وهو نايم يموت بدون أي حس او شعور. يعني شيء مثل اللاشيء. لكن آني اعرف موتات اللي فيها انس و سعادة. هذي في رأيي احسن من موتك ابو سعيد ، اقصد اللي رويتها ، موتة الاستاذ وحيد العدلي الله يرحمه. و انا احكي لكم منها موتة تنباس و تنحط على الراس."
وضع عيسى بك مسبحته الضخمة من الكهرب النقي على الطاولة و افرغ في جعبته ما بقي من ماء في السراحية . حمد الله و شكره ثم تنحنح قليلا و انطلق في الحديث.
كان حسنى الجلبي من المدمنين على القمار و كاد ذلك ان يقضي على ثروته و يحيله الى مجرد شحاذ معدم يستحق الصدقة من الرايح و الجاي لولا ان وارداته من شركات النفط كانت اكبر مما يمكن لأي روليت ان تبتلعه. و بهذا الهوس بالقمار اعتاد على الاجتماع بأصحابه كل يوم في قصره العامر قريبا من فونتنبلو ، جنوب باريس. كان منهم وديع بك الذي كسب من المخابرات عشرين او ثلاثين مليون دولار. ثم التاجر الأسكندراني الذي اشترى كل فنادق مدينة سان ستيفن السياحية من ثمن الاسلحة الفاسدة التي باعها للجيش المصري. بينهم ايضا المهرب الكبير الأديب و الشاعر المعروف عبد الصادق حلمي . كل من اشتغل بتهريب المخدرات تعلم الصنعة من عبد الصادق حلمي . كانت اخته متزوجة بوزير الداخلية. كانوا شلة من اكابر رجال المال . أي مشكلة عندك يحلوها بتلفون واحد بمجرد ان تدفع. عيونهم ما تشبع من الفلوس، ولا ايديهم من لعب القمار.
اجتمعت هذه الزمرة في بيت حسني الجلبي و نصبوا المائدة و بدأ البوكر. اعتاد القوم على لعب القمار بمسكوكات الكروكراند الذهب التي كانت تستورد من افريقيا الجنوبية و ملأوا بها سراديبهم تهربا من الضرائب و الحساب. كانت كل قطعة منها تساوي نحو اربعمائة دولار في تلك الايام. و كالعادة بدأوا بعشرة كروكرندات من الواحد في كل دور ثم ارتفع العرض الى عشرين ، فخمسين ، فمائة . غصت الطاولة حتى كادت تنهار تحت ثقل الاكوام الذهبية المطروحة فوقها ، تدور يمينا و شمالا ، اماما و وراء ، من الاستاذ عبد الصادق حلمي الى الجلبي ابو حسون ، ثم تدور الأعمدة الذهبية الى وديع بك ، و لكنها لا تلبث امامه غير لحظات حتى تنقسم ، يذهب البعض الى هذا ثم صاحبه الآخر مصحوبة بكثير من الضجيج و الانين يتخلله الكثير من اسماء الله الحسنى بالدعاء او الشكوى او الحمد و الشكر وهلمجرا. فقد كانوا قوما صالحين و يخافون ربهم و يقضون فرائض في مواقيتها. لم ينكروا قط فضل ربهم عليهم او ينسوا ذكره بأن كل ما اصابهم من خير كان من فضل الله تعالى.
ظلت الاوراق تتداول بين اناملهم و وجوههم الصماء كجرائدنا الوطنية ، لا تنضح بأي مؤشر او دليل او خبر. جاء دور حسن الجلبي ليكشف اوراقه على الطاولة : ستة كلب ، سبعة كلب ، ثمانية كلب ، تسعة كلب ، عشرة كلب .
- " ستريت فلوش ! "
صرخ الجلبي متهيجا . و مد كلتا يديه ليسوق اكوام الكروكراند الى جانبه في حين وقف الآخران اجلالا و احتراما للستريت فلوش الباهر. و لكن الفاضل حسن الجلبي لم يقف معهم . الواقع انه لم يستطع رفع رأسه الذي انهار بفعل نوبة قلبية قاصمة فسقط على اكوام القطع الذهبية التي راحت تتناثر حوله . لفظ انفاسه الاخيرة على اصوات رنين الذهب المتساقط الى الارض.
-" هذي يا سادة ما اعتبره احسن موته . شخص قضى حياته في حب الفلوس يموت محاطا بها و خده فوق مسكوكاتها . ثم يلفظ انفاسه الاخيرة على رنينها السحري ، و لسانه يلفظ بخشوع آخر كلماته في الحياة قبل لقاء وجه ربه : ستريت فلوش. ثم يغمض عينه."
-" ئي نعم عيسى بك . ستريت فلوش."
قال السيد ابو سعيد لزميليه . قال الآخر ،" الله يرحمه. موته تسوى، و احسن من موتة وحيد العدلي في رأيي." لكن السيد جاسم عبد الحق ، المفتش المتقاعد من ضريبة الدخل كان له رأي آخر. " بس يا جماعة الخير انا عندي موته ما تنافسها أي موته اخرى في الروعة. بس اسمحوا لي بالأول ابلع حبايتي ." اخرج السيد جاسم علبة صغيرة من جيبه و التقط قرصا من اقراص ضغط الدم . بلعه مع شيء من الماء رافعا رأسه كمن يتطلع الى السماء .
- " شلون ضغطك هالأيام ابو سليم؟ انشا الله زين."
- " أي زين؟ و كل يوم يخضون اعصابنا بقرار جديد من مجلس قيادة الثورة. "
- " تنقضي. المهم انت هنا و اكو حبوب لضغط الدم براس الشارع."
- " و فياغرا ايضا ."
اضاف السيد عيسى بك . و عاد مفتش الضريبة المتقاعد ليروي حكايته . " احسن موته ماتها انسان حسب رأيي كانت موتة الكمنجاتي ابو ساسون…" و قبل ان يكمل جملته
قاطعه ابو سعيد : " معلوم. و الله عرفت. اليهود حتى بالموت ياخذون احسن موته."
- " بدون شك . واحدهم محضوض حيا و ميتا."
كان ابو ساسون يكسب قوته من عزف الكمنجة في ملهى الجواهري القديم في شرع الرشيد ببغداد مع بقية الجوق . لم يكن من شأن العازفين ان يقعوا في حب احد ممن يعتلين المسرح ، او الشانو كما كانوا يسمونه، من راقصات او مغنيات ، و خاصة عندما يكون العازف من بني اسرائيل. الوقوع في هوى الفنانات شأن من شؤون شيوخ الاقطاع و كبار ضباط الجيش و الشرطة . بيد ان ابو ساسون شق عن الطريق و هام حبا بالرقاصة اللبنانية افتخار. و رغم كل ما جاد به عليها من هدايا و خدمات و مذلة فانها لم تستجب لعشقه. كانت رقاصة محترفة و تحترم اصول حرفتها . و لم تكن الاستجابة لهوى كمنجاتي او عواد او طبلجي مما يليق بأي رقاصة تحترم مهنتها. عبثا حاول الآخرون ثني الاخ ابو ساسون عن رغبته او تحويل هواه بعيدا عن افتخار.
-" يا عزيزي يا حسقيل ، انت يهودي ومن بني اسرائيل وتريد تورط نفسك ببنات الكوييم، هالاسلام و النصارى! صيرعاقل وشوف لك وحدة من بنات دينك واسترعلى حالك قبل ما يطلع لك واحد يحبها. يكسرظهرك و يتهمك بالتجسس لأسرائيل و يلعن حظك."
وكان هذا في الواقع ما حدث. وقع في حب الرقاصة افتخارأمير من امراء الخليج. ظلت تصده عن نفسها حتى جرته الى الزواج بها فحملها عروسا الى دياره . اما حسقيل ابو ساسون فترك البلاد وهاجر الى اسرائيل ثم ترك اسرائيل و هاجر الى لندن حيث تحول من دنيا الموسيقى الى دنيا المال و الاعمال ، كما يفعل أي يهودي عاقل يسمع نصائح امه. ولكن حب افتخار ظل ينهش في قلبه. لم ينسها ، و الظاهر انها هي ايضا لم تنسه. فعندما احتاج زوجهاالأمير الى وكيل لفلوسه وارصدته السرية في الخارج، رشحت له الكمنجاتي القديم. وقام بالمهمة خير قيام. كان يتسوق ويشحن لها حتى ملابسها الداخلية من الستيانات الى لباسات النايلون.
رن جرس التلفون في شقته البسيطة في ميدافيل واذا بالصوت من الطرف الآخر ، صوت افتخارالرقاصة زوجة سمو الامير. " حسقيل عيني، انا في هيثرو . وصلت قبل شويه. لا تطلع من البيت. انتظرني. عندي شغل مهم وياك. تسمع؟ … حبيبي انت."
ادرك السيد جاسم انه قد وصل مرحلة حاسمة من حكايته بعد ان لاحظ الملل يبدو في وجه صاحبيه ، وهما يتسائلان ، اين كل هذا الكلام من صدد ما كانوا يتحدثون عنه. و لكنه اخذ جرعة أخرى من الماء ، مسح شواربه و نادى على الخادم ان يأتيه بقدح جديد ، ثم واصل كلامه.
"ما اطوّل الكلام عليكم. الشغل المهم اللي جاب افتخارلأبو ساسون هوانها تريد منه أن يحبلها و يعطيها ولد. "
مضت مدة غير قليلة و لم تحمل افتخار من زوجها الامير فأدركت حراجة موقفها، لا بل و حراجة موقفه ، و الكل ينتظر منه وريثا للملك و السلالة الكريمة. لم يعد بيد افتخارغير ان تقوم باللازم وعلى مسؤوليتها ، وقبل ان يطلقها و يشوف له واحدة غيرها.
- " لكن يا اخونا جاسم ليش راحت على يهودي من دون الناس؟ يعني ماكو بين المسلمين واحد يقوم بالغرض؟ عيورتهم ماتت؟"
- " لا ما ماتت الحمد لله . لكن لسانهم ما مات. جماعتنا ما يحفظون سر. ثاني يوم كل الدنيا تعرف بالفضيحة. اليهود تقدر تأمنهم على اسرارك. ليش كل اغنياءنا وكلاءهم يهود و ما يتعاملون الا ويا يهود؟ لأن اليهود ما يفضحون اسرارهم."
-" اذا كانوا هالشكل ما يفضحون اسرار، انت شلون عرفت بالقصة؟"
- " اعطيني فرصة با ابو سعيد . اعطيني فرصة اكمل قصتي."
واصل مفتش الضريبة السابق حكايته . وصلت افتخار بسيارتها الليموزين الى بيت الكمنجاتي . افرغت حقائبها و انهالت بالقبل و العناق على ابو ساسون و كأنها قضت كل حياتها تتطلع الى ليلة هذا الوصال. و قام من جانبه بما يلزم و يليق بحفلة عرس طالما حلم بها منذ ان وطأت افتخاربقدميها شانو ملهى الجواهري ، و رقصت وهزهزت بطنها و وركيها امامه. نعم و يقال بحق. ظل حسقيل الكمنجاتي مخلصا طيلة حياته لحبها و ذكراها.
- " انا بخدمتك يا عيوني. أي شي تطلبين."
اكلا و شربا ما طاب من الطعام و الشراب ، ما حل وما حرم منه. اخرج كمنجته القديمة ، ضبط اوتارها و انطلق يعزف لها كل تلك الالحان القديمة ، في حين انطلقت هي فنضت عنها ثيابها و راحت ترقص له كما خلقها الله. تضحك و تغني و تهذرف بالكلام الحلو، حتى دنت ساعة العمل، الشغل المهم الذي جاءت من اجله. وكعادته في كل ما يكلف به، قام ابو ساسون باللازم .
-" و بعد ما فرغ ابو ساسون بزره فيها ، مسك صدره بألم شديد و فارق الحياة. فارق الحياة بين فخذي المرأة اللي حبها طيلة حياته . بطنه على بطنها ، صدره على صدرها ، لسانه في فمها، و ايره في فرجها . موته ملوكيه."
- " ما تصير موته مثل هالموته ابدا."
- " هذا اللي كنت اقوله. كل الزين يروح لليهود."
- " مات قرير العين ، مات و هو يعرف ان الولد اللي بزره من افتخار راح يصير شيخ الأمارة. "
____ 00000 ____


1 comment:

Anonymous said...

بدأت تنهال علينا قصصكم الجميلة يا أستاذ خالد !!,
إنه ثالوث الرغبة ..السلطة والمال والجنس!
أبطال هذه القصة ماتوا بعد أن حققوا أعز أمنياتهم ..الأول حلم بالوزارة وتحقق حلمه مع إنه لم يمارس هذا الحلم ولكن يكفيه إنه مات سعيدا..

تذكرت قصة المجنون الذي أتاه عاقل أو طبيب يختبره فتحول الحوار بالعكس أي أن المجنون صار يسأل الطبيب فسأله السؤال التالي: متى تحصل لذة النوم؟؟ فقال العاقل أثناء النوم فقال المجنون: كيف تشعر بلذة وأنت غائب عن الوعي؟؟ .. إحتار العاقل فقال بعد إنتهاء النوم فتعجب المجنون من جوابه فكيف تحصل اللذة بعد إنتهاء الشيء!! فقال إذن تحصل قبل النوم فصاح المجنون : هل أنت مجنون ! لذة تحصل قبل حدوث الفعل وهو النوم؟؟ فخرج العاقل من عنده يضرب كفا بكف!!

حقيقة وبلسان المحب أقول بأن اليهودي أوفر حظا فقد تحصل على من يريد قلبه
ونتعها نتعة كان يحلم بها منذ صباه !!!

ولكن بلسان آخر متعطش للذة الإيمان والعبادة سأروي قصة إنسان آخر أعرفه

لقد كان إمام مسجد قريب من بيتنا .. هذا الرجل كان فريدا من نوعه رحمه الله .. كان شاعرا أديبا خطيبا وكان يدعو إلى الله كأحسن مايكون بالموعظة الحسنة وبأسلوب محبب من قبل الجميع .. كان الجميع يحبه ويحضر المصلين لأداء صلاة الجمعة معه من مسافات بعيدة كي يستمعوا إلى خطبته

عاش رحمه الله حياته ولم يتسبب إلا بكل خير للناس ولا تجد إنسان إلا يترحم عليه بعد موته

حضر ليصلي صلاة الفجر كما أخبرنا من صلاها معه .. كان سليما معافى مع إنه رحمه الله قارب الثمانين .. صلى الركعة الأولى ثم الثانية وفي السجدة الثانية من الركعة الثانية وبكل هدوء وطمأنينة إنتقلت روحه إلى بارئها وسط دموع المصلين

نقلوه إلى بيته بعد أن فارق الحياة ولكنه إلى الآن لم يفارق قلوب الناس وأنا منهم ..

لا أدعي الصلاح وكنت وقتها شابا أصلي معه بعض الصلوات وتفوتني صلوات أخرى ولكن ما زلت أحب هذا الرجل الصالح وأتذكره بالخير والحب : إنه الأديب الراحل والشيخ الجليل أحمد فرح عقيلان

ألا ترى معي إن موتته بهذه الصورة أجمل من أبطال قصتنا بمليون مرة