Wednesday 5 August 2009

لغوة و لغويات

من مطبات اللغة

يا ما و ياما وقع به الناس من مآزق و سوء فهم بسبب استعمال لغة اخرى. روت لي الليدي اليزابث ونديم عن محنتها عندماعملت كموظفة في السفارة البريطانية في الخرطوم. كانت الليدي ويندم على درجة كبيرة من الحسن و بداعة الجسم. اثارت بجاذبيتها الرئيس السوداني عندئذ فحاول مراودتها اثناء الرقص معها. طرح عليها الالتقاء في موعد غرامي. اعتذرت. بيد ان سحرها ظل يستأسر بقلبه فكرر المحاولة. و هنا حاولت ان تضع حدا للموضوع فقالت له No! period
استعمال امريكي يعني بين الكتاب ما يعنيه عندنا قولنا للسكرتيرة " نقطة راس السطر" ، اي نهاية الفقرة او الفصل، اي اغلق الموضوع . غير ان للكلمة معنى آخر في الانكليزية يعني العادة الشهرية للمرأة. وهو ما فهمه الرئيس السوداني منها. فقرر تأجيل الموضوع حتى تنتهي من عادتها. و بالفعل عاد بعد بضعة ايام فكرر الدعوة بالتلفون. و كررت هي اعتذارها بنفس الكلمتين. قال لنفسه: يا مسكينة! تحتاج كل هالأيام حتى تخلص من عادتها." امهلها اسبوعا آخر وكرر الكلام. و كررت الاعتذار. قال لها: " الله! يعني ايه؟ عادتك تحتاج شهر؟"
و في مقابل ذلك حدثني السير جيمس غريك عن ورطته عندما كان سفيرا لبلاده في دمشق. سعى لعقد اتفاقية بين البلدين و بالفعل نجح في تحقيق ذلك و حدد موعد لزيارة وزير الخارجية البريطاني الى سوريا للآلتقاء برئيس الجمهورية و توقيع الاتفاقية. بيد ان تطورات سياسية في المنطقة اثارت إشاعة بأن الرئيس السوري لن يستقبل الوزير البريطاني او يمرر الاتفاقية. قلق السير جيمس من ذلك و عمد الى ارسال كلمة سريعة لمكتب الرئيس يطلب فيها لقاء سريعا معه, و لكنه كمستعرب ملم باللغة العربية شاء ان يستعرض معرفته بها فبعث الرسالة باللغة العربية و بخطه الجميل ليقول: " انا متهيج جدا. و لابد لي ان اجامع سيادة الرئيس فورا!" لحسن الحظ كان مدير مكتب الرآسة شابا ذكيا واعيا ( وهو نادر) فأدرك ان ما كان يقصده السفير البريطاني هو " انا مرتبك جدا ولا بد لي ان اجتمع بالرئيس فورا."
الحمد لله لم تنفجر ازمة بين البلدين و تمت الاتفاقية بدون مجامعة الرئيس.
اننا بدون شك مهووسون بالجنس. و الظاهر ان هذا الهوس اوقعنا في كثير من المطبات باستعمالنا لكلمة " نيك". يعبر اهل جنوب العراق عن فكرة الانتظار بقولهم " يتنى" بمعنى يستنى. زار الدكتور زكي مبارك مدينة النجف عند وجوده في العراق و رتب موعدا للآلتقاء بالشاعر الشيخ علي الشرقي. بيد ان ارتباكا في التوقيت حال دون اجتماعهما. التقى الشيخ بالكاتب المصري فعاتبه على تخلفه عن الموعد قائلا: " والله يا دكتور، انا كنت في البيت قاعد اتناك و اتناك ساعتين بالتمام و انا اتناك و انت ماكو."
و " يتمنيك" عند التوانسة يعني يتمازح ويتداعب. حاول المنجي سليم مداعبة السيدة وسيلة ، زوجة الرئيس التونسي، فالتفتت الى زوجها امام حشود الضيوف العرب و الدبلوماسيين الاجانب و قالت " شايف يا الحبيب كيف المنجي يتمنيك علي!"
لأخواننا التونسيين مشاكل مع اللغة العربية. وقف الحبيب بورقية يخطب بالجمهور ذات يوم و قال: " سنسعى الى النهوض بتونس بكل وسيلة." فانفجر جموع الشعب بالهتاف : " تعيش وسيلة! ... تعيش وسيلة!"
عينت الحكومة العراقية صديقي الدبلوماسي اقبال الفلوجي لمرافقة الرئيس سكو توري اثناء زيارته لبغداد. و استضافته بقصر الزهور الملكي. ذهب الرئيس عبد السلام عارف، صاحب انقلاب 1958، لزيارته و معه صاحبنا ليترجم له. كان فيما قاله للزعيم الافريقي ، انظر الى هذا القصر! انا كنت المسؤول عن حراسته. لاحظ ان المترجم لم يترجم هذه الكلمة. فقال له : " ليش ما ترجمت هذا؟ قل له انا كنت المسؤول عن حراسة هذا القصر!" فأجابه قائلا" سيادة الرئيس احسن ان ما اترجم ذلك . لأنه سيقول " حاميها حراميها!"
ابتسم الرئيس عارف و قال" ملعون! انت حقيقة دبلوماسي بارع و تعرف شغلك!"

0000000000000

No comments: